تحدث
فلسطينيون في ذكرى النكبة الـ75، التي يحتفل بها الشعب الفلسطيني اليوم، عن آمال تسكن قلوبهم وعقولهم، يرجون تحقيقها في حياتهم، كي ينعموا بوطن حر بعيدا عن كابوس
الاحتلال الإسرائيلي البغيض الذي لازمهم 75 عاما، ضمت مختلف صنوف المعاناة والعذاب والقتل والتهجير.
ويحيي الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة في 15 أيار/مايو من كل عام ذكرى نكبة فلسطين، وهي الذكرى التي تذكر العالم بارتكاب العصابات الصهيونية عام 1948 أكثر من 70 مجزرة بحق بناء الشعب الفلسطيني، وتشريد ما يزيد على 800 ألف من منازلهم وقراهم، ليقطنوا في مخيمات اللاجئين التي بلغ عددها 58 مخيما، والاستيلاء على 774 مدينة وقرية فلسطينية.
وفي كل عام، تتجدد هذه الذكرى الأليمة، في ظل واقع يزداد صعوبة تمر به القضية الفلسطينية، وواقع كارثي يمر به الشعب الفلسطيني المحاصر في وطنه والملاحق خارجه.
عودة اللاجئين
وحول طموحات وآمال الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة، أوضح منسق اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين المقيم في غزة، محمود خلف، الذي تعود جذور عائلته إلى مدينة حيفا المحتلة، أن "هذه الذكرى تعيد إلى الأذهان ما قامت بها العصابات الصهيونية من إرهاب أدى إلى تدمير مئات القرى وقتل المدنيين وارتكاب العديد من المجازر وتهجير 800 ألف فلسطيني، وشعبنا لن ينسى هذه الذكرى الأليمة، وهي عنوان للتمسك بالأرض والهوية والقرى المدن التي طرد منها شعبنا".
وشدد في حديثه لـ"
عربي21"، على ضرورة "تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم "194" المعطل منذ 74 عاما وحتى يومنا، والقاضي بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي هجروا منها مع تعويضهم، وهذا حلم كل فلسطيني، ينتظر طرد الاحتلال من أرضنا".
وأضاف خلف: "حلمنا الرئيسي أن يعيش شعبنا حياة حرة مستقرة هادئة في ظل دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة"، معتقدا أن "ما يمكن أن يلبي طموح شبعنا، أن يتم يمارس حقه في قيام الدولة الفلسطينية على الأراضي التي تم احتلالها في الخامس من حزيران/ يونيو 1967، على اعتبار أنه مشروع فلسطيني مرحلي، وهو منطلق لممارسة شعبنا حقه في سيادته على كامل ترابه، عبر إقامة فلسطين الديمقراطية الموحدة على كامل التراب الفلسطيني".
وأعرب القيادي عن أمله أن ينتهي الانقسام الفلسطيني؛ "لما له من ضرر بليغ على قضيتنا"، مشددا على أهمية وجود استراتيجية وطنية موحدة لـ"مواجهة المشروع الصهيوني، الذي يسعى إلى ابتلاع كل الأرض الفلسطينية".
من جانبه، ذكر د. عبدالله يوسف أبو عليان، عميد كلية الدعوة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أن يطمح بعد "التحرير بالبدء في البناء الحضاري الذي يتخذ من بناء الإنسان حجر الزاوية، كي يستكمل خطوات البناء في التحصين الإنساني والأخلاقي والاجتماعي والعمراني.".
وأضاف لـ"
عربي21": "نريد أن نفخر بنجاح شبابنا، وانتزاعهم حقوقهم، وتمكنهم من خلق وإيجاد ميادين عمل لهم بدعم من أصحاب الخبرات والعقول، وتوفير مناخ مناسب للاكتشافات والأبحاث العلمية المتطورة، التي تساهم في وجود منتج وطني بجودة عالية؛ كي نكون قادرين على اتخاذ قراراتنا بحرية".
تحرير الأسرى
ونبه عليان إلى أهمية تحقيق الوحدة بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجدهم، مضيفا: "أطمح أن أطوف في القدس وأصلي هناك، وأمر بجنين ونابلس والخليل، وأقبل ثرى يافا، والتقى بالأسير حسن سلامة عقب تحرره".
وعن أهم طموحاتها وأحلامها، ذكرت السيدة إيمان نافع، وهي زوجة المناضل الفلسطيني نائل البرغوثي "أبو النور" (66 عاما)، وهو أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، على أن "الأجيال الفلسطينية المتعاقبة ما زالت تطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها"، منوها بأن "استمرار وجود الاحتلال على أرض فلسطين هو نكبة مستمرة، كما أن صمت العالم الذي يزعم الحرية على الظلم الذي لحق بشعبنا هو أكبر نكبة".
