نشرت مجلة
"ايكونوميست" تقريرا، قالت فيه "إن المدينة التي كانت قبل ستة أسابيع موطنا لنحو مليون شخص، أصبحت الآن فارغة"، وذلك في إشارة إلى قطاع
غزة، في تجاهل واضح بأن النزوح كان فقط من
شمال غزة نحو جنوبها، وأن هناك عددا من الأهالي لا يزال صامدا في شمال غزة بالأساس، رافضا تركها.
واستندت الصحيفة فقط على النظر إلى الأحداث في غزة من رؤية يزعم من خلالها الاحتلال الإسرائيلي أنه على صواب، فيما لم يزر مراسل الصحيفة سوى مخيم الشاطئ.
وتقول الصحيفة: "إنه عندما دعيت المجلة في الرابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر للانضمام إلى قافلة إمدادات عسكرية إسرائيلية متجهة إلى الشاطئ، وهو مخيم للاجئين كان مكتظا في شمال غزة، لم يكن هناك أي من سكانه البالغ عددهم 90 ألف نسمة. تم تدمير العديد من المباني السكنية الكثيفة في المخيم، وأصيبت أخرى بأضرار بالغة".
وتابعت: "قامت طوابير مدرعة من القوات الإسرائيلية بتمزيق الطرق، ولم تعد البنية التحتية للكهرباء والمياه والصرف الصحي موجودة. والوضع مماثل في معظم أنحاء مدينة غزة وفي البلدات النائية"، مشيرة إلى أنه: "بعد ستة أسابيع من الحرب وثلاثة أسابيع من القتال البري، أصبحت إسرائيل الآن تسيطر بشكل فعال على المنطقة الواقعة شمال وادي غزة، وهو مجرى نهر يشطر القطاع الذي يبلغ طوله 45 كيلومترا".
وأوضحت أنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر قتل أو تم اختطاف حوالي 1400 إسرائيلي، مستفسرة عن كيفية تخفيف الكارثة الإنسانية في جنوب غزة، بالقول: "تقريبا جميع سكان الإقليم البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يعيشون الآن في الجنوب. سكان غزة يعانون من نقص شديد في الغذاء والماء، وأدى نقص الوقود إلى شل المستشفيات ووكالات الإغاثة. وقد حل فصل الشتاء، جالبا درجات الحرارة الباردة والأمطار التي ستزيد من البؤس".
وتابعت: "لم تعثر إسرائيل بعد على زعيم الحركة في غزة، يحيى السنوار، أو قائدها العسكري، محمد ضيف، وكلاهما يعتقد أنه مختبئ في متاهة الأنفاق تحت القطاع. ومن المقرر أن تقضي القوات الإسرائيلية الأسابيع المقبلة في تفجير مداخل تلك الأنفاق وتمشيط الشمال؛ بحثا عن الأسلحة والمسلحين".
وأردف
المصدر نفسه: "مع ذلك، في مرحلة ما، سيتعين على إسرائيل أن تحول اهتمامها إلى الجنوب. وسيعتمد حجم ما ستتمكن من القيام به هناك على السياسة الداخلية والضغوط الدبلوماسية".
وأردف: "في الأيام الأخيرة، تركز الاهتمام على مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في غزة، وغيرها من المرافق المماثلة. وتقول إسرائيل إن حماس لديها مقر تحت الأرض تحت منطقة الشفاء. وتعتقد أيضا أن بعض أسراها، البالغ عددهم 239، كانوا مختبئين هناك، على الأقل مؤقتا. وفي 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، وبعد تطويقه لمدة ستة أيام، دخلت القوات الإسرائيلية مجمع المستشفى".
وأضاف: "منذ 21 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما وافقت إسرائيل على السماح بدخول المساعدات عبر مصر، قامت حوالي 1200 شاحنة بنقل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الضروريات عبر معبر رفح (قبل الحرب، كان يدخل إلى غزة حوالي 500 شاحنة يوميا). العديد من الناس في الجنوب يتخطون وجبات الطعام، ويكافحون من أجل العثور على المياه النظيفة. ومع حظر إسرائيل لشحنات الوقود بشكل شبه كامل، لجأ بعض
الفلسطينيين إلى حرق الأثاث كحطب للطهي".
وتابع: "أدى نقص الوقود إلى شل الخدمات الأساسية، وتوقف ما يقرب من ثلثي مرافق الرعاية الصحية عن العمل، ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي متوقفة عن العمل. وتقول لجنة الإنقاذ الدولية إن الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفوئيد ستبدأ حتما في الانتشار. وفي 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت الأمم المتحدة أن عمليات تسليم المساعدات ستتوقف قريبا. كانت تفتقر إلى الوقود الكافي حتى لتشغيل الرافعات الشوكية".
واسترسل: "في اليوم التالي، دخلت ناقلة تحمل 23 ألف لتر من الديزل إلى غزة قادمة من مصر، وهي أول شحنة من نوعها تسمح بها إسرائيل منذ بدء الحرب، كان ذلك أفضل من لا شيء، لكن بالكاد". فيما يقول مدير وكالة الأمم المتحدة للإغاثة في غزة، توم وايت، إن "عملية التسليم غطت 9% فقط من الاحتياجات اليومية لمنظمته".
وأضاف: "كما هطلت أمطار شتوية غزيرة، ووجد بعض الفلسطينيين أن خيامهم انهارت في أثناء هطول الأمطار يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، والبعض الآخر ينام في الوحل. يعتبر شهرا كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير باردين ورطبين بشكل أكيد في غزة، حيث تنخفض درجات الحرارة ليلا إلى 8 درجات مئوية".
وأكد
المصدر نفسه على أنه "قبل بدء الحرب، كان حوالي ثلثي الشاحنات التي تدخل غزة تمر عبر معبر كرم أبو سالم. لقد تم إغلاقه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فالدعم ضئيل لمساعدة سكان غزة"، مشيرا إلى أنه "يجب أن تأخذ الإمدادات طريقا غير مباشر عبر مصر، ويصلون إلى محافظة شمال سيناء، ثم يتم نقلهم بالشاحنات إلى معبر حدودي لتفتيشها بحثا عن أسلحة، ومن ثم إعادتها إلى رفح، فيضيف هذا التحويل 100 كيلومتر إلى الرحلة".
وذكّر التقرير نفسه بأن بعض الزعماء الغربيين باتوا يرددون طلب وقف إطلاق النار، من بينهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في مقابلة مع "بي بي سي". فيما لا يزال جو بايدن يرفض الهدنة الدائمة، رغم أنه يتعرض لضغوط من البعض في حزبه للضغط من أجل وقف إطلاق النار. وتجري محادثات حول وقف الحرب مقابل إطلاق سراح بعض الرهائن.