تستعد تركيا لإجراء انتخابات "مصيرية" على صعيدي الرئاسة
والبرلمان، بينما تواصل الأحزاب السياسية حشد مناصريها للتوجه إلى صناديق الاقتراع،
بهدف السيطرة على أغلبية مقاعد البرلمان والتي بلغت 600 مقعد.
ولا تختلف حدة الانتخابات البرلمانية عن الانتخابات الرئاسية التي
يتنافس فيها رجب طيب
أردوغان مع ثلاثة مرشحين أبرزهم كمال
كيلتشدار أوغلو عن تحالف
الطاولة السداسية.
التحالفات
ويدخل حزب "
العدالة والتنمية" انتخابات 14 أيار/ مايو
الجاري أملا في الحفاظ على الأغلبية البرلمانية لدورة تشريعية جديدة.
وفضلت أحزاب "الحركة القومية" و"الاتحاد الكبير"
و"الرفاه الجديد" الداعمة لأردوغان في السباق الرئاسي، المشاركة في
الانتخابات البرلمانية بشعاراتها الخاصة.
واعتمد أردوغان على وزراء حكومته في الانتخابات البرلمانية حيث يشارك
15 وزيرا من أصل 17 في قوائم "العدالة والتنمية".
ورغم اتفاق تحالف الطاولة السداسية على اسم كيلتشدار أوغلو لمنافسة
أردوغان بالانتخابات الرئاسية، إلا أن أحزاب المعارضة شكلت تحالفات برلمانية
منفصلة.
وقررت زعيمة حزب "الجيد" ميرال أكشنار دخول الانتخابات بقوائم
مشتركة مع "الشعب الجمهوري" في 16 ولاية، على أن يتصدر في تسع منها
"الشعب الجمهوري" ويتصدر في السبع الأخرى "الجيد".
وانخرطت أحزاب "السعادة" و"المستقبل"
و"الرفاه والتقدم" للدخول بقوائم انتخابية مشتركة مع "الشعب
الجمهوري"، ما يتيح للأحزاب الصغيرة إمكانية الفوز لنحو 30 شخصا.
قانون الانتخابات
وأجرت تركيا تعديلات على قانون الانتخابات البرلمانية تضمنت 14 بندا،
بهدف إصلاح النظام الانتخابي، وإعادة ضبط تأثير التحالفات على توزيع النواب.
وخفضت التعديلات التي أقرت في نيسان/ أبريل 2022 العتبة الانتخابية
من 10 إلى 7 بالمئة وهي النسبة الأدنى من الأصوات التي تتيح لأي حزب الدخول إلى
البرلمان.
ويوضح القانون الجديد أن العتبة الانتخابية هي خاصة بالأحزاب وليس
التحالفات، ما يعني أن وجود الأحزاب الصغيرة ضمن تحالفات لا يضمن دخولها إلى
البرلمان.
سيطرة "العدالة والتنمية"
شهدت الانتخابات البرلمانية (التشريعية) تغيرا كبيرا في خريطة
الأحزاب الموجودة داخل البرلمان التركي، بعد أن اكتسح حزب العدالة والتنمية المشكل
حديثا حينها، أغلبية المقاعد البرلمانية.
وأجريت انتخابات 2002 في ظل أزمة اقتصادية خانقة ترافقت مع الانهيار
المالي في تركيا، ما منع عدة أحزاب من الوصول إلى العتبة الانتخابية المحددة بنسبة
10 بالمئة من الأصوات.
واكتسح "العدالة والتنمية" المقاعد البرلمانية بعد فوزه بنسبة
34 بالمئة من الأصوات ليسيطر على أغلبية المجلس بواقع 363 مقعدا من أصل 550.
ونجح حزب آخر فقط وهو "الشعب الجمهوري" في تجاوز العتبة
الانتخابية، بعد حصوله على 19 بالمئة بواقع 178 مقعدا، بينما انتخب تسعة مستقلين
فقط.
انتصار "العدالة والتنمية" الكبير في أول انتخابات
برلمانية مكنه من تشكيل أول حكومة حزب واحد، بعد أكثر من عقدين على قيادة
الحكومات الائتلافية للبلاد إثر الانقلاب العسكري عام 1980.
وتولى عبد الله غول أحد مؤسسي "العدالة والتنمية" مهمة
تشكيل الحكومة لعام 2002، في ظل الحظر السياسي على أردوغان حينها، الذي حكم بالسجن
لمدة 10 أشهر في عام 1998 لتلاوة قصيدة اتهم فيها بالتحريض على التعصب العنصري.
وألغت الحكومة التركية عام 2003 الحظر السياسي على أردوغان، وأجرت
انتخابات فرعية في ولاية سيرت انتقدتها المعارضة بشدة، لكنها مكنت أردوغان من
الصعود إلى سدة الحكم في أذار/ مارس 2003.
تجديد الانتصار
نجح "العدالة والتنمية" بتسجيل حضوره في أوساط الناخبين
الأتراك ليجدد فترة حكمه خمس سنوات إضافية في انتخابات عام 2007، والتي شهدت زيادة
أنصار الحزب، حيث حقق نسبة 48.8 بالمئة، مكنته من كسب الأغلبية، بينما حصل "الشعب
الجمهوري" على نسبة 20.9 بالمئة كثاني الأحزاب المخولة بدخول البرلمان.
وسجلت الانتخابات البرلمانية لعام 2007 عودة حزب "الحركة
القومية" الذي جاء في المركز الثالث بعد تجاوزه العتبة الانتخابية وحصده نسبة
14.3 بالمئة من الأصوات. وشغل العدالة والتنمية 342 مقعدا في البرلمان المكون من 550 نائبا
بينما شكل "الشعب الجمهوري" جبهة المعارضة الرئيسة بشغله 111 مقعدا
مقابل 70 مقعدا لـ"الحركة القومية".
أغلبية دون تحكم
حافظ "العدالة والتنمية" على تفوقه في البرلمان بانتخابات عام
2011، رغم تسجيله تراجعا بعدد المقاعد حيث فاز بـ326 مقعدا (أغلبية)، بعد أن كان
يشغل 342 مقعدا بالبرلمان السابق.
وأظهرت النتائج فوز "العدالة والتنمية" بنسبة 49.9 بالمئة،
فيما حصد "الشعب الجمهوري" نسبة 26 بالمئة سيطر من خلالها على 135
مقعدا، وجاء "الحركة القومية" ثالثا بنسبة 13 بالمئة و55 مقعدا
برلمانيا.
تعثر وتصحيح مسار
تعثر "العدالة والتنمية" في انتخابات حزيران/ يونيو 2015
رغم تحقيقه أغلبية مقاعد البرلمان (258 مقعدا)، ما أجبره للاتجاه نحو تشكيل حكومة
ائتلافية.
ودخل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى البرلمان في انتخابات 2015، بعد
تجاوزه العتبة الانتخابية وحصده 12.12 بالمئة بواقع 80 عضوا، فيما حصد "الحركة
القومية" نسبة 16.29 بالمئة بواقع 80 مقعدا.
وحافظ "الشعب الجمهوري" على وجوده كثاني أكبر أحزاب البرلمان
بعد حصده 25 بالمئة بواقع 132 مقعدا.
وفشلت مساعي تشكيل حكومة ائتلافية، وتم تعيين حكومة تصريف أعمال
مؤقتة تجمع شخصيات من ثلاثة أحزاب إلى جانب مستقلين، عملا بالفصل 114 من الدستور
التركي لسنة 1982، ما دفع الرئيس أردوغان لإصدار قرار بحل البرلمان وإجراء
انتخابات جديدة.
ونجح "العدالة والتنمية" في تحقيق أغلبية الأصوات بانتخابات
تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وحصل على 49.5 بالمئة من الأصوات بواقع 317 مقعدا.
وجاء "الشعب الجمهوري" ثانيا بحصوله على 25.3 بالمئة بواقع
143 مقعدا، فيما جاء "الحركة القومية" ثالثا بنسبة 11.9 بالمئة من
الأصوات بواقع 40 مقعدا، بينما حافظ "الشعوب الديمقراطي" على وجوده في
البرلمان بنسبة 10.8 بالمئة بواقع 59 مقعدا.
دخول التحالفات والنظام الرئاسي
كان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة في تركيا عام
2019، إلا أن الرئيس أردوغان دعا إلى عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24
حزيران/يونيو 2018.
وتميزت هذه الانتخابات بحصول سلسلة تعديلات دستورية، من بينها رفع عدد
نواب البرلمان من 550 إلى 600، والانتقال إلى النظام الرئاسي بدلا عن البرلماني.
وصوت الأتراك في استفتاء لتعديل الدستور عام 2017 لصالح الانتقال إلى
نظام رئاسي، بموافقة 51 بالمئة من المشاركين.
الاستفتاء الدستوري غير نظام الحكم في تركيا؛ وسن عدة تشريعات من
بينها عدم السماح للبرلمان التركي بتعيين الوزراء ومجلس الوزراء بعد انتخابات 2018،
كما مكن منصب الرئيس من عدة صلاحيات مقابل تقليص صلاحيات البرلمان.
وهزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جميع منافسيه بالانتخابات
الرئاسية، إثر حصوله على أصوات 52 بالمئة من الناخبين.
نجاح أردوغان الرئاسي ترافق مع اكتساح برلماني لـ"تحالف الشعب"
بين "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية"، حيث حصل الأول على
نسبة 42.6 بالمئة بمعدل 295 مقعدا، بينما تحصل الثاني على نسبة 11.1 بالمئة بمعدل
49 مقعدا، ما منح التحالف أفضلية برلمانية وتفوقا رئاسيا.
وشهدت انتخابات عام 2018 دخول حزب "الجيد" إلى البرلمان بزعامة
ميرال أكشنار، التي انشقت عن "الحركة القومية" رفضا للتحالف مع "العدالة
والتنمية".
وحافظ "الشعوب الديمقراطي" على وجوده في البرلمان بعد حصوله
على نسبة 11.7 بالمئة بعدد 67 مقعدا، وبقي "الشعب الجمهوري" يقدم نفسه
على أنه أكبر أحزاب المعارضة بعد حصوله على نسبة 22.6 بالمئة وبعدد مقاعد وصل إلى
146 مقعدا.