قالت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية، إن عملية دولة الاحتلال الإسرائيلي البرية في قطاع
غزة، نجحت لكنها لم تؤد إلى انتصار دولة الاحتلال في معركة الرأي العام.
وأضافت الصحيفة، في المقال الذي أنجزه ماكس بوت، أنه "مضى أكثر من ستة أسابيع على عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأكثر من ثلاثة أسابيع على الهجوم البري في غزة، فكيف تسير هذه الحرب؟"، مردفا: "من وجهة نظري، يمكن تلخيصها بالآتي: تنتصر إسرائيل بالحرب البرية ولكنها تخسر معركة الرأي العام الدولي وليس لديها أي خطة بعدما تسكت المدافع".
وأوضحت الصحيفة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "حاصر الجزء الشمالي من غزة، وهو يقوم بتفتيش المناطق التي تعتبر معقلا لحركة حماس، بما فيها مستشفى الشفاء الذي تزعم إسرائيل أنه مركز عملياتها"، مؤكدة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "خسرت أكثر من 50 جنديا خلال الهجوم".
وتابع المصدر نفسه، نقلا عن الجنرال المتقاعد، عاموس يلدين، الذي قال إن "العملية البرية كانت ناجحة بعدد قليل من الضحايا وأقل من التوقعات الأولى؛ وكان هناك تعاون ممتاز بين القوات البرية والجوية والاستخبارات، حيث يسيطرون بشكل أساسي على شمال غزة، وبفارق واحد وهو أن مقاتلي حماس لم يقتلوا، لا يزالون في الأنفاق الموجودة".
وأردف مصدر الصحيفة، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، "لم تقرر بعد كيفية التعامل مع أنفاق حماس، التي ربما احتجز فيها الأسرى، والتحرك باتجاه مناطق أخرى في غزة، لم يدخلها الجيش بعد"، مذكّرا بما "حدث مع الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، فربما زاد عدد قتلى الجنود الإسرائيليين حيث يتحول الجيش من العمليات القتالية إلى محاولات السيطرة على المناطق الخاضعة له".
وفي السياق ذاته، أكد أن "حماس، تلقت ضربة قوية، لكن قيادتها لم تُقتل أو تُعتقل، وتشك إسرائيل أن زعيم الحركة، يحيى السنوار، مختبئ في خان يونس، أكبر مدينة في جنوب القطاع، ولم تدخل القوات الإسرائيلية الجنوب بعد، وعندما تفعل ستواجه مليوني نسمة، إلى جانب مئات الآلاف من المهجرين من الشمال".
واسترسل في الحديث، بأن "هناك احتمالا كبيرا بسقوط المزيد من الضحايا المدنيين؛ ولا شك أن الجيش الإسرائيلي حصل على خبرات عملية لا تقدر بثمن من هجومه، لكن عملية تدمير حماس، طويلة"؛ مشيرا إلى قول المسؤول السابق في وزارة الدفاع، زوهر بالتي: "نحن فقط بالبداية".
إلى ذلك، استفسرت
الصحيفة: "هل كان جيش الاحتلال الإسرائيلي سيحصل على كل شيء والوقت الذي يحتاجه؟"، مردفا أنه "في كل الحروب التي خاضها، ومنذ غزو لبنان في 1982، أجبر الغضب العالمي إسرائيل على الحد من عملياتها العسكرية قبل أن تحقق نصرا حاسما، والضغط يتزايد عليها في هذه الحرب".
وتابع المصدر نفسه، أنه: "بعبارات واضحة، إن ساعة السياسة تدق أسرع من ساعة الجيش. ففي البداية شعر العالم بما فعلته حماس، لكنه بات مرعوبا من وحشية الرد الإسرائيلي، وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أكثر من 11.000 مدني، منهم 4.000 طفل، هذا قبل أن تتوقف الوزارة عن تقدير الضحايا بسبب قطع الإتصالات عن القطاع".
وذكر المقال، باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأنهم "لم يكونوا ناجحين في الحد من الضحايا المدنيين"، قبل أن يتهم "حماس باستخدامهم كدروع بشرية". فيما يزعم الكاتب أن "إسرائيل بدأت بتخفيف السمعة عليها من خلال السماح، وبعد ضغط أمريكي، للمساعدات الإنسانية والوقود، ونشر تقارير عن استخدام حماس للمستشفيات والمدارس، لكن الضرر قد وقع".
وكشف استطلاع أجرته وكالة أنباء "رويترز" و"إبيسوس"، الأسبوع الماضي، أن "نسبة الأمريكيين الذين يطالبون أمريكا بدعم إسرائيل قد تراجعت من 41% إلى 32% ومنذ بداية الحرب. فيما وافقت نسبة 68% على وجوب وقف إسرائيل إطلاق النار ومحاولة التفاوض".
وأوضح، أنه "ربما تم وقف إطلاق النار لعدة أيام، لكن وقفه لمدة أطول ليس على الطاولة، بخاصة أن الإسرائيليين لا يزالون غاضبين من الهجمات ولا يمكن لـ 200.000 إسرائيلي العودة إلى الجنوب والشمال بسبب الحرب. ويعد وقف إطلاق النار انتصارا لحماس".
ونقل الكاتب، عن مسؤول أمريكي، قوله "إن الإسرائيليين مصممون على تدمير حماس مهما اقتضى الأمر. وهم مصممون على السيطرة على قطاع غزة، بدون أن يكون هناك أي وضوح لما سيحدث بعد؛ فيما يتأرجح بنيامين نتنياهو، الذي لا بوصلة أخلاقية لديه، يائسا، بين المطالب الدولية بعدم إعادة احتلال غزة ومطالب ائتلافه المتطرف بعدم تقوية السلطة الوطنية، بالقول إن إسرائيل لن تحتل غزة، ولكن ستكون لها السيطرة الأمنية الكاملة عليها".
وتابع كذلك، بأنه "لن يسلم المناطق للسلطة الوطنية؛ وهذا مزيج من التصريحات من رجل فقد الشرعية للحكم"؛ مؤكدا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تخسر فرصة لتخفيف مظاهر الغضب
الفلسطيني، والتواصل مع الدول العربية، ويجب أن تكرر على التزامها بالدولة الفلسطينية وتعرض استئناف العلاقات مع السلطة الوطنية؛ ويجب على إسرائيل وقف التوسع الاستيطاني والحد من عنف المستوطنين المتزايد، والتهديد بشن حرب على جبهتين".
وذكر
المقال نفسه، بوصف مسؤول أمريكي، للضفة الغربية، بأنها "تغلي" حيث قال إنه "لو أرادت إسرائيل البقاء مركزة على ما هو أهم، أي الانتصار في غزة واستعادة الأسرى سالمين، فعليهم البحث عن طرق لتخفيف التوترات في الضفة الغربية، وأحسن طريقة هي وقف عنف المستوطنين المتطرفين، وهذا بالنسبة لي شرط لزمن الحرب".
وختم الكاتب مقاله، مؤكدا أنه "شرط تتعامى عنه الحكومة التي يقودها نتنياهو، والتي يسيطر عليها المستوطنون المتطرفون؛ ولهذا فستظل الحرب بدون نهاية في الأفق، ولا يقين أبعد من حمام الدم؛ وانتصار إسرائيل في النزاع ولكن النتيجة النهائية تظل غامضة كما كانت قبل ستة أسابيع".