أصدر تنظيم "القاعدة" كتابا جديدا، بعنوان "قراءة حرة في كتاب 33 استراتيجية"، بقلم محمد صلاح الدين زيدان، وهو الاسم الحقيقي للزعيم الجديد المحتمل للتنظيم والذي يُعتقد أنه خلف الزعيم السابق أيمن الظواهري، وذلك خلال الذكرى الأخيرة لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر.
واستوحى الكتاب الجديد للتنظيم، من كتاب المؤلف الأمريكي روبرت غرين "33 استراتيجية للحرب" الصادر عام 2007؛ فيما كانت القاعدة قد أصدرت عددا جديدا من مجلتها الرئيسية "أمة واحدة"، وهي المخصصة لذكرى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، هددت فيه "بهجمات أكبر بكثير من هجمات سبتمبر".
وفي السياق نفسه، اعتقد مقال مخصص، أن زيدان كتبه، بأن تلك الهجمات "لم تكن كافية لإجبار الولايات المتحدة على تغيير سياساتها، وحث الجهاديين على مواصلة هجماتهم لتحقيق أهدافهم".
عهد "سيف العدل"
ووفق الفريق المختص بالإعلام الجهادي في خدمة "بي بي سي مونيتورنغ"، قدم زيدان (سيف العدل) عدة توصيات، في كتابه الجديد للجهاديين بـ"الابتعاد عن التفكير التقليدي وأن يكونوا مبدعين ورشيقين وناقدين للذات لتحقيق النجاح"، وهو الشيء الذي يشير لكونه محاولة للتكيّف مع التغيّرات التي شهدها عمل التنظيم والظروف المحيطة به في السنوات الأخيرة والخسائر التي مُني بها.
ويضيف زيدان أنه لا يزال بإمكان الجهاديين "الاستفادة بشكل كبير من النظريات والتعاليم التي يقدمها الكتاب حول الاستراتيجية والقوة والحرب"، مشيرا إلى أنه "على الجهاديين أن يكونوا مبدعين ويفكروا خارج الصندوق، ويتجنبوا الالتزام بخطة أو استراتيجية لمجرد أنها آمنة أو مألوفة؛ ويجب ألا يكون قادرا على التنبؤ بالخطوة التالية للجهاديين".
إلى ذلك، ينتقد زيدان عددا من الجوانب في الكتاب الأمريكي "التي لا تتطابق مع مبادئنا وتعاليمنا الإسلامية"، خاصة في ما يتعلق بالمفاهيم الغربية للحكم و"ترويج غرين القبيح للانتهازية والفردية"، كما يقول.
ويدافع الكاتب بقوة عن فكرة عقد اجتماعات بأثر رجعي بعد أي مشروع أو عملية معينة، سواء كانت ناجحة أم لا، من أجل تحليل الخطة والتنفيذ والنتيجة؛ متأسفا لأنه "بعد النجاحات، غالبا ما يكون الجهاديون مشغولين جدا بالاحتفال بحيث لا يمكنهم الجلوس والتفكير في كيف سار المشروع".
وفي السياق ذاته، ينتقل زيدان للحديث عن حرب العصابات، خاصة في المناطق الحضرية، حيث يقول إن "الهجمات لا يمكن أن تكون ناجحة أو أن يكون لها تأثير حقيقي على الحكومة المستهدفة أو العدو"، بحسب توصيفه.
موصيا "عناصر تنظيمه بشن هجمات متتالية، مصحوبة بآلة دعاية قوية للمساعدة في بث الرعب في الحكومة أو المجتمع المستهدف، حتى يشعروا أنه لا يوجد مكان آمن". مركزا على أهمية الحرب النفسية من أجل كسر الأعداء؛ فيما يوصي كذلك بضرب "الأهداف السهلة".
ويقول الكاتب: إنه "من الأفضل تجنب الأهداف المدنية، سواء على أراضينا أو أراضي الأعداء، والتركيز على أفراد الأمن والجيش وكذلك المؤسسات الحيوية للحكومة، في ما قد يوحي بتغيير في استراتيجية التنظيم الذي أسفرت عملياته عن مقتل آلاف المدنيين منذ تأسيسه".
ويأسف زيدان في كتابه لما وصفه بـ"خيانة الشركاء" من دون تسمية أي منهم؛ مردفا أن "هؤلاء الشركاء كانوا يعرفون بسبب مبادئنا وأخلاقنا أن القاعدة لن تفضح أسرارهم أو تتحدّث عنها بشكل سيء علنا، ولذلك استغلوا ذلك للهجوم".
ويشدد على أنه "يجب عدم التسامح مع الشركاء السيئين، وعدم تبرير أفعالهم، وأنه يجب على قيادة المجموعة أن تكون استباقية وحازمة في الشروع في قطع العلاقات مع هؤلاء الشركاء، أو طرد العناصر المشتبه فيها على الفور داخل صفوفها".
تجدر الإشارة، إلى أن كتابات زيدان تختلف عن كتابات الظواهري الذي على الرغم من تأثيره أيضا على الاستراتيجية، إلا أنه ركز بشكل كبير على المسائل النظرية والدينية، وتصرف أحياناً كداعية أكثر من كونه قائداً متشدّداً من خلال محاضراته التعليمية والدينية.
ويشمل الكتاب مجموعة من المواضيع المتعلقة بالاستراتيجية، من مهارات القيادة وبناء الفريق إلى تكتيكات حرب العصابات والحرب النفسية؛ ناهيك عن أهمية أن يكون عناصر تنظيمه "أكثر انفتاحا على الأفكار الجديدة والتغييرات والتقدم في التكنولوجيا والاستراتيجية والحرب".
وتعود جذور زيدان إلى
محافظة المنوفية في
مصر، وهناك تضارب في المعلومات بشأن تاريخ ميلاده حيث تقول بعض المصادر إنه من مواليد عام 1960 وأخرى تقول إنه ولد عام 1963؛ فيما تبنى الأفكار الجهادية خلال فترة المراهقة لكن الظروف المحيطة بانتمائه إلى "حركة الجهاد الإسلامي" المصرية لا تزال غامضة.
ووصل زيدان في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، إلى رتبة عقيد في القوات الخاصة المصرية وكان ناشطا في صفوف الجماعات الإسلامية المناهضة لحكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك؛ واعتُقل عام 1987 ضمن حملة اعتقالات واسعة شملت ستة آلاف شخص، على خلفية تعرض وزير الداخلية المصري آنذاك حسن أبو باشا لمحاولة اغتيال. ثم أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ضده لكنه سجن من الجيش.
بعد ذلك، غادر زيدان، عقب الإفراج عنه، الدولة المصرية نحو
السعودية حيث يعتقد أنه التقى أسامة بن لادن خلال إحدى رحلات الأخير إلى مسقط رأسه لجمع التبرعات للجهاد الأفغاني.