يوسف إدريس..
عبقري
القصة القصيرة، والمثقف الكبير المنفلت من عقال الأعراف والتقاليد
المجتمعية، نعم كان يوسف إدريس حالة فنية أدبية فكرية فريدة من نوعها، ولكنه في ذات
الوقت، كان سلوكه الشخصي متطرفا في هواه، منفلتا في ردات فعله، طاووسيا إلى درجة
الفجاجة والوقاحة والجنون.
وهو صاحب أكبر
قدر من التجاوزات والخلافات التي ليس لها رابط ولا ضابط، فكان، على سبيل المثال لا
الحصر، خلافه الشهير مع كرم مطاوع في مسرحية "الفرافير"، ما دعا إدريس
إلى تحرير محضر لكرم في قسم البوليس، متهما كرم بخيانة النص المسرحي وعدم التزامه
بشكل المسرحية الذي كتبت به.
وكذلك خلافه مع
سعد أردش في مسرحية المخططين، فقد اعترض إدريس على إضافة أردش في نهاية المسرحية.
وكذلك سخريته غير
المقبولة ولا المعقولة، عندما تم تشبيهه بالكبير تشيخوف، وقد سخر قائلا: "إن
تشيخوف يحمرّ خجلا عندما يتكلم مع السيدات، أما أنا فعلى العكس زير نساء".
أيضا خلافه
الشهير مع نجيب محفوظ حول أحقيته هو بجائزة نوبل، وأن نجيب فاز بها لأسباب سياسية،
وأنهم أخطروه تلفونيا وبشروه بحصوله على الجائزة، ثم فوجئ بذهابها إلى محفوظ.
ولعل ما حدث بهذا
المضمار يدعونا للتأمل، ففي بغداد التقاه صحفي عراقي، وبدأ لقاءه بسؤاله عن جائزة
نوبل لمحفوظ، فما كان من إدريس إلا التهجم على شخص محفوظ، وصل حد استخدام الألفاظ
النابية ونعته بأقذع الشتائم.
واستمر في غيّه
حتى انتهت المقابلة الصحفية، وعدما نُشرت المقابلة في إحدى الصحف ثار وهاج وماج
إدريس وتنكر لما قاله، واتهم الصحفي العراقي بأنه باحث عن الشهرة حتى ولو على جثث
الحقيقة. ورفع دعوى قضائية إلا أنه تخلى عنها بعدما نشرت الصحيفة تفريغا للحوار المسجل
بصوت إدريس.
ويظل إدريس لا
يكف عن الشكوى والغضب وإثارة الزوابع التي لا ما تلبث أن تهدأ لتشتعل مرات ومرات،
وهكذا لازمه هذا الصلف والغرور والبارانويا حتى آخر لحظات عمره.
هذه كانت قصة
قصيرة عن يوسف إدريس ولكنها ليست من نبت الخيال، إنما عن حقيقة شخصيته المثيرة
الصاخبة.