نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا، تحدثت فيه عن زيارة قام بها مستشار
الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك وسط خلافات حول خطة الحكم في غزة بعد الحرب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مستشار الأمن القومي الأمريكي، وصل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، للمشاركة في أحدث جولة من الدبلوماسية عالية المخاطر لإدارة
بايدن في الشرق الأوسط، وسط خلافات متصاعدة بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وتأتي الزيارة، بعد أيام فقط من توجيه بايدن، انتقاداته الأكثر وضوحا، للحكومة الإسرائيلية منذ بدء الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في تشرين الأول/ أكتوبر. ووصف الرئيس الأمريكي، الحكومة الإسرائيلية، بأنها الأكثر محافظة في تاريخ الدولة، وحذر من أن إسرائيل تفقد الدعم على الساحة العالمية، وبدا أنه يعترض على ما أسماه "القصف العشوائي" لغزة.
وذكرت الصحيفة أن بايدن، يواجه ردود فعل عنيفة على المستوى الداخلي، جراء دعمه للحكومة الإسرائيلية، حيث يمارس الناخبون الشباب والتقدميون وبعضهم في الحكومة الأمريكية ضغوطًا على بايدن لتأييد وقف إطلاق النار.
وذهب بعض القادة في اليسار إلى حد القول إن دعم بايدن لإسرائيل يهدد إعادة انتخابه. وقد رفض بايدن الدعوات إلى وقف عام لإطلاق النار، على الرغم من أنه دعا إلى "فترات توقف" لتسهيل إطلاق سراح الأسرى، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأوضحت الصحيفة أن الجدل حول دعم بايدن لإسرائيل أثر على إدارته، حيث نظمت مجموعة من الموظفين وقفة احتجاجية بشأن غزة خارج البيت الأبيض، دعوا فيها إلى وقف إطلاق النار. فقد قدمت الولايات المتحدة أسلحة لإسرائيل بمليارات الدولارات على مر السنين، بما في ذلك ما يصل إلى 15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية منذ فترة وجيزة من عملية حماس في تاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
كذلك، قدّمت واشنطن غطاءً دبلوماسيًا في مواجهة الإدانة الدولية الساحقة لسلوك إسرائيل في الحرب، لا سيما من خلال استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة الماضي، الذي كان يطالب بوقف فوري لإطلاق النار.
ويوم الأربعاء، أكّد البيت الأبيض مجددًا أن الدعم الأمريكي لإسرائيل لم يتضاءل، ورغم إصرار بايدن المتكرر على أن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل دون قيد أو شرط، فإن البلدين على خلاف حول
مستقبل المنطقة.
وقالت الولايات المتحدة، إن غزة بعد الحرب يجب أن تديرها السلطة الفلسطينية التي تسيطر على أجزاء من الضفة الغربية، وإن المناقشات ينبغي أن تُستأنف بشأن تسوية سلمية شاملة بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأشارت
الصحيفة، إلى أن نتنياهو رفض الخطة الأمريكية، ويراهن على بقائه السياسي وعلى معارضة دور السلطة الفلسطينية في غزة ما بعد الحرب ومنع قيام أي دولة فلسطينية. وحسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، الأربعاء الماضي: "إنها محادثات جادة للغاية ونأمل أن تكون بناءة". لكن قد يكون من الصعب على الولايات المتحدة ممارسة الضغط على إسرائيل.
وقد صرّحت إدارة بايدن بأنها لا تضع أي شروط خاصة على استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية، ولم تعط أي إشارة إلى أنها ستستخدم المبيعات المستقبلية كوسيلة ضغط لإجبار إسرائيل على تغيير سلوكها في الحرب أو سياساتها الدبلوماسية. ومع ذلك، فإن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ينتبهون لانتقادات الديمقراطيين التقدميين لارتفاع عدد القتلى المدنيين، ويخشون أن يفقدوا الدعم الساحق من الجمهور الأمريكي.
وقال أحد المسؤولين أيضًا إن القادة الإسرائيليين أعربوا منذ أسابيع عن مخاوفهم من أن يفقدوا دعم إدارة بايدن. فيما نوهت الصحيفة بأن المسؤولين الأمريكيين يعترفون سراً بأن الحكومة الإسرائيلية غالباً ما تكون مترددة في قبول نصيحة واشنطن بشأن عملياتها.
وأوضحت: "لكنهم قالوا إن إسرائيل توصّلت إلى حل لعدد من القضايا، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تشكيل عملياتها العسكرية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، للسماح بتدفق أكبر للمساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإيقاف القتال من أجل إطلاق سراح رهائن حماس".
وفي هذا السياق، أكد المسؤولون على أن هذا جزئيًا هو السبب وراء قيام إدارة بايدن بحملة دبلوماسية منذ بداية الحرب، من خلال إرسال العديد من المسؤولين إلى المنطقة للعمل مع حكومة الحرب الإسرائيلية والالتقاء بالقادة في الدول العربية.
وحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، الأربعاء الماضي: "لقد كنا واضحين تمامًا لبعض الوقت أن هناك خطوات نعتقد أن إسرائيل بحاجة إلى اتخاذها. لقد رأيتم الحكومة الإسرائيلية تخرج وتقول إنها غير مستعدة لاتخاذ تلك الخطوات، ورأيتم أننا في بعض الأحيان تغلبنا على تلك الخلافات".
وأشار ميلر "بشكل خاص" إلى الخلاف حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة مؤكدا أنه "لا يمكن أن يكون هناك سلام وأمن دائم في المنطقة دون تلبية التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأضافت الصحيفة، أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن استيائهم من انتقادات بايدن بشأن الزعيم الإسرائيلي التي قال فيها إنه "عليه أن يتغير... هذه الحكومة في إسرائيل تجعل من الصعب عليه التصرف؛ وهو ما يمكن أن يضر بالعلاقات بين البلدين". وصرح كيربي للصحفيين: "ليس من حقنا أن نملي الشروط على حكومة أجنبية ذات سيادة". مؤكدا أن بايدن كان "صريحًا جدًا بشأن بعض المخاوف" بشأن سياسة الحكومة الإسرائيلية.
بصفته مستشