لا تتوقف حكومة اليمين الفاشي في دولة الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها
الاستيطانية في
الضفة الغربية، والتوسع في مخطط الضم العدواني، وإفساح المجال أمام مزيد من البناء غير القانوني، وشرعنة نظام الفصل العنصري على
الفلسطينيين بحكم الأمر الواقع، إضافة إلى تطبيق سياسة "التفوق اليهودي" في المناطق المحتلة.
أفنير هوفشتاين مراسل موقع "
زمن إسرائيل"، ذكر أن "التصريحات العنصرية الأخيرة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير حول حقه المزعوم بالتجول في طرقات الضفة الغربية، أهم من حق الفلسطينيين في التنقل، وما أثارته من ضجة في جميع أنحاء العالم، لعلها ليست الأولى التي يتحدث فيها وزير إسرائيلي بطريقة عنصرية".
وأضاف: "رغم حث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تقليل الضرر الناجم عن تصريحات بن غفير، لكنه في الواقع لم يعترض على مضمون الكلمات، بل على تفسيرها فقط، ومع ذلك فقد شدّت انتباه الرأي العام للحظات إلى الذراع الآخر لنشاط الحكومة اليمينية، الذي لم يتم الحديث عنه كثيرا في الأشهر الأخيرة، وهو تعزيز الاحتلال".
وأشار في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن "هذه التصريحات والمواقف تكشف عن حقيقة سياسة الحكومة اليمينية الكاملة، التي أعلنت في مبادئها الأساسية الالتزام باستمرار الاحتلال، وتسريع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وتعميق السيطرة على المناطق الفلسطينية، وهو ما يتضح بتغيرات الوضع على أرض الواقع، من خلال ما نشره تقرير جديد لمعهد زولات للمساواة وحقوق الإنسان، حول توفر سياسة واضحة ونشطة لضم الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة من قبل قمة الحكومة الإسرائيلية، بهدف تعزيز الاحتلال، وربما حتى إعداد أرضية للإلغاء الكامل للترتيبات الأمنية الموقعة في اتفاقات أوسلو، التي أتمت عامها الثلاثين هذا الأسبوع".
وأوضح هوفشتاين أن "هذه الخطوات تعمّق وتثبّت قبضة الاحتلال على الضفة الغربية، واستخدام ممارسة السيطرة على الفصل العنصري، التي يستفيد منها اليهود المقيمون في الضفة الغربية على حساب الفلسطينيين، من خلال التوجيهات الإدارية ومخصصات الميزانية، بطريقة ترقى لتغيير نظام الحكم الذي تديره إسرائيل في الأراضي المحتلة بطريقة منظمة ومتعمدة ومعلنة".
وبيّن أن "اللجنة الفرعية للاستيطان في مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية، وافقت على 43 خطة بناء في 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية، بما يعادل بناء أكثر من 7000 وحدة، بما فيها منطقة صناعية"، مشيرا إلى أن حكومة الاحتلال "لا تفعل ذلك فحسب، بل تشجع البناء في المستوطنات التي تمت الموافقة على إنشائها قانونيا من الحكومات السابقة".
وتابع: "كما قرر مجلس الوزراء السياسي الأمني شرعنة 10 بؤر استيطانية غير قانونية، بينها 335 وحدة سكنية على مساحة تزيد على ألف دونم، ما يقرب من نصفها أراض خاصة مملوكة للفلسطينيين، وبهذه الطريقة، تقوم الحكومة بدور نشط في عملية النهب الإجرامي المستمر للأراضي الزراعية المملوكة للفلسطينيين".
وأكد هوفشتاين أن "إحدى الحالات الواضحة لغسل جرائم البناء هذه، إعادة شرعنة مدرسة شوماش الدينية غير القانونية، في عملية سرية ليلية في شهر أيار /مايو، وهذه الخطوة تمت في انتهاك للقانون العسكري في المنطقة، ولكن بتوجيه من المستوى السياسي، وحظيت بدعم وزير الحرب يوآف غالانت ووزراء آخرين ساهموا بإنشاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية في حوماش؛ باعتبارها الخطوة الأولى في التنفيذ الفعلي لـ"إلغاء قانون الانفصال" في شمال الضفة الغربية، بهدف إعادة مستوطنتي شانور وحوماش".
ولفت إلى أن "وزير المالية بيتسلئيل سموتريش، الذي يشغل أيضا منصب وزير في وزارة الحرب مكلف بالإدارة المدنية في سياق انقسام غير مسبوق داخل الوزارة، وهو يستعد لاستقبال نصف مليون مستوطن إضافي في الضفة الغربية، وتحسين البنية التحتية في المستوطنات، وطالب بأن تتناول الخطة، من بين أمور أخرى، جوانب النقل الخاص والعام والتعليم والتوظيف، موضحا أنه لن يجد صعوبة في جمع المليارات العديدة للخطة، إضافة لتدريب وتشجيع البناء اليهودي في الأراضي الفلسطينية، وتعمل بشكل مباشر على إحباط البناء الفلسطيني، من خلال منع خطط التنمية على الأراضي الفلسطينية".
وأكد أن "هذه الخطوات تعبّد الطريق أمام تغيير وقائع اتفاق أوسلو عبر تغيير الحكومة للتوازن القائم في المناطق الفلسطينية، وزيادة السيطرة على الفلسطينيين بتوسيع استخدام القوة العسكرية والشرطية، وتمكين المستوطنين من ممارسة هذه القوة، من خلال الاعتماد على أهمية حمل سلاحهم الشخصي".
وأضاف: "لعل ظهور زوجة الوزير بن غفير وهي تحمل مسدسين نموذج حي على هذا التوجه، مما وجد أثره في تصاعد أعداد المستوطنات، اللاتي حصلن على رخصة حمل السلاح منذ تشكيل الحكومة إلى 88 بالمئة، ما يجعل المستوطنين يعتمدون على قوتهم في حل النزاعات المحلية مع الفلسطينيين، دون الحاجة لاستدعاء الجيش".
تكشف هذه المعطيات الإسرائيلية عن وجود توجه احتلالي بتعمد فرض المزيد من إجراءات تعزيز السيطرة على الضفة الغربية، والتغييرات في البنية الحكومية، وتوسيع حدود ممارسة الصلاحيات في الضفة الغربية، تمهيدا لتغيير وضعها القانوني.
ويسعى الاحتلال لذلك من خلال "السماح" بتثبيت وضع الفلسطينيين كرعايا في هذه الأراضي، ولكن ليس لهم علاقة تاريخية بها، مع أنهم أصحاب الأرض الأصليين، الأمر الذي يعبد الطريق أمام ممارسة الاحتلال، لممارسة أقصى قدر من الصلاحيات مع الحد الأدنى من المسؤولية الأخلاقية عنهم، سواء في القانون، أو في الممارسة العملية.