أورثت الأحداث منذ سقوط الحضارة العربية الإسلامية شعوبنا ومنهم الإسلاميون
في دولنا العربية وأحيانا الإسلامية؛ ارتكانا إلى أن الغرب مسيطر على مقاليد
الأمور في العالم، فلا يمكنهم الفكاك من قبضته أو التغلب عليها، وعزّز وصولا لهذا
القناعة ما جرّبه بعض
الإسلاميين من محاولة المهادنة مع الغرب واستعلام رأيه في
تولّيه السلطة، مع احتفاظهم "ظاهريا" بالخطوط الحمراء التي رسمها الغرب
للأنظمة في بلدهم، وجرب آخرون السلمية مع الطغاة -بعد محاولة الثورة عليهم- لأقصى
قدر، وجرّب غيرهم الاختلاف بعد إسقاط الطاغية ببلادهم، وأدمنت فئة في بلد آخر
مواكبة الطاغية حتى في مهادنة العدو الصهيوني. ثارت فئة وأخرى على الطغاة بالقوة
أو ببوادرها ثم بها مطلقة، ثار أوائل على العصف بمجيئهم للسلطة عبر صناديق
الانتخابات.. ورغم كل هذا لم تنجح إلا تجربة "حركة المقاومة الإسلامية-
حماس" في غزة في فلسطين الحبيبة، وإن كانت للبعض، ونحن منهم، اعتراضات على توجهاتهم
وقبولهم التعاون مع طاغية بعينه بعدما تحدّى شعبه ودمّر الغالي من وطنه.
كل هذه التجارب تعاني عدم التوفيق، ويمكن إضافة تجربة إسلامية جديدة وأخرى غير ناطقة بالعربية أزالت طاغية أو أجانب من سلطتها، ولم تستطع -أيضا- حتى اليوم قيق استقرار داخلي، أو تحديدا لرؤية أو توجه يناسب عظيم ديننا الحنيف ويُنبئ بقدرة على تمثيله، أو حتى كف الشر عن الآخرين وعلى رأسهم المسلمون، رغم نسبية الأحوال في كل تجربة
يبقى أن كل هذه التجارب تعاني عدم التوفيق، ويمكن إضافة تجربة إسلامية
جديدة وأخرى غير ناطقة بالعربية أزالت طاغية أو أجانب من سلطتها، ولم تستطع -أيضا-
حتى اليوم قيق استقرار داخلي، أو تحديدا لرؤية أو توجه يناسب عظيم ديننا الحنيف
ويُنبئ بقدرة على تمثيله، أو حتى كف الشر عن الآخرين وعلى رأسهم المسلمون، رغم
نسبية الأحوال في كل تجربة وتمنّينا التوفيق للجميع، لكن مجمل الصورة للأسف لا يُخبر
بإمكانية ازدهار دولة من جميع الدول صاحبة التجارب السابقة وغيرها، وكانت الأماني
الأولية أن تملك دولة واحدة إمكانية اكتفاء تصنيعي للضروريات، وأن يؤاتيها هذا أو
تعمل على تحقيقه في الوقت المناسب لتكون قوة صاعدة في هذا العالم.
لذلك يبقى النموذج
الأردوغاني التركي فريدا متفردا حتى اليوم، حتى إننا
لنشهد في الانتخابات الأخيرة تكتلا عالميا إعلاميا وسياسيا واضحا وجهرا بالمعاداة
لأردوغان، وبذل الأماني والوعود الجمّة للشعب التركي، إن هو تخلى عن قائده الذي
حقق له استقرارا داخليا وصعودا دوليا غير مسبوقين على مدار نحو 21 عاما، فقد توجّس
الغرب بحضارته وإعلامه وهيلمانه وحتى أكاذيبه، وخاف من ثبات النظام واستقراره
ومزاحمته له على مدار خمس سنوات جديدة، مع تحقيقه المزيد من النجاحات والتفوق
لدولة لها مرجعية إسلامية رغم علمانية توجهاتها الواضحة.
وفي رفض الغرب لأردوغان تلاعب بكل ما هو ثابت ودال وواضح، فلم يخالف الرئيس
التركي لديهم قدرتهم على التحمّل والصبر على مسلم يأمل أن يعيد حضارة لبلده وأمته،
بل خالف قواعد
الديمقراطية الواضحة لديهم، وليست تلك التي تأتي بالرجل ولا ينازعه
عليها حتى أعداؤه الداخليون المدعومون من الغرب؛ فضلا عن تمسّك الأتراك أنفسهم
بالصدق ومنه عدم التزوير في انتخابات أيا ما كانت.
يبقى لأردوغان أن تديّنه لم يدفعه لعدم الفعالية والاكتفاء بالتعلل بعدم القدرة والإمكانيات؛ كما يفعل ممثلون أساسيون لمحاولة الحكم باسم الإسلام ببلد ما. أيضا يبقى للرئيس التركي أنه كان سياسيا ماهرا من الطراز الأول، استطاع تحقيق شخصية لوطنه وأمته، وفض التنازع الظاهري الذي يجيد أعداؤنا اليوم شغلنا وخداعنا به
فالغرب إذن يصنع إلها وهميا اسمه الديمقراطية نشقى ونتعب حتى نحوزه بقواعده
الصحيحة، ولما تصل إليه أمة من قرابة ملياري مسلم يتهم الغرب رئيسها بالديكتاتورية
ويحاول الانقلاب عليه بشتى الصور، ولو كان منها رشوة البعض للإطاحة به.
يبقى لأردوغان أن تديّنه لم يدفعه لعدم الفعالية والاكتفاء بالتعلل بعدم
القدرة والإمكانيات؛ كما يفعل ممثلون أساسيون لمحاولة الحكم باسم الإسلام ببلد ما.
أيضا يبقى للرئيس التركي أنه كان سياسيا ماهرا من الطراز الأول، استطاع تحقيق
شخصية لوطنه وأمته، وفض التنازع الظاهري الذي يجيد أعداؤنا اليوم شغلنا وخداعنا
به.
نرجو من الله تعالى أن يوفق أردوغان لما هو أهل له، وينصر على يديه أمته
وشعبه، ويقودهما نحو مزيد من النهضة وتحقيق المستطاع من درجات الرقي، وأن يوفق
الأمة كلها لخيري الدارين.