أسفرت الأزمة الدبلوماسية
التي افتعلها وزير الأمن القومي
الإسرائيلي إيتمار
بن غفير مع الاتحاد الأوروبي،
الذي ألغى احتفاله "يوم أوروبا" في تل أبيب بسبب مشاركة الأخير فيه، عن
تسبّبه بصداع للسفراء الأوروبيين، الذين أعلنوا أنهم لن يحضروا بأنفسهم للاحتفال،
ما أدى في النهاية لإلغائه، لأنهم لا يتفقون مع مواقفه السياسية،.
إيتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت،
أكد أن "هذه الأزمة تعبر عن كيفية استدراج بن غفير لحكومته اليمينية إلى حرج
تجاه أوروبا، مع أنه كان بالإمكان تفادي الإحراج الدبلوماسي الذي نشأ أمام الاتحاد
الأوروبي بقرار إلغاء إرساله للمشاركة في احتفال "يوم أوروبا"، لكن
القرار كشف عن قصر نظر الحكومة التي أرسلته للمشاركة، رغم أنها تعلم أن الاتحاد
الأوروبي يقاطعه عمليًا".
وأضاف في
تقرير ترجمته "عربي21" أن "سفارة الاتحاد
الأوروبي شعرت بالحرج من انتداب بن غفير كممثل للحكومة في الحدث، مع أن الحكومة
كان بإمكانها تجنب الإحراج في حال تشاورها مع وزارة الخارجية، التي كانت ستبلغها
أن ترشيحه للمشاركة ليس قرارا مثالياً، بل يعتبر بطاقة حمراء في وجه الاتحاد
الأوروبي، الذي أعلن رسميا أنه لا يريد إعطاء منصة لمن تتعارض آراؤهم مع القيم
التي يمثلها، ما تسبب باندلاع مواجهة بين تل أبيب وبروكسل التي تقاطع عملياً بن
غفير".
وأكد أن "قرار الاتحاد الأوروبي بإلغاء الاحتفال
يشكل رسالة قاسية جدًا لحكومة الاحتلال، لأن سفراءه قرروا أنه في ظل هذه الظروف لم
يكن هناك خيار سوى إلغاء الحدث، وأرسلوا توصية واضحة للسلك الدبلوماسي في بروكسل
بذلك، ما دفع مسؤولا بوزارة الخارجية الإسرائيلية لوصف الخطوة بأنها "صفعة في
وجه الحكومة"، فيما اعتبر بن غفير نفسه أنه "من العار أن يمارس الاتحاد
الأوروبي إسكاتا غير دبلوماسي له".
على الصعيد الداخلي، ياكي
أدمكار، المراسل الحزبي لموقع ويللا، أكد أن "أوساطا في حزب الليكود الحاكم
هاجمت بن غفير، واعتبرته "مسؤولا عن سقوط حكومة اليمين"، فيما عبّر وزير
المالية بتسلئيل سموتريتش عن غضبه من الخلافات الناشبة داخل الائتلاف الحكومي؛
بسبب مقاطعة أعضاء العصبة اليهودية بزعامة بن غفير للاجتماعات الحكومية واللجان
المختلفة، معتبرا أن أعظم مكافأة لأعدائنا ستكون الإطاحة بالحكومة اليمينية".
ونقل في
تقرير ترجمته "عربي21" عن "رئيس الائتلاف
أوفير كاتس من حزب الليكود قلقه من الخلافات داخل الحكومة، لأن تغيب حزب بن غفير
عن اجتماعاتها وقادة الائتلاف ومقاطعة التصويت في جلسة الكنيست، هو السبيل الأقصر
لقلب حكومة اليمين، والجميع يعرف من سيكون مسؤولاً عن ذلك".
ألكسندرا لوكاش، مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت، أكدت أن
"العصبة اليهودية بزعامة بن غفير تواصل مقاطعة اجتماعات اللجان البرلمانية،
بما فيها الأمنية والمالية بزعم زيادة الضغط على رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو
للامتثال لمطالبها، وأعلن رئيس لجنة الأمن القومي عضو الكنيست، تسفيكا فوغل، من
حزب بن غفير، إلغاء جميع اجتماعات اللجنة المقرر عقدها هذا الأسبوع".
ونقلت في
تقرير ترجمته "عربي21" عن "مصدر مقرب من بن غفير، أننا
لسنا مهتمين بأن نكون مجرد أصابع في الائتلاف، جميع أعضاء الحزب يدعمون بن غفير،
ويريدون جميعًا سياسة يمينية نشطة، أما عضو الكنيست ألموغ كوهين، فقال إنني أتوقع
من نتنياهو أنه في المرة القادمة التي يحدث فيها إطلاق صواريخ في سديروت سيكون
الرد حاسمًا".
وأوضحت أن "بن غفير اتهم رئيس الوزراء ووزير الحرب
بمواصلة سياستهما المتمثلة في الإفراج عن البرلماني الأردني وإعادة جثامين
الشهداء، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا، ولا يمكن أن تستمر على هذا النحو، يجب أن
تتغير السياسة، وعلى الحكومة التحول لسياسة كاملة، لأننا تلقينا تفويضًا من الجمهور
لتغيير الاتجاه السياسي، وهو يرى أن أمام نتنياهو عدة خيارات، أولها عودة
الاغتيالات، وقانون عقوبة الإعدام، وإخلاء الخان الأحمر، وعملية استباقية في غزة".
تكشف هذه التطورات الإسرائيلية المتلاحقة أن الأزمات
المرتبطة بوجود بن غفير في الداخل والخارج، تعتبر نتيجة طبيعية لمفاوضات الائتلاف
اليميني، واستسلام نتنياهو لمطالب شخصيات هامشية مثل بن غفير، والآن يستعد لدفع
الأثمان السياسية، لأننا أمام وزير يستخدم بشكل علني السلطة الممنوحة له للترويج
لأجندة شخصية متقلبة، تتعارض مع مصالح الدولة، وخلافا لرأي الغالبية من الجمهور.
حتى أنه عندما حصل التوتر الأخير مع غزة، تمنى بن غفير
ورفاقه الحصول على صور الضحايا، والأحياء المدمرة، والجنازات، بزعم استعادة الردع
المفقود بين الإسرائيليين؛ بسبب تصاعد المقاومة، وتناقص الوجود الأمريكي في
المنطقة، في ظل الأزمة الداخلية المتفاقمة في دولة الاحتلال.