انتقدت
منظمة العفو الدولية المساعدات التي تقدمها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا
ميلوني للرئيس
التونسي قيس سعيّد في ملف
الهجرة، معتبرة أن هذه الخطوات تتجاهل ملف حقوق الإنسان في البلد الأفريقي.
واعتبرت المنظمة أن الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي إلى تونس في مايو/أيار الماضي والمقرونة بوعود من الحكومة الإيطالية بالاستمرار في تزويد الحكومة التونسية بالمرافق والموارد اللازمة لتسيير الدوريات الساحلية لمكافحة الهجرة خطوة أخرى في طريق مظلم تسلكه حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وفي محاولة لوقف الهجرة، عرضت
إيطاليا المساعدة على الحكومة التونسية دون المطالبة باحترام أكبر لحقوق الإنسان، ما اعتبرته "أمنستي" مخاطرة من روما بدعم زعيم قمعي بشكل متزايد وتشجيع المزيد من الانتهاكات في تونس.
ومنذ استيلاء الرئيس قيس
سعيد على السلطة في 25 تموز/ يوليو 2021 - بعد عشر سنوات من سقوط بن علي وبدء الجهود لبناء نظام دستوري جديد قائم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان - ما فتئت تونس تتجه نحو الأسود الاستبدادي.
وأقر سعيّد دستورا جديدا يمنحه الكلمة الأخيرة في تعيين القضاة وعزلهم، وهي السلطة التي مارسها على الفور من خلال عزل 57 قاضياً. كما أصدر سعيد قوانين لتقييد حرية التعبير، استُخدمت لفتح تحقيقات ضد بعض أبرز معارضي الحكومة.
منذ شباط/ فبراير الماضي على وجه الخصوص، اعتقلت السلطات أكثر من 20 شخصًا، بينهم ناشطون ومحامون وصحفيون وسياسيون، وكذلك راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، أبرز حزب معارض في البلاد.
قبل أيام قليلة فقط، حُكم على الغنوشي بالسجن لمدة عام بموجب قانون مكافحة الإرهاب التونسي لأنه ألقى كلمة في جنازة قال فيها إن المتوفى لم يكن خائفًا من "حاكم أو طاغية".
وفي الأسابيع الأخيرة، خضع أربعة محامين معروفين للتحقيق، بمن فيهم محام يدافع عن زعماء سياسيين معارضين، ومحام ملتزم منذ فترة طويلة بحقوق المرأة، وزعيم حزب سياسي معارض ملتزم منذ عقد من الزمن بتعزيز الإصلاحات الديمقراطية، ووزير عدل سابق. وقد اتُهم العديد ممن يخضعون للتحقيق دون دليل بالتآمر ضد الدولة.
في وقت ارتفاع التضخم، أدت سياسات سعيد غير المتسقة إلى زيادة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن العنف ضد اللاجئين والمهاجرين.
وفي 21 شباط/ فبراير الماضي، ألقى سعيد خطابًا عنصريًا ينم عن كراهية الأجانب ضد أشخاص من أفريقيا جنوب الصحراء، مما أدى إلى موجة من الهجمات ذات الدوافع العنصرية ضد السود في تونس.
رد الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بقوة على هجمات سعيد على سيادة القانون وقمع المعارضة والتعليقات المعادية للأجانب. كما أدان البرلمان الأوروبي وبعض الحكومات الأوروبية الإجراءات القمعية لسعيد.
في المقابل، انخرطت الحكومة الإيطالية، التي تشعر بالقلق من زيادة عدد الوافدين من تونس عن طريق البحر وحكمها الغامض بسبب رغبتها في عكس هذا الاتجاه، في الدبلوماسية لإقناع المؤسسات المالية الدولية وأي حكومة لدعم تونس، فيما تغض الطرف عن إجراءات سعيّد بشأن تقييد الحريات.
واعتبرت المنظمة أن إيطاليا تستخدم مرة أخرى نفس الإستراتيجية كما فعلت في ليبيا، متجاهلة تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي يسلط الضوء على مسؤولية إيطاليا المشتركة عن الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة هناك، وتعريض نفسها للاستغلال من قبل حكومة قمعية بشكل متزايد.
علاوة على ذلك، قد تؤدي الانتهاكات المستمرة لحقوق اللاجئين والمهاجرين، في بلد لا يوجد فيه قانون للجوء، إلى زيادة حالات المغادرة، لذلك يبدو نهج الحكومة الإيطالية تجاه تونس قصير النظر، فضلاً عن أنه غير أخلاقي للغاية وربما غير قانوني، بحسب المنظمة.
وقالت "أمنستي" إنه "بدلاً من الضغط على شركائها الدوليين، حتى يتجاهلوا أيضًا سياسات قيس سعيد الكارثية، يجب على الحكومة الإيطالية أن تجعل دعمها مشروطًا بإجراءات محددة وحاسمة لإعادة إرساء سيادة القانون، وإنهاء الهجمات ضد حرية التعبير والمعارضين السياسيين، ومكافحة جميع أشكال التمييز والعنف".