حذر تقرير لمعهد واشنطن من انفجار الأوضاع في
الضفة الغربية، وذهابه
نحو المواجهة الشاملة مع قوات الاحتلال، وذلك على خلفية الاعتداءات التي يقوم بها
المستوطنون في الضفة الغربية، والتي تصاعدت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وبحسب التقرير، فقد استشهد تسعة
فلسطينيين
في مواجهات عنيفة مع عناصر يهودية متطرفة في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر،
وفقاً لبيانات "جهاز الأمن العام الإسرائيلي". ويضاف هؤلاء الضحايا إلى
182 فلسطينيا استشهدوا على يد قوات الاحتلال ضمن ما يسمى "عمليات مكافحة الإرهاب
في الضفة الغربية".
كما امتلأت القنوات الإعلامية التقليدية
وشبكات التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو تُظهر متطرفين يهود يهاجمون السكان الفلسطينيين، ويحرقون المنازل والمركبات، ويخربون الأعمال التجارية، ويدمرون المحاصيل، ويهددون السكان
المحليين بالأسلحة، ويفرضون قيوداً على الحركة، ويتعدّون على المنازل والأراضي والموارد
الطبيعية. ووفقاً لـ"مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية"، ازدادت
أعمال العنف التي يرتكبها المتطرفون اليهود إلى ما معدله سبعة أعمال يومياً بعد 7 تشرين
الأول/ أكتوبر، مقارنةً بثلاثة يومياً في الشهر الذي سبق، ولم تشكك السلطات الإسرائيلية
في هذه الأرقام.
كما تشهد الضفة الغربية اعتداءات من
قبل رعاة الماشية من المستوطنين والرعاة الفلسطينيين، حيث يعمل المستوطنون على
توسيع خطوط الرعي بالادعاء بأنهم يحمون المناطق المفتوحة من استيلاء الفلسطينيين عليها. ورداً على ذلك، أكد الرعاة الفلسطينيون مراراً وتكراراً
مطالباتهم في هذه المناطق، ما زاد من حدة التوتر.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر فقط،
أفادت بعض التقارير بأن أكثر من 1149 فلسطينياً أُرغموا على ترك أماكن إقامتهم أو
عملهم أو مناطق رعيهم؛ بسبب التهديدات والعنف من قِبل المتطرفين اليهود.
وتشير بيانات استطلاعات الرأي الأخيرة إلى
ازدياد خوف الفلسطينيين في الضفة الغربية من التعرض لعنف المتطرفين اليهود. ويخشى العديد
منهم أن يستغل هؤلاء المتطرفون تطوّرين في زمن الحرب هما تحوّل الاهتمام الدولي إلى
غزة وفرض قيود عسكرية إسرائيلية إضافية على تحركاتهم اليومية، لتنفيذ هجمات عقابية
بدعم ضمني (أو، على الأقل، لامبالاة) من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. ولا يثق معظم
الفلسطينيين في أن السلطة الفلسطينية أو الجيش الإسرائيلي سيوفران الأمن لهم، ولذلك
فهم يدعمون بشكل متزايد تشكيل جماعات مسلحة محلية لحماية مجتمعاتهم.
ويقر التقرير بالدعم الذي يتلقاه المتطرفون
اليهود من بعض الجهات الفاعلة السياسية في "إسرائيل"، الذين تتطابق شخصيات
البعض منهم أو تشبه إلى حد كبير شخصيات "شباب التلال" (تنظيم يهودي
متطرف يعمل ضد الفلسطينيين في الضفة).
ويشير التقرير إلى أن المؤسسات الأمنية
الإسرائيلية لم تقم بما يلزم لإيقاف جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين. وتتراوح مواقف
بعض السلطات الإسرائيلية بين عدم الكفاءة والإنكار وبين التعاطف والتماهي التام مع
مرتكبي العنف. ونتيجة لذلك، غالباً ما يتم إحباط الجهود الرامية إلى تقديم المتطرفين
العنيفين إلى العدالة بسبب العقبات البيروقراطية والنظامية.
وفق التقرير، فإن فشل قوات الاحتلال في كبح جماح المستوطنين المتطرفين
في الضفة الغربية سيدفع الفلسطينيين هناك "إلى ما بعد نقطة الانهيار، ونحو مواجهة شاملة مع إسرائيل، ما يفتح جبهة
أخرى في الحرب، ويُعقّد بشكل كبير قدرة الجيش الإسرائيلي على تأمين الحدود وحماية المواطنين".
وبحسب التقرير الذي أعدته نعومي نيومان (عملت
سابقاً كرئيسة لوحدة الأبحاث في "الشاباك")، فإن استمرار الحرب على غزة يفرض
ثلاثة تحديات رئيسية، وهي: العمليات الأمنية الإسرائيلية المكثفة في الضفة الغربية؛
والقيود المفروضة على التحركات المحلية، وفرص العمل للفلسطينيين داخل "إسرائيل"،
وتفاقم العنف من قبل المتطرفين اليهود الأكثر جرأة.
وتعتقد نيومان أنه بينما أن "التحدّين
الأوّلين هما شرطان أمنيان حتميان تقتضيهما الأزمة غير المسبوقة في غزة". فإن
التحدّي الثالث "هو أمر تستطيع إسرائيل تقليصه على وجه التأكيد إذا بذلت جهوداً
أكثر تضافراً وفعالية لمواجهة نشاط اليهود المتطرفين"، محذرة من أن عدم فعل
ذلك سيجر إلى مواجهة شاملة في الضفة الغربية.
وترى نيومان أن جهود حركة حماس لانطلاق
انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية باءت بالفشل حتى الآن، وبحسبها فإن العديد من العوامل
السياسية والاجتماعية والاقتصادية تساعد في تفسير رفض الفلسطينيين في الضفة بإشعال
انتفاضة ثالثة، "لكن الدافع الأكثر أهمية ينبع من الانتفاضة الثانية
(2000-2005)، التي أظهرت نتائجها للفلسطينيين أن العنف لا يضمن مكاسب سياسية، ويمكن
في الواقع أن يدمّر أهدافهم الوطنية وحياتهم الشخصية بطرق عديدة"، على حد
قولها.