في ذروة الحديث عن إمكانية
تطبيع
الرياض علاقاتها مع
تل أبيب، تجول صحفي إسرائيلي في المملكة العربية
السعودية التي
بدت "منفتحة وتعيش ثورة" يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضح الخبير يوآف ليمور، مبعوث صحيفة
"
إسرائيل اليوم" للسعودية، الذي وصل مطار الرياض صباح الثلاثاء، في
تقرير حصري، أنه توجه "لإجراء عملية التسجيل للسفر إلى تل أبيب عبر إسطنبول، وسأله
المسؤولون في المطار عندما عرفوا أن وجهته تل أبيب عن ما إذا كان يملك تأشيرة؟".
وأضاف: "لا تزال السعودية تفحص
الإسرائيليين. تماما مثلما في زيارتي السابقة إلى المملكة في السنة الماضية، عندما
يحصل هذا، يتراوح رد الفعل بين الدهشة وعدم التصديق، وهذا أيضا هو السبب الذي يمكن
للمرء أن يتحدث عنا بحرية بالعبرية في الشارع، في السيارات العمومية وفي المطاعم؛
هذه لغة غريبة تماما عليهم".
ونوه إلى أنه عند دخوله إلى المملكة في مطار
جدة، "نظر موظف الهجرة إلي نظرة غريبة، يبدو أنه ظهر له في الحاسوب أني كنت
هنا سابقا، ابتسم، بعث بي إلى المسؤول الذي سارع إلى التوقيع وبالإذن بدخول
المملكة، لم يأتِ أي شيء لهم بالمفاجأة؛ في الطلب للتأشيرة طُلب مني أن أشير صراحة
إلى عنوان السكن الكامل، الهاتف والمهنة"، مضيفا أن "السعوديين عرفوا من
أنا بعدما نشرت الصحيفة عن زيارتي السابقة".
مطالب سعودية
وقال: "من التصريح الذي
أصدروه لي للعودة إلى هنا نعلم أنهم يستقبلون الإسرائيليين بالترحاب وثمة غير
قليلين ممن يتجولون هنا في الفترة الأخيرة – بجوازات سفر أجنبية بالطبع – بعضهم
يمثل جملة شركات إسرائيلية للتكنولوجيا، والزراعة والأمن"، لافتا إلى أن
"الانفتاح على إسرائيل، هو فقط جزء واحد من المسيرة المتسارعة لابن سلمان،
علما بأن السعودية رغم التغيرات فهي لا تزال دولة محافظة جدا، وهي تميل إلى بث
انفتاح متزايد على الغرب".
وقال المراسل الإسرائيلي: "تبدو
هذه المسيرة محتمة، وإن كانت في السياق الإسرائيلي متعلقة بمتغيرات عديدة، من
محادثات أجريتها في الأيام الأخيرة مع بضع جهات مطلعة على تفاصيل الحوار الحساس
الجاري الآن في مثلث السعودية - الولايات المتحدة - إسرائيل، توجد إرادة مشتركة
للوصول إلى توافقات في الفترة القريبة القادمة قبل دخول الولايات المتحدة في حملة
الانتخابات الرئاسية، والرئيس جو بايدن هو الدافع الأساس للاتفاق الذي أساسه
السعودية - أمريكا وبعضه فقط يتعلق بإسرائيل".
وبين أن "بايدن يريد الاتفاق كإنجاز قبيل
الانتخابات، لكن أيضا كي يرمم الحلف التاريخي بين الدولتين وأن يدق إسفينا في
العلاقات المتحسنة بين السعودية والصين، لهذا الغرض، فإنه مستعد ليس فقط لأن يغفر
لابن سلمان تصفية الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول، بل وأن يسير بعيدا جدا بالنسبة
لمطالب السعودية التي تتعلق بمظلة الدفاع الأمريكية وسلاح أمريكي متطور للمملكة، وإنتاج
ذاتي للسلاح في السعودية وبرنامج نووي مدني يتضمن تخصيب اليورانيوم على الأراضي
السعودية".
حوارات مكثفة
وذكر أن "الحوار الأمريكي -
السعودي يجري بكثافة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، وكجزء من هذا كانت زيارة وزير
الخارجية بلينكن ورئيس مجلس الأمن القومي جايك سوليفان إلى السعودية".
ونوه إلى أن "إسرائيل في كل
الأوقات، هي في صورة تفاصيل هذا الحوار، وتجري حوارا داخليا موازيا، وهكذا، أجريت
مؤخرا بضع مداولات سرية بمشاركة مجموعة ضيقة من كبار المسؤولين؛ رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو، وزير الأمن يواف غالانت، الوزير ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي
هنغبي وبضعة كبار مسؤولين في الجيش وفي الموساد وفي لجنة الطاقة الذرية، هؤلاء
بحثوا في ثلاث مسائل مركزية تنبع مباشرة من الاتفاق، هي النووي والسلاح المتطور
وحلف الدفاع".
ورأى ليمور، أن "المسألة الأكثر
دراماتيكية تتعلق بالنووي؛ فالسياسة الإسرائيلية التقليدية، كجزء من عقيدة بيغن هي
عدم السماح لأي دولة في الشرق الأوسط بحيازة قدرة نووية".
وقال أحد المسؤولين: "الميل الذي
ينعكس في المداولات هو عدم رفض الموضوع رفضا باتا بل البحث عن حلول تسمح لإسرائيل
بأن تتعايش معه بسلام".
مصدر آخر، لم يشارك في المداولات، لكنه
مطلع على مضمونها، قال: "هذا جنون، سيفتح سباقا نوويا في المنطقة، وبعدها ستأتي
مصر وتركيا وغيرهما، وفضلا عن هذا فإن السعودية اليوم مستقرة بوجود
ابن سلمان، لكن من
يضمن لنا ألا يحصل له شيء ما وعندها نكتشف حكما محافظا يحوز المفتاح لسلاح
نووي؟".
وقال: "في كل ما يتعلق بتعاظم قوة السعودية
بسلاح متطور، ستطرح تل أبيب على واشنطن قائمة مطالب تبقي تفوق إسرائيل النوعي
الأمني، وبقدر ما هو معروف فإنه ينشغل الجيش بهذا الموضوع منذ الآن، انطلاقا من الفهم
بأن الحديث يدور عن فرصة لمرة واحدة لتعاظم قوة كمية ونوعية وكذا للدفع قدما
بصفقات مستقبلية وجداول زمنية لصفقات قائمة، وكجزء من هذا، كفيلة إسرائيل أن تطلب
بتثبت المساعدة الأمنية الأمريكية لفترة أطول من خمس سنوات".
إشارة لإيران
وفي زيارة الوزير الإسرائيلي ديرمر إلى
واشنطن الأسبوع الماضي، اهتم أيضا بمسألة "حلف الدفاع"، وهنا أيضا،
"الآراء في إسرائيل منقسمة بين مؤيد ومعارض، وفي محيط نتنياهو يميلون لتأييد
حلف دفاع مشابه لذاك الذي يمنح للسعودية، أساسا كإشارة لإيران، وبالمقابل، فإن هناك
جهات تعتقد بأن حلفا كهذا لن يخدم إسرائيل بل سيقيدها في إمكانية العمل بشكل
مستقل".
ولفت الخبير، إلى أن "إدارة بايدن
تحتاج التأييد الإسرائيلي للاتفاق كي تمرره سياسيا في واشنطن أيضا، وأساسا كي تسمح
من خلاله باتفاق تطبيع إسرائيلي - سعودي يتحقق كاتفاق مصالحة بين إسرائيل والعالم
العربي والإسلامي، ولإسرائيل مصلحة كبيرة في ذلك لأسباب سياسية، وأمنية واقتصادية،
لكنها ستكون مطالبة بتنازلات في المسألة الفلسطينية، وفي تل أبيب ألمحوا في
الأسابيع الأخيرة، أن هذه ستكون تنازلات طفيفة".
جهة مطلعة على التفاصيل أوضحت أن
"ولي العهد لا يمكنه أن يلقي بالفلسطينيين تحت العجلات وسيطلب شيئا ما ذا
مغزى بالمقابل"، وعلق المراسل، بقوله: "ليس من الواضح كيف ستتصرف إسرائيل
في هذا الوضع، باعتبار تركيبة الحكومة الحالية يمينية متطرفة كفيلة بأن تصعب
التقدم بالصفقة".
وزعم مصدر غربي، أن "كل الأطراف تريد جدا
هذه الصفقة، لكن واحدا فقط سيكسب منها جدا؛ هو الطرف السعودي".
وخلص المراسل الإسرائيلي، إلى أنه
"من زيارة قصيرة يصعب التقدير إلى أين ستتقدم هذه المسيرة، الجدية والنوايا
هنا ظاهرة في كل خطوة وزاوية. ابن سلمان يريد أن ينقل السعودية من المحافظة إلى
الانفتاح ولهذا الغرض هو مستعد لأن يقطع شوطا بعيدا. وفي الأشهر القريبة القادمة
سيتبين إذا كانت إسرائيل ستكون جزءا من هذا التاريخ".