لم تكن تعلم تلك الشابة الفلسطينية التي حلمت بحياة سعيدة مع خطيبها، أن جلسته الأخيرة معها قبل ساعات قليلة من
العدوان الإسرائيلي على
غزة، ستكون هي آخر دقائق لها في حياتها.
جلست
دانية علاء عدس (19عاما) من سكان منطقة الشعف بالشجاعية شرق مدينة غزة مع خطيبها محمد سعد حتى الساعات الأولى من فجر الثلاثاء 9 أيار/مايو الجاري، لتخطط معه لفرحهما الذي كان من المفترض أن يتم يوم 21 تموز/ يوليو المقبل.
غادر سعد منزل خطيبته التي خلدت إلى النوم مع شقيقتها الطالبة
إيمان (17عاما) في ذات الغرفة، وما هي إلا دقائق معدودة، حتى قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية في الساعة الثانية فجرا بصواريخ شديدة الانفجار منزلا يعود لعائلة الشهيد خليل البهتيني، وهو ملاصق تماما لمنزل عدس، فدمر منزلهم وتراكمت حجارة غرفتهم فوقهم.
فزع الأب المكلوم علاء عدس (54عاما) من نومه بعدما خلع الانفجار باب غرفته، وتجول مسرعا في المنزل وسط غبار كثيف يتفقد أولاده وابنتيه، ليجد غرفتهم قد قلبت رأسا على عقب، ودمرت بفعل القصف الإسرائيلي الذي وقع دون سابق إنذار.
وذكر إيهاب عدس (39عاما)، أن
الاحتلال الذي قصف المواطنين بهذا الشكل الهمجي ودون إنذار؛ "يفتقد لأدنى مقومات ومعالم الإنسانية، حيث تسبب القصف بتدمير غرفة البنات بشكل كامل على رؤوسهم، حتى إننا قمنا بإخراج دانية وإيمان من تحت الأنقاض، واكتشفنا أن دانية قد فارقت الحياة مباشرة، وإيمان أصيبت بجراح خطيرة جدا وتم نقلها إلى المستشفى، وفارقت الحياة هناك".
ونوه في حديثه لـ"
عربي21" إلى أن "القصف الإسرائيلي المباغت أفزع الناس، لكنهم هبوا للمساعدة وإزالة الركام وإخراج دانية وشقيقتها من تحت الركام، وكانت مشاهد الدمار والدماء المنتشرة في كل مكان مؤلمة جدا".
وأفاد بأن الشهيدة دانية وهي طالبة سنة ثانية قسم محاسبة في الكلية الجامعية، "كانت لديها طموحات كبيرة أن يكون فرحها وحفل زفافها متميزا، وكانت تخطط لذلك مع خطيبها، وقاموا بإنجاز بعض التفاصيل الخاصة في الفرح؛ حجز القاعة والزينة وغير ذلك، ونحن كعائلة كنا نطمح بأن نزفها ببدلة فرحها البيضاء لزوجها، لكنها زفت شهيدة بكفنها الأبيض".
وذكر عدس، أن "الفقدان صعب للغاية، كانتا تطمحان لحياة هادئة جميلة، لكن هذا المشهد انقلب كليا بفعل صواريخ الاحتلال من حالة الفرح والسرور إلى الحزن وهذا المصاب الجلل، لقد قتل القصف الإسرائيلي أحلامهم وطفولتهم ومستقبلهم، وحتى قتل فرحتهم وطموحاهم بحياة جميلة وعيشة كريمة".
ورأى أن "الاحتلال البغيض يستقوي على الأبرياء والضعفاء والنساء، يسعى لقتل فرحتهم وطفولتهم، وهو بذلك دمر وقتل هذه الأسرة بأكملها"، مطالبا المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والحقوقية المعنية كافة، بـ"العمل الجاد من أجل محاكمة قادة الاحتلال على ارتكابهم جرائم حرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء، وخاصة الأطفال والنساء".
وفي نهاية حديثه لـ
"عربي21" تساءل عدس: "ما ذنب هؤلاء الأطفال والنساء أن يقتلوا ويدمر مستقبلهم وحياتهم بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي؟"، مضيفا: "ما حدث، هو جريمة مكتملة الأركان".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على قطاع لليوم الرابع على التوالي، وأدى ذلك إلى ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 30 شهيدا، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، إضافة إلى إصابة 93 بجراح مختلفة؛ بينهم 32 طفلا 17 سيدة.
وواصل الاحتلال الليلة الماضية شن غارات مدمرة على مختلف المناطق في قطاع غزة، ما أدى إلى سماع أصوات انفجارات ضخمة، كما قام طوال فترة العدوان بتدمير العديد من المنازل والشقق السكنية، وما زال يواصل إغلاق المعابر، في إجراء يهدف إلى مضاعفة معاناة أكثر من 2 مليون إنسان في قطاع غزة المحاصر للعام 17 على التوالي.