واعتبرت في حديثها لـ"
عربي21"، أن "وجود آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال هو نكبة، ومن بينهم زوجي الذي مر عليه 43 عاما داخل سجون الاحتلال، ومثل الأسير وليد دقة منذ 38 عاما في الأسر، وهو مريض بالسرطان، واحتجاز الاحتلال لجثامين الأسرى الشهداء في الثلاجات مثل الشهيد خضر عدنان"، معبرة عن أملها أن "يتم تحرير كافة الأسرى من سجون الاحتلال في أسرع وقت ممكن، وأن أجتمع مع زوجي وأسرتي، إضافة إلى عودة جثامين الشهداء".
وأكدت نافع التي تقيم في قرية "كوبر" برام الله، أن "الاحتلال رغم كل ما لديه، هو إلى زوال، ودليل ذلك ضعفة في مواجهة غزة، رغم دعمه من كبار الدول مثل أمريكا، التي تدعمه بالسلاح"، مؤكدا أن "العديد من الدول الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها، كانت سببا في نكبة أطفال فلسطين الذين ما زالوا مشردين خارج وطنهم".
وقالت: "أملي وطموحي وأحلامي، أن يتخلص الشعب الفلسطيني من هذا الكابوس الممتد منذ 75 عاما، والمتمثل في الاحتلال الذي ارتكب العديد من المجازر وما زال يقتل الأطفال ويهدف البيوت"، متمنية أن "يعيش أطفال فلسطين في سلام وأمان مثل باقي شعوب العالم، وأن استيقظ صباحا وقد ذهب هذا الاحتلال".
زوال الاحتلال
ونوهت إلى أن "السجون الإسرائيلية هي محرقة لأعمار الأسرى، الكثير منهم يدخل في سجن الشباب ويمضي عمره داخل قضبان الأسر، فالمحرر كريم وماهر يونس كانوا في العشرينات عند اعتقالهم، وعند تحررهم كانت أعمارهم قريب الستين عاما"، مضيفة: "أملي أن نكون يدا واحدة في مواجهة هذا الطاغوت، لأن العالم لن يساعدنا".
المهندس عيسى علوان، الذي يقيم في مدينة غزة، تسكنه آمال كبيرة بأن يتمكن وأسرته من العودة إلى بلدته الأصلية "الجورة"؛ وهي من قرى عسقلان تقع على ساحل البحر، وأن يساهم مع باقي سكان القرية في تحويلها لمدينة كبرى، إضافة إلى تمكنه من الصلاة في المسجد الأقصى بحرية وأمان، بحسب ما ذكره لـ"
عربي21".
"أم المجد" الكركي (50 عاما)، من سكان بلدة الطور بالقدس المحتلة، لديها أحلام وطموحات أن تنعم كأم فلسطينية بـ"الحرية الكاملة بلا قيود وحواجز وإغلاقات وجدار فصل عنصري؛ يقطع تواصل المدن الفلسطينية، ويعزل الأقارب عن بعضهم".
وأضافت في حديثها لـ"
عربي21": "طموحي أن يلتم شمل شعبنا على قلب رجل واحد، وأن ننعم بالتحرير والنصر العاجل للأسرى والمسرى (المسجد الأقصى)، الذي يصرخ كل يوم آلاف المرات من تدنيس المستوطنين لباحاته، أحلم أن يعيش أبناء شعبي الأمن في الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم وأشغالهم".
ونوهت الكركي إلى أن "أبناء شعبنا مستهدفون في أي لحظة؛ بالاعتقال وفرض العقوبات، وحتى بالحبس المنزلي طول اليوم، لا أرد أن أمارس دور السجانة لأولادي؛ ابني يقبع في الحبس المنزلي منذ أن اعتقل في رمضان، شهر ونصف ممنوع من الخروج من البيت إلا للمحكمة بوجودي".
وختمت بقولها: "هذه طموحاتي وأحلامي مثل كل أم فلسطينية في هذا اليوم وفي كل يوم، تقتنا بربنا ليس لا حدود، فالنصر حليفنا، وهو قادم".
كما أوضح الناشط فؤاد العمور، منسق لجنة الحماية والصمود جنوب الخليل المحتلة لـ"
عربي21"، أن طموحه يتمثل في "طمس ذكرى النكبة في تاريخنا الفلسطيني، وأن نسطر ذكرى الحرية والاستقلال الكامل لفلسطين، كدولة عربية فلسطينية وعاصمتها القدس".