نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" مقالا للصحفي تشارلز بلو قال فيه؛ إنه "منذ هجمات حماس الشنيعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر وإعلان إسرائيل الحرب عليها، كنت أطرح سؤالا مرارا وتكرارا لم أتمكن من الإجابة عليه بشكل كامل خلال هذه الحلقة: لماذا أثارت القضية
الفلسطينية كل هذا القدر من التعاطف بين الناشطين المخضرمين في حركة "حياة السود مهمة"؟"
وأضاف الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي21": "كتبت الأسبوع الماضي أن هذا يمكن إرجاعه إلى العدسة الأيديولوجية والطاقة المتبقية لجيل الشباب المتناغم مع الاحتجاج وأفكار المساواة والعدالة. ولكن بعد إجراء مقابلات مع العديد من الناشطين البارزين في الأيام الأخيرة، أدركت أن هناك المزيد مما يجب استكشافه في الديناميكيات النقدية التي تغذي هذا الشغف، الذي ولد جزئيا من العلاقات الشخصية الطويلة الأمد والشعور المشترك بالهدف".
وأشار إلى أن "هناك حدثين محوريين يبدو أنهما أشعلا حقبة جديدة من التضامن بين بعض الناشطين الأمريكيين الشباب وشعب فلسطين. الأول جاء في شكل نشطاء فلسطينيين أعربوا عن دعمهم على وسائل التواصل الاجتماعي لاحتجاجات عام 2014 في فيرغسون بولاية ميسوري، التي وصفها النشطاء بأنها انتفاضة، وليس مجرد سلسلة من الاحتجاجات. ولم يقدم الفلسطينيون الدعم المعنوي فحسب، بل قدموا نصائح عملية، كما أخبرتني الناشطة شيريل براون، تضمنت نصائح للمتظاهرين حول كيفية حماية أنفسهم من الغاز المسيل للدموع".
وفي ذلك الوقت تقريبا، سافر وفد صغير من الفلسطينيين إلى فيرغسون وسانت لويس للقاء الناشطين الأمريكيين. كل هذا خلق لحظة من الترابط حول شعور مشترك بالمقاومة، بحسب كاتب المقال.
أوضح بلو أن "الحدث الثاني كان رحلة حج إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في عام 2015 نظمها أحمد أبو زنيد، وهو فلسطيني أمريكي من مواليد القدس، شارك في تأسيس Dream Defenders، وهي مجموعة من النشطاء الذين اجتمعوا ردا على مقتل ترايفون مارتن عام 2012. ضم الوفد الصغير بعض الأشخاص الذين سيصبحون أيضا محوريين في الحركة الأمريكية، مثل الصحفي والباحث مارك لامونت هيل".
ونقل الكاتب قول أبو زنيد، الذي تعرض لانتقادات بسبب دعمه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل؛ إنه قاد أو كان جزءا من عدة وفود إلى الأراضي الفلسطينية، ركزت على ما وصفه بالظلم الذي سببه
الاحتلال الإسرائيلي.
وقال بلو؛ إن هذه الرحلات لا تساعد على تطوير روابط قوية بين المجتمعات التي تبعد نصف الكرة الأرضية بعضها عن بعض فحسب، بل تساعد أيضا في ربط القضايا التي تواجهها.
هيل، الذي فقد وظيفته كمساهم في شبكة "سي إن إن" بعد أن ألقى خطابا في الأمم المتحدة حول إسرائيل وفلسطين، أدانته مجموعات بما في ذلك رابطة مكافحة التشهير، أصبح مؤلفا مشاركا لكتاب عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "باستثناء فلسطين: حدود السياسة التقدمية".
ورأى الكاتب أن الأحداث خلال هذه الفترة عززت الشعور بالأممية بين الناشطين وربطت التضامن الحالي بالتضامن التاريخي. وأشار إلى أن ذلك "يعيدنا إلى الوقت الذي دافعت فيه شخصية أمريكية بارزة مثل مالكولم إكس عن القضية الفلسطينية".
وأضاف: "حتى النشطاء الذين لم يقوموا بهذه الرحلات، يصفون وصولهم إلى هذه القضية جزئيا من خلال العلاقات الشخصية مع الفلسطينيين والأمريكيين الفلسطينيين".
ونوه إلى أنه على عكس بعض الصراعات في جميع أنحاء العالم، لا يزال هذا الصراع مستمرا على مرأى ومسمع في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي. وكما أخبرتني الفنانة الكوميدية والممثلة والناشطة أماندا سيلز، فإن هذه الأزمة يحيط بها إلحاح لا تتميز به صراعات أخرى؛ لأننا "قادرون على رؤيتها" دون عملية تنقية.
وتابع: "الأمر الآخر الذي استخففت به في البداية، هو مستوى الانتقادات الموجهة لإدارة
بايدن لاستجابتها لهذا الصراع، وما هو التأثير الذي قد يحدثه ذلك في عام 2024".
وأشار إلى أن شون كينغ، الكاتب السابق لصحيفة ديلي نيوز، الذي لديه ملايين المتابعين على فيسبوك وإنستغرام و"إكس" (تويتر سابقا)، نشر مؤخرا كيف أنه لن يصوت للرئيس بايدن العام المقبل بسبب احتضانه لإسرائيل.
وأوضح كاتب المقال أن كينغ، الذي لم يكن قط مؤيدا قويا لبايدن، وهو بعيد عن أن يكون ديمقراطيا من التيار الرئيسي، أخبره أنه "أشعر وكأنني ناخب بدون مرشح".
وأضاف بلو أنه "في حين أن معظم النشطاء الذين تحدثت إليهم لم يبدوا ملاحظة حادة مثل كينغ بشأن نواياهم التصويتية، فقد أطلق العديد منهم ناقوس الخطر بشأن موجة محتملة من خيبة أمل الناخبين على اليسار بشأن موقف بايدن في هذا الصراع".
ونقل عن موريس ميتشل، المدير الوطني لحزب الأسر العاملة، قوله؛ إنه لا يستطيع التفكير في تجربة لخسارة الناخبين الشباب ذوي العقلية الديمقراطية ومتعددي الأعراق من تصعيد الحرب والمعاناة الإنسانية المتصاعدة، "مع المعرفة بأنه كان بإمكان بلادنا وحكومتنا فعل المزيد لمنع ذلك".
تيفاني لوفتين، التي تصف نفسها بأنها ناشطة في مجال الحقوق المدنية ومنظمة نقابية، وهي مديرة وطنية سابقة للجمعية الوطنية للنهوض بالملونين (N.A.A.C.P.) قسم الشباب والكليات، قالت؛ إنها ستواجه صعوبة في الإدلاء بصوتها لصالح "شخص يدعم الإبادة الجماعية" للفلسطينيين، وهي الطريقة التي وصفت بها موقف بايدن في الحرب بين إسرائيل وغزة. قالت: "لا أعرف إذا كان بإمكاني فعل ذلك يا تشارلز"، بحسب ما نقله المقال.
وذكر الكاتب أن السؤال المطروح على الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن هو: ما حجم قاعدة الدعم التي يمثلها هذا السخط، وما حجم امتناع الناخبين عن التصويت الذي يمكنهم استيعابه؟
وأردف أنه "سيحدث الكثير في العام المقبل، وسيتحول اهتمام الرأي العام حتما إلى قضايا وخلافات أخرى، ولكن في سباق رئاسي متقارب، قد تكون قاعدة الناشطين الساخطين بشكل متزايد على اليسار كارثية بالنسبة لبايدن، وفي إعادة للسباق مع دونالد ترامب، يمكن أن تكون النتائج كارثية على ديمقراطيتنا".