تضاربت
الروايات بشأن نتائج الاجتماع الرباعي في موسكو، والذي جمع وزراء الدفاع ورؤساء
المخابرات في
تركيا وروسيا وإيران ولدى النظام السوري، وهو الاجتماع الثاني من
نوعه، منذ إعلان تركيا عن بدء عملية التقارب مع
الأسد.
وعقب
انتهاء الاجتماع، أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانا أكدت فيه أن الاجتماع ناقش الخطوات
الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، وسبل تكثيف الجهود
لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم.
ولم
يتطرق بيان الدفاع التركية لأي تفاصيل تتعلق بانسحاب القوات التركية من مناطق
انتشارها في شمال غربي
سوريا، لكن وسائل إعلام مقربة من النظام السوري أكدت أن
الاجتماع بحث انسحاب القوات التركية وتطبيق الاتفاق حول طريق "M4" الدولي، دون
التطرق لأي خطوات للتطبيع بين أنقرة ودمشق.
في
المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية، إن الاجتماع الرباعي ناقش الخطوات العملية في
مجال تعزيز الأمن في سوريا وتطبيع العلاقات السورية- التركية، مشيرة إلى أن جميع
الأطراف جددت رغبتها في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وضرورة تكثيف الجهود من أجل
العودة السريعة للاجئين السوريين إلى وطنهم.
ورأى
محللون سياسيون وعسكريون تواصلت معهم "عربي21" أن الاجتماع الثاني
لوزراء الدفاع يعتبر فاشلا، مؤكدين أن مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق لن يكون سهلا.
ابتزاز
انتخابي
الكاتب
والسياسي السوري، درويش خليفة، قال في حديث مع "عربي21"، إن إصرار نظام
الأسد على شرط انسحاب القوات التركية من شمال سوريا، يستند إلى ابتزاز الجانب
التركي قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها في 14 أيار/ مايو المقبل، ظنا منه
أن مسألة التطبيع مرتبطة بالانتخابات فقط.
ورأى
أن القيادة السياسية التركية ليست بصدد الانسحاب من سوريا في ظل وجود قوى غير
منضبطة على طول شريطها الحدودي وعودة نشاطات تنظيم الدولة، والتنظيمات الكردية
المعادية لسياسات أنقرة.
وأشار
إلى أن تركيا دخلت إلى الشمال السوري، بقرار أحادي دون الرجوع لأي من القوى
المحلية والخارجية، لحماية حدودها من توسع المليشيات المصنفة على لوائح الإرهاب
التركية والدولية، في إشارة إلى حزب "العمال الكردستاني"، لافتا إلى أن
انسحاب القوات التركية يحتاج موافقة غالبية الأحزاب السياسية في البرلمان، استنادا
على تقارير استخباراتية وخطط عسكرية.
وأضاف:
"الاحتمالات ربما تكون أدق بعد 15 أيار/ مايو المقبل، حيث يُعرف من سيحكم
تركيا لخمس سنوات جديدة".
ورجح
أن تشهد الجولات المقبلة من المباحثات بين تركيا والنظام السوري، برعاية روسية
ومشاركة إيران، توافقات جزئية لا تتعدى تبادل التقارير الاستخباراتية في
المدى المنظور.
اتفاق
تسوية
وحول
إمكانية التوصل لتفاهمات بين تركيا والنظام السوري، على غرار ما حصل في درعا من "اتفاقيات
تسوية"، استبعد خليفة إجراء مصالحات في الشمال السوري الذي يضم نحو 4 ملايين
نازح ومقيم، مع وجود كتل عسكرية كبيرة تمتلك عددا كبيرا من الأسلحة، مؤكدا أن أي
عملية عسكرية للنظام وروسيا بالقرب من الحدود التركية الجنوبية لن تكون في مصلحة أنقرة،
نظرا لحالة الانفلات الأمني واحتمالية تدفق كبير للاجئين الرافضين لحكم الأسد.
من
جهته، رأى الخبير العسكري والضابط المنشق عن النظام السوري، أحمد رحال، أن المفاوضات
بكل تأكيد تمهد لخلق تسويات، وبغير ذلك لا يمكن انسحاب تركيا من سوريا، ولا يمكن
للنظام أن يوافق.
وأعرب
عن خشيته من وجود عدد من القادة العسكريين المستعدين لإجراء التسويات مع النظام
السوري.
وأضاف:
"إذا كان الجنوب السوري يحوي أحمد العودة فقط، فإن الشمال يمكن أن يكون فيه
أربعة أو خمسة أشخاص يرغبون بالتسوية".
واستبعد
انسحاب تركيا من الشمال السوري قبل تحقيق غايتها التي دفعتها للدخول إلى المنطقة،
والتي تتمثل بمكافحة الإرهاب ووقف تدفق اللاجئين، وخلق بيئة آمنة على حدودها
الجنوبية.
ورأى
أن القوات التركية المنتشرة في سوريا تحتاج لأقل من 3 أشهر للانسحاب باتجاه
الأراضي التركية، لأن الجيش التركي ليس لديه بنية تحتية، وجميع النقاط عبارة عن
منشآت مؤقتة.
وتواجه
عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق صعوبات بعد سنوات من العداء بين الطرفين، إذ يتهم
النظام السوري تركيا بدعم مجموعات إرهابية واحتلال الأراضي السورية، في حين تعتبر
تركيا وجودها ضمن الأراضي السورية شرعيا استنادا على اتفاقية أضنة لعام 1998 التي
تتيح لتركيا الدخول إلى الأراضي السورية في حال وجود خطر يهدد الأمن القومي
للبلاد، بحسب ما أفاد به عدة مسؤولين أتراك في وقت سابق.