أصدر
النظام السوري خلال السنوات الـ12 الماضية جملة من القوانين التي تستهدف أملاك
النازحين واللاجئين السوريين، بعد أن أجبرتهم آلة الحرب على الخروج من منازلهم
وترك ممتلكاتهم تحت سيطرة قوات النظام والمليشيات الداعمة له.
وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن القوانين الصادرة عن النظام السوري تستهدف بشكل
أساسي 12.3 مليون نازح ولاجئ سوري، بحسب مفوضية اللاجئين، والمختفون قسرياً البالغ
عددهم قرابة 112 ألف مواطن سوري بحسب قاعدة بيانات الشبكة، ونصف مليون من القتلى، لم يسجل معظمهم في السجل المدني.
وتشير الشبكة إلى أن النظام السوري حتى قبل الحراك الشعبي المناهض لرئيس النظام بشار
الأسد
في آذار/ مارس 2011، أصدر قوانين مختلفة غرضها الظاهر تنظيم المسألة العقارية
والملكيات، لكن هدفها الأساسي هو الاستيلاء على الملكيات العقارية في مختلف أرجاء
سوريا.
وتوضح الشبكة الحقوقية أن كلاً من قانون التطوير والاستثمار العقاري الصادر سنة 2008، وما
تبعه من قانون 25 لعام 2011، وقانون التخطيط 23 لعام 2015، والقانون رقم 10 لعام
2018، تتكامل كلها في إطار واحد، هو توفير الصيغة القانونية الملائمة للنظام السوري
مع حلفائه، لاستكمال السيطرة على أملاك المعارضين.
وتضيف أن جميع القوانين المتعلقة بالأملاك كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتطورات
الميدانية للصراع العسكري في سوريا، بحيث كان النظام بعد سيطرته على منطقة ما يقوم
بإصدار مرسوم تشريعي مرتبط بالتنظيم العقاري؛ لأجل وضع يده على الأملاك الشاغرة
الموجودة في هذه المناطق، وتحويلها إلى الموالين له.
وفيما
يلي تستعرض "عربي21" القوانين والمراسيم الصادرة عن النظام السوري منذ
2011 والتي تستهدف أملاك النازحين واللاجئين:
المرسوم
66 لعام 2012:
ويعتبر
المرسوم 66/ 2021 أول مرسوم بخصوص الملكية العقارية بعد اندلاع الثورة السورية
والتي وصفته الشبكة الحقوقية بأنه أخطر القوانين الصادرة عن النظام السوري بهذا
الخصوص، كما أن له أهمية محورية في شأن التنظيم العقاري كونه جاء لتنظيم مناطق
واسعة، تم تهجير سكانها بفعل العمليات العسكرية لقوات النظام.
وبناء
على بنود المرسوم قررت حكومة النظام السوري إحداث مناطق تنظيمية في العاصمة دمشق
بحجة تطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي، وذلك في مناطق كفرسوسة وداريا والقدم.
وأطلق
النظام السوري مشروعين في المناطق المذكورة أعلاه وهما مشروع مدينة
"ماروتا" التي خصصت لها مساحة 210 هكتار من أراضي المهجرين والمعارضين
للنظام، ومشروع مدينة "باسيليا" بمساحة حوالي 900 هكتار، لكن المفارقة
أن كلا المشروعين لم يتم تنفيذهما حتى اليوم، بينما لا يزال أصحاب العقارات يطالبون
بالمنازل أو المساكن البديلة.
ولم يعط نظام الأسد مهلة زمنية كافية للملاك الأصليين
لتحضير وتجهيز الوثائق التي تثب الملكية، في ظل استحالة تلبية مطالب النظام نظرا
لحالات النزوح واللجوء والملاحقات الأمنية لمعظم المالكين في المناطق المحددة ضمن
المرسوم.
القانون
23 لعام 2015:
ويهدف
القانون 23/ 2015 إلى الاستيلاء على أملاك النازحين والمهجرين من خلال إحداث مناطق
تنظيمية، كما أن القانون منح النظام السوري الحق في وضع اليد والاستملاك
والاستحواذ على الأراضي بطرق مختلفة، من أبرزها إدراج بند ينص على أن الدولة يحق
لها وضع مخططات تنظيمية في جميع المناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية أو
"الحروب".
القانون
10 لعام 2018:
ويعتبر
القانون 10/ 2018 نسخة مطورة عن القانون 66/ 2012، حيث اعتبره خبراء حقوقيون أنه تمهيد
لمصادرة عقارات اللاجئين والنازحين، وضمانا لهيمنة النظام على توقيت وشكل ونتائج
إعادة إعمار البلاد.
وأطلق
القانون الذي وصف بأنه "خطير"، يد السلطة التنفيذية بإنشاء مناطق
تنظيمية في عموم البلاد ويشتمل على جميع أنواع العقارات، حيث أعطى أصحاب الحقوق
الحق في تثبيت ملكياتهم خلال شهر واحد فقط من الإعلان عن إحداث المنطقة التنظيمية،
ولم يشترط لصاحب الحق أن يكون حقه مؤيدا بوثائق ثبوتية، وإنما فتح المجال أمام كل
من قد يدعي أن له حقا عقاريا في المنطقة التنظيمية.
ومنح
القانون أصحاب العقارات في المناطق التنظيمية مدة 30 يوما لتقديم وثائق تثبت
امتلاكهم للعقارات، وفي حال عدم توفرها، يمكن للمقيمين أو المالكين رفع دعوى في
غضون 30 يوما أمام السلطات المحلية بالاستناد إلى أدلة أخرى، وإذا لم يقدم المالك
المطالبة أو الادعاء خلال 30 يوما، تعود الملكية إلى البلدة أو الناحية أو المدينة
في المنطقة التنظيمية، ولا يتم تعويض المالك.
هل
يتيح القانون السوري مصادرة الأملاك؟
يتيح
القانون السوري مصادرة أملاك أي مواطن في حالتين فقط: الأول:
حق المنفعة العامة شرط وجود قانون أو مرسوم وذلك مقابل تعويض يعادل قيمة العقار
المصادر أو الأرض في حال كان العقار أرض زراعية.
أما الثاني:
في حالات الكوارث أو الحرب، يمكن للدولة أن تضع يدها على عقارات، شرط أن يكون هناك
قانون ومرسوم بتعويض عادل للأشخاص.
وتطال
المصادرة أو عملية الحجز، الأموال المنقولة (كل شيء قابل للنقل دون تلف)، وغير
المنقولة (كل العقارات أو الأموال الثابتة المستقرة الذي يؤدي نقلها إلى التلف من
أبنية أو أراضي زراعية).
وتشير
الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن القوانين الصادرة عن النظام السوري تعيق عودة
اللاجئين والنازحين إلى بلادهم، مؤكدة أن "النظام ليس فقط غير معني بعودة اللاجئين
بل يكرس عدم عودتهم"، بحسب ما أكده مدير الشبكة فضل عبد الغني لوكالة "الأناضول"
في وقت سابق.
قوانين
تضمن الحقوق
ووفقا
للدستور الذي أقره النظام السوري عام 2012 فإن القوانين السورية والدستور السوري
تضمنان الملكية الفردية والجماعية للمواطنين، حيث تؤكد المادة (15) من الدستور
السوري على صيانة الملكيات الفردية الخاصة والجماعية.
وتنص
المادة على أن الملكية الخاصة (جماعية أو فردية) مصانة وفق الأسس التالية:
أ-
المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.
ب-
لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقًا
للقانون.
ج-
لا تُفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم.
د-
تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون ولقاء تعويض عادل.
ونص
دستور 2012 بشكل واضح على منع المصادرة العامة في الأموال، إذ حددت المادة (619)
من قانون العقوبات ما يمكن مصادرته بالمواد أو حتى المكان الذي ارتكب فيه الفعل
المُجرّم، بما في ذلك الأثاث والأشياء المستعملة، وكل ما هو من مستلزماته، أو
المركبات المستخدمة بنقل المواد أو تنفيذ الجريمة.
مصادرة
الأراضي الزراعية
ويمنح
النظام السوري الموالين له والمليشيات الداعمة له، فرصة لـ"استثمار"
أراضي المهجرين واللاجئين من أرياف محافظات حلب وحماة وإدلب، والذين يطلق عليهم
النظام مطلح "المتوارين عن الأنظار".
وتقول
الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن النظام السوري استولى على ما لا يقل عن 440 ألف
دونم من الأراضي الزراعية التي تعود لمهجرين في ريفي حماة وإدلب، عبر مزادات علنية
كنوع من العقاب الممتد لهم ولعوائلهم، ولتحقيق مكاسب مادية في الوقت ذاته، وإعادة
توزيعها على الأجهزة الأمنية، والميليشيات المحلية كنوع من المكافأة بدلا من دفع
مستحقاتها المالية نقدا.
وأكدت
الشبكة أن إقامة المزادات العلنية لأراضي المشرّدين قسرياً، أسلوب إضافي من أساليب
النظام السوري للاستيلاء الواسع والمدروس على ممتلكات معارضيه، موضحة أن النظام يسعى
لتحقيق مكاسب مادية وإعادة توزيعها على الأجهزة الأمنية، والميليشيات المحلية كنوع
من المكافأة بدلاً عن الدفع النقدي، في حين يشرع "مجلس الشعب" القوانين
والمراسيم، كي يستند إليها النظام في سرقة ممتلكات المعارضين.