تبدي الأوساط الأمنية الإسرائيلية قلقها مما كشفته الهجمات الفدائية الفلسطينية الأخيرة عن تكثيف
المقاومة المسلحة في مخيم
جنين للاجئين، مما يعني تحولها أرضا خصبة للمقاومين، بصورة تتحدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وسط تحذيرات من شن عملية واسعة على غرار "السور الواقي".
وحذر الكاتب الإسرائيلي نداف شرغاي، من إقدام جيش
الاحتلال على تنفيذ عملية عسكرية واسعة في
الضفة الغربية المحتلة، لأنها لن تحقق المنفعة المرجوة منها، وأن بعض "التوازن" مطلوب.
وزعم الكاتب أن أجهزة الاحتلال الأمنية في الأشهر الأخيرة، أحبطت مئات العمليات، مضيفا: "لو أن عُشرها فقط كانت خرجت لحيز التنفيذ، لكنا اليوم على ما يبدو مع عشرات القتلى وفي داخل حملة عسكرية ذات طابع مختلف تماما عن "كاسر الأمواج"".
قوائم الخسائر
ونبه بأن جدوى حملة واسعة النطاق كهذه، على الأقل حسب رأي قسم من محافل الأمن ليست واضحة وموضع شك، موضحا أن الدعوات لحملة "سور واقي 2" في كل الضفة، والتي يتحدث عنها الآن جزء من منتقدي الحكومة، ليست ذات صلة اليوم؛ ليس بسبب انعدام قدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذها، بل بسبب المنفعة القليلة التي ستحققها.
ولفت إلى أن جنين ونابلس هما المكانان اللذان تعاظمت فيهما شبكات المقاومة، مشيرا إلى أنه يمكن تنفيذ حملة من نوع آخر فيها، لأن طريقة "كسر الأمواج" باتت غير ناجحة.
ونبه الكاتب إلى أنه سيتعين على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يؤاف غالانت، أن يأخذا بالحسبان، أن عملية واسعة في الضفة ستكون على أثمان جبهات أخرى، مثل غزة والقدس وربما أيضا الشمال (سوريا ولبنان).
ودعا إلى تنفيذ العديد من المخططات الاستيطانية، كرد على الفلسطينيين والأمريكيين الذين نددوا بمخططات البناء الاستيطاني في الضفة والقدس والنقب والجليل.
يشار إلى أن عملية "السور الواقي" العسكرية، قامت بها قوات الاحتلال في الضفة، وانطلقت في 29 آذار/ مارس 2002 وانتهت في تموز/ يوليو من العام ذاته، وحشد لها الاحتلال نحو 30 ألف جندي، وقام باقتحام العديد من المدن الفلسطينية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 250 فلسطينيا واعتقال الآلاف.
المقاومة تسيطر على جنين
سابير ليبكين مراسلة "
القناة 12" أكدت أن استمرار العمليات الفلسطينية يكشف الأجواء الصعبة التي تسود هناك في الآونة الأخيرة في صفوف الجنود والمستوطنين، فيما يواصل المقاومون اكتساب المزيد من التعاطف والنفوذ.
وأشارت إلى أن استئناف عمليات المقاومة متمثلة بالشروع في حوادث إطلاق النار، وإلقاء المتفجرات، وعودة المقاومة إلى "ساعة اللياقة"، جعل المدن الفلسطينية تصبح أرضا خصبة لنموّ وتصدير أعشاش المسلحين، وبات مخيم جنين للاجئين فيه "الحامض النووي" المشترك لكل المقاومين.
كما أن السباق على تصدير الهجمات يخلق القدرة التنافسية بين القوى الفلسطينية المقاومة، ومنذ اللحظة التي تتصاعد في الميدان قوة ما، وتتخذ قرارات مستقلة، تستيقظ قوى أخرى، وتنشر في المخيم إشارات على أن لديها قوتها الخاصة.
وأكدت أن "المقاومة تحاول الفوز بلقب "الأقوى في الجوار"، ويستحيل على تل أبيب تجاهل حقيقة أن أجواء المقاومة في جنين تثير القلق في عيون الإسرائيليين التي تنظر إليها عن كثب، وكذلك تشكل أكثر خطورة على السلطة الفلسطينية، التي تزداد ضعفا.
وأوضحت أن تصاعد عمليات إطلاق النار والمواجهات العنيفة والهجمات الأخيرة، دفعت السلطة الفلسطينية للشروع بعملية في جنين لضبط الأمن، حيث تمت مصادرة 450 سيارة يستخدمها المقاومون، وإقامة حواجز في وسط المدينة، وبعد أيام قليلة من العملية، حاولت الجهاد الإسلامي الإثبات أنها لم تتوقف عن العمل، وحاولت إطلاق صاروخ عبر مستوطنة شاكيد.
ويستخلص الإسرائيليون من هذا الواقع الجديد المتشكل في مخيم جنين، أنه في غياب حلّ إسرائيلي لموجة العمليات الفدائية، وفي ظل عدم قدرة الاحتلال على كبح جماحها في الضفة الغربية، فإن تخوفه يكمن في إمكانية انتشار نموذج هذا المخيم كقرية محصنة أيضا إلى تجمعات فلسطينية أخرى، مما سيعيق عمل جيش الاحتلال فيها، ويفرض عليه تحديا من نوع جديد.