اتهم تقرير نشرته صحيفة "
ذي هيل" الأمريكية روسيا بالسعي إلى تأجيج الصراع الذي تشهده
السودان، في ظل الاشتباكات المسلحة بين
الجيش وقوات
الدعم السريع منذ 15 نيسان/ أبريل الجاري.
وقالت الصحيفة إن روسيا تعمل على صب الزيت على النار في مواجهات السودان، حيث تنتظر مجموعة "
فاغنر" الروسية الخاصة الضوء الأخضر للانخراط في الصراع بين الجيش و"الدعم السريع"، كجزء من خطة موسكو لتوسيع عملياتها في جميع أنحاء أفريقيا.
ونقل التقرير عن خبراء قولهم إن أهمية "فاغنر" بالنسبة لروسيا تكمن في كون تحركات المجموعة المسلحة الموالية للكرملين في أفريقيا تساعد كثيرا في تمويل الحرب التي تشنها موسكو في أوكرانيا، منذ أكثر من عام.
وبحسب الصحيفة، فإن يفغيني بريغوجين، مؤسس مجموعة "فاغنر"، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يخطط لإشراك مرتزقته في القتال من أجل السيطرة على السودان وتقديم الأسلحة إلى "الجماعات شبه العسكرية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".
كما يسعى بريغوجين إلى استغلال علاقاته بالأطراف داخل السودان من أجل تحقيق مكاسب لموسكو، بحسب الصحيفة، التي قالت إن مجموعة "فاغنر" تضع عينها بقوة على السودان، خاصة بعد أن أعلن بريغوجين في بيان الأسبوع الماضي استعداده للمساعدة في التوسط لإنهاء القتال.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مجموعة "فاغنر" عرضت تقديم أسلحة بما في ذلك صواريخ أرض- جو لقوات الدعم السريع، على الرغم من أن قائد القوات الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو نفى وجود أي صلة بالمليشيات الروسية.
ونقلت "ذي هيل" عن مدير معهد ميدلبري للدراسات الدولية جيسون بلازاكيس قوله إنه "في حال صحت هذه التقارير فهذا يعني أن مجموعة فاغنر قد ذهبت بعيدا".
وأضاف أن المجموعة ربما تقدم على تصعيد حدة الصراع من خلال تحريض الطرفين المتحاربين، أو على الأقل ضخ السلاح من أجل تحويله لحرب أهلية.
وبحسب بلازاكيس، فإن الوقت وحده كفيل بمعرفة الحجم الحقيقي لمستوى تدخل فاغنر في الصراع الدائر حاليا، لكنه لفت إلى أن المجموعة "تعمل الآن بشكل لا لبس فيه على زعزعة استقرار السودان".
وفي السياق، قالت صحيفة "الإندبندنت" إنه من غير المعروف ما إذا كانت أسلحة "فاغنر" قد وصلت مطار مروي، الذي كان وقتها تحت سيطرة قوات حميدتي حليف بوتين.
وبحسب الصحيفة، فإن بعض المسؤولين الأمنيين الأمريكيين يزعمون أن فاغنر حاولت تأجيج العنف في السودان ردا على محاولات واشنطن طردها من البلاد.
ومع ذلك، يتساءل آخرون عما إذا كانت موسكو تريد فعلا زعزعة السودان في وقت تريد فيه استثمارات عسكرية هناك، منها إقامة قاعدة بحرية في البحر الأحمر.
لكن من الواضح أن "فاغنر" تستغل السودان لتمويل حربها في أوكرانيا، حيث تنفق هناك شهريا 100 مليون دولار، وذلك من خلال الاستثمار في مناجم الذهب بالتعاون مع حميدتي، بحسب الصحيفة.
وقالت "الإندبندنت" إن لفاغنر بقيادة بريغوجين دورا كبيرا في نقل الأسلحة للسودان، والحصول على الذهب أيضا بحسب تقارير استقصائية فقد قامت فاغنر بحوالي 16 رحلة جوية عسكرية من السودان إلى روسيا مرورا بمطار اللاذقية السوري ومن خلال جمهورية أفريقيا الوسطى لنقل ذهب بقيمة ملياري دولار خلال 18 شهرا.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن من حق السودان الاستعانة بخدمات مجموعة فاغنر الأمنية الخاصة.
وأدلى لافروف بهذا التصريح خلال مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة، وأشار إلى أن "فاغنر هي شركة أمنية خاصة"، معتبرا أن "ما يحدث في السودان مأساة ويجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية الأفريقية".
وقبل ذلك، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من أن يفاقم دور مجموعة فاغنر الروسية النزاع في السودان، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الكيني: "نشعر بقلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين، مجموعة فاغنر، في السودان".
وأضاف أن مجموعة "فاغنر" النشطة في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والمشاركة في الغزو الروسي لأوكرانيا، "تجلب معها أينما تحركت المزيد من الموت والدمار".
وخلال حكم الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، شهدت العلاقات العسكرية تطورا كبيرا بين الخرطوم وموسكو، حتى أصبحت روسيا مصدر السلاح الرئيسي للجيش السوداني.
وتزامن ذلك مع اندلاع حرب في دارفور في غرب البلاد من جهة، وحرب أخرى بين السودان وجنوب السودان من جهة أخرى. علما أنه كان هناك حظر دولي على السلاح إلى السودان.
في عام 2017، وقّع البشير اتفاقا مع روسيا على إنشاء قاعدة على البحر الأحمر تستضيف سفنا روسية بما في ذلك سفن تعمل بالوقود النووي، على أن يتمركز فيها 300 جندي.
وفي تموز/ يوليو 2020، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على زعيم مجموعة "فاغنر" واتهمته "باستغلال الموارد الطبيعية للسودان لتحقيق منفعة شخصية".