قالت صحيفة
نيويورك تايمز، إن
الصين تغرق العالم بالسيارات، في الوقت الذي
تتعثر فيه العديد من صادراتها، وينفق المستهلكون عليها أقل في الداخل.
وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الطلب الخارجي على
السيارات الرخيصة المصنوعة في الصين، وأغلبها نماذج تعمل بالبنزين والتي يتجنبها
المستهلكون الصينيون الآن لصالح السيارات الكهربائية، كبير للغاية، لدرجة أن العقبة
الأكبر أمام بيع المزيد في الخارج تتلخص في الافتقار إلى
السفن المتخصصة لنقلها.
وقفزت شركات صناعة السيارات الصينية إلى الهيمنة في روسيا منذ بدء الحرب في
أوكرانيا، حيث قامت بنقل السيارات بالقطار. كما استحوذت الشركات على حصص كبيرة من
الأسواق في جنوب شرق آسيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية والمكسيك. ومع استمرار
الرسوم الجمركية في عهد ترامب، والتي تعيق المبيعات إلى الولايات المتحدة، تستعد
شركات صناعة السيارات الصينية لتوجه كبير إلى أوروبا - بمجرد أن يكون لديها ما
يكفي من السفن.
وتقوم أحواض بناء السفن على طول نهر اليانغتسي ببناء أسطول من السفن
الحاملة للسيارات التي تعمل بمثابة مواقف سيارات عائمة عملاقة، قادرة على حمل 5000
سيارة أو أكثر في المرة الواحدة.
وقال فنغ وانيو، عامل لحام السفن، خلال استراحة الغداء، إن حوض جينلينغ
لبناء السفن في ييتشنغ، وهي بلدة قريبة من نانجينغ، "مزدحم على مدار الساعة،
وهناك نوبات ليلية كل يوم".
وانخفض إجمالي صادرات السلع الصينية، من كل شيء، من الأثاث إلى الإلكترونيات
الاستهلاكية، بنسبة 5.5% في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، وفقا للبيانات
الصادرة يوم الخميس. ولكن صناعة السيارات في الصين تضاعفت صادراتها أربعة أضعاف في
غضون ثلاث سنوات فقط، متجاوزة اليابان هذا العام باعتبارها الرائدة على مستوى
العالم. وفي هذا العام، ارتفعت صادرات السيارات بنسبة 86% حتى تموز/ يوليو.
وتضاءلت شهية الأسر الصينية للإنفاق على السيارات الجديدة وكل شيء آخر
تقريبا مع انخفاض أسعار العقارات، أظهرت ثقة المستهلك علامات قليلة على التعافي
حتى بعد رفع ما يقرب من ثلاث سنوات من سياسات "القضاء على كوفيد" الصارمة.
وقالت الصحيفة، إنه حين "تشتري الأسر الصينية السيارات، فإنها تختار
بشكل متزايد السيارات الكهربائية من الشركات المصنعة المحلية، التي تقود الإنتاج
العالمي للسيارات الكهربائية. والنتيجة هي إمداد هائل من النماذج التي تعمل
بالبنزين، والتي لم يعد المستهلكون الصينيون يريدونها، لكنهم ما زالوا يبيعونها في
الخارج".
وتعاني شركات صناعة السيارات الصينية من طاقة مصنعية غير مستغلة لبناء نحو
15 مليون سيارة تعمل بالبنزين سنويا. وقد استجابوا بإرسال أكثر من أربعة ملايين
سيارة هذا العام إلى الأسواق الخارجية بأسعار منافسة.
قال بيل روسو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة كرايسلر الصين، والذي يشغل الآن
منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوتوموبيليتي، وهي شركة استشارية في شنغهاي:
"لماذا توجهوا نحو التصدير؟ لأنه يتعين عليهم ذلك – ماذا عليهم أن يفعلوا، هل
سيغلقون المصانع؟".
وفي جميع أنحاء العالم، تستحوذ شركات صناعة السيارات الصينية على حصة في
السوق. وما يمنح شركات صناعة السيارات في الصين ميزة هو أن المواد الخام
المستخدمة في صناعتها من فولاذ وإلكترونيات رخيصة الثمن. كما تمنح الحكومات
المحلية في الصين الشركات أراضٍي مجانية تقريبا، وقروضا بفائدة قريبة من الصفر،
وإعانات أخرى.
وبعد سنوات من مكاسب الجودة والتحسينات التكنولوجية، أصبحت السيارات
الصينية، حتى تلك التي تحتوي على محركات احتراق قديمة، تلفت الأنظار في المعارض
الصناعية، مثل معرض ميونيخ للسيارات هذا الأسبوع.
وفي أستراليا، تفوقت شركات صناعة السيارات الصينية على منافسيها الكوريين
الجنوبيين في المبيعات، وهي تلحق بالمنافسين اليابانيين. كما قامت الصين بتوسيع
صادراتها بسرعة إلى المكسيك وبريطانيا، وبدأت في زيادة الشحنات إلى بلجيكا
وإسبانيا، اللتين تتمتعان بموانئ مهمة لتفريغ السيارات، والتي تخدم كبوابة إلى دول
الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وأدى نقص السفن إلى منع الصين من تصدير المزيد، وقال مايكل دون، الرئيس
السابق لشركة جنرال موتورز إندونيسيا: "إنهم يصنعون السيارات بشكل أسرع بكثير
من بناء السفن"، ولكن بدأ هذا بالتغير.
وقد قدمت شركات صناعة السيارات الصينية مثل BYD وChery، وخطوط الشحن الأوروبية
والسنغافورية التي تنقل السيارات لصالحها، تقريبا جميع الطلبات المعلقة حاليا في
جميع أنحاء العالم لشراء 170 سفينة تحمل سيارات. قال دانييل ناش، رئيس ناقلات
المركبات في شركة VesselsValue، وهي شركة بيانات الشحن في
لندن، إنه قبل طفرة تصدير السيارات الصينية، لم يكن يتم طلب سوى أربع سفن شحن
سيارات سنويا.
وقال لي تشا، وهو عامل لحام، إنه كان يؤدي نوبات عمل مدتها 12 ساعة، مع
استراحة لمدة ساعتين في منتصف النهار، ليعود بالدراجة إلى المنزل لتناول طعام
الغداء، تضيء الأضواء الكاشفة حوض بناء السفن ليلا؛ حتى تتمكن الفرق من القيام
بالمهام الملحة بشكل خاص، مثل تركيب الأنظمة الكهربائية.
إن الحافز لبناء المزيد من السفن واضح. وقال ناش إن التكلفة اليومية التي
تتحملها شركة صناعة السيارات لاستئجار سفينة تحمل سيارات ارتفعت إلى 105 آلاف
دولار، بعد أن كانت 16 ألف دولار قبل عامين. تنفق شركة BYD ما يقرب من 100 مليون دولار أمريكي لبناء ما سيكون أكبر ست حاملات
سيارات على الإطلاق. ومن المقرر الانتهاء من معظم السفن في السنوات الثلاث
المقبلة.
وأصبحت أوروبا الهدف الرئيسي لمعظم شركات صناعة السيارات الصينية. إنهم
يستخدمون علامات تجارية مثل Volvo وMG، التي تم الحصول عليها منذ سنوات عديدة، لكسب قبول أكبر في
أوروبا.
وتقوم شركة شنغهاي لصناعة السيارات المملوكة للدولة، والتي استحوذت على العلامة
التجارية البريطانية الشهيرة MG في عام 2007، بتصدير
سيارات رخيصة الثمن من الصين، ليس فقط إلى بريطانيا، بل وأيضا إلى أستراليا. عادت MG للظهور من جديد في أستراليا
هذا العام، كواحدة من أفضل ماركات السيارات مبيعا في البلاد.
وبدأ المشروع المشترك بين جنرال موتورز و SAIC في شحن سيارات Chevrolet Aveo صغيرة الحجم إلى المكسيك، للبيع في حزيران/ يونيو، بسعر
يبدأ من 16.300 دولار.
وهناك سوق كبيرة مفقودة بشكل واضح بين الوجهات الرئيسية لصادرات السيارات
الصينية، وهي الولايات المتحدة. ولا يتم تصدير أي سيارات صينية تقريبا إلى هناك
الآن، ولا يتوقع أن يحصل ذلك في وقت قريب.
وعندما فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية على الواردات من الصين في عامي
2018 و2019، تضمنت الدفعة الأولى رسوما بنسبة 25% على السيارات التي تعمل بالبنزين
والسيارات الكهربائية، وعلى محركات البنزين، وبطاريات السيارات الكهربائية. ولا
يقتصر الأمر على أن التعريفات ما زالت قائمة، بل إنها صدرت بموجب تشريع يمنح سلطة
تقديرية واسعة للممثلة التجارية للولايات المتحدة، كاثرين تاي حاليا، لزيادتها إذا
لزم الأمر.