تصاعدت الانتقادات في
أوساط المعارضة والمستويات الأمنية والبحثية
الإسرائيلية، التي تفنّد مبررات حكومة
الاحتلال في التوجه لاعتداءاتها على
غزة، وترفض القبول بما تعلنه من نتائج مبالغ
فيها، وغير مقنعة.
عضو الكنيست اليساري
عوفر كاسيف أكد في لقاء مع
صحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمتها "عربي21" أنه
"خلال عشرين عاما نفذ جيش الاحتلال قرابة الـ16 هجومًا عسكريا على قطاع غزة،
والنتيجة أنه بعد كل هذه الهجمات فلا يوجد حل عسكري، وحان الوقت لكي يفهم الجمهور
الإسرائيلي أن قادته يبيعون أكاذيب، وكل هذه الهجمات لم تترك سوى المعاناة
والكراهية والقتل والدمار في غزة، بجانب الإصابات الإسرائيلية الخطيرة".
عيران شامير مدير مركز
الأمن القومي في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، قال إن "إسرائيل شرعت في
العدوان على غزة بقرار من رئيس الوزراء ووزير
الحرب فقط، دون موافقة اللجنة
الوزارية لشؤون الأمن القومي، بما يخالف القانون الذي ينص على أن الدولة لن تبدأ
حربًا ولن تقوم بعمل عسكري كبير إلا بموجب قرار مجلس الوزراء، لكن ما حصل هذه
المرة يثير مخاوف أن أسبابًا غير ذات صلة كانت وراء قرار شن عملية عسكرية".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو لديه شكوك حول القيمة المضافة للنقاش في الحكومة الموسعة، لأن ضعفها ليس
بالأمر الجديد، بل هو أمر عابر للحكومات، ولذلك يأتي اقتصار قرار الحرب على
نتنياهو وغالانت فقط مسألة مستهجنة، خاصة في أوقات عدم الاستقرار السياسي، رغم
الخوف من التسريبات، والحاجة للحفاظ على المفاجأة".
يوفال ديسكين الرئيس
السابق لجهاز الأمن العام- الشاباك، أكد أنه "في نهاية هذا العدوان، مهم على
الإسرائيليين ألا يتمسكوا بأي أوهام، لأن عليهم الاستعداد لجولة الصواريخ التالية،
رغم سلوك الحكومة بإصدار البيانات، وعقد المؤتمرات الصحفية، التي تعطي إحساسًا
خاطئًا ومؤقتًا بالأمان، ولا يمكن استخدامها كحل حقيقي لمشكلة الأمن، بل لا يتجاوز
مفعول "الباراسيتامول" عند التعامل مع الالتهاب الرئوي الحاد".
وأضاف في مقال نشره
موقع القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "الاغتيالات لن تجعلنا نربح
الحرب على المقاومة، ولن تحلّ المعاناة الرهيبة التي تتكرر مرات لا تحصى لمستوطني
الجنوب، ولن تحقق الهدف بتغيير الواقع، ولن توقف موجات العمليات، ولا إطلاق
الصواريخ، لأن الحل الحقيقي يتمثل بإخضاع حماس في غزة عبر عملية عسكرية معقدة،
ولكن دون احتلالها، لكن هذا لا يتم بسبب قصر النظر الاستراتيجي للحكومة، فيما
يواجه هذا الخيار مشاكل خطيرة في الوقت الحالي، ولأن سياسة الحكومة أدت لتعزيز
حماس في غزة".
من جانبه مايكل
ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات
الفلسطينية بجامعة تل أبيب، أكد أن "العدوان
على غزة شكل إنجازا عسكريا، وإحراجا سياسيا، وكشف عن فجوات استراتيجية عميقة،
ومشاكل أساسية في السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، وأكد أن إسرائيل تفتقر إلى
استراتيجية تتعلق بقطاع غزة والساحة الفلسطينية عموما، ربما لأن جميع الحكومات
الاسرائيلية التي حاولت التعامل مع هذا التحدي لم تدم طويلاً في السنوات الأخيرة،
وغرقت في الأزمات الداخلية، فيما تشهد حماس تعزيزا تدريجيا لمكانتها".
وأضاف في مقال نشره
موقع القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "نتيجة العدوان على غزة أن
إسرائيل سقطت مرارًا وتكرارًا في عمليات الإنهاك والاستنزاف، بينما تزعم أنها
غيّرت قواعد المعادلة، وقوّت الردع، دون أن تأتي كل هذه المزاعم بثمارها، لأنه من
الضروري عدم التأثر المفرط بالإنجازات العسكرية، لأن العدوان الأخير كشف عن جملة
من الثغرات التي تؤكد أنه لا جدوى من الشروع في مثل هذه العدوانات، لأن نتيجتها
تحمل بذور الجولة القادمة التي يحتمل ألا تحدث بعيدًا، وقد تكون أقوى من المواجهة
الأخيرة".
بدوره الجنرال عاموس
يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أكد في مقال نشره موقع
القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "انتهاء العدوان كشف عن البدائل
المتطرفة التي تنتظر اسرائيل لحلّ طويل الأمد للوضع في غزة، لاسيما ذلك المتمثل
بإعادة احتلالها، رغم تكلفته العالية، وفائدته سلبية، ورغم أن هدفه تعزيز الردع،
لكنه مفهوم بعيد المنال وصعب للغاية، مما يجعل تصريحات السياسيين الإسرائيليين حول
استعادة الردع سابقة لأوانها".
ورغم حديث الاحتلال عن
انتصار في هذا الوقت باستهداف قادة المقاومة، لكنهم يعتقدون أنه بعد حقبة من الزمن
سيضطرون للتعامل مع قدرات عسكرية لم يشهدوها من قبل، كفيلة بتحويل دولتهم النووية
إلى مدن أشباح لوقوعها تحت مرمى شبان لم يتجاوزوا العشرين من أعمارهم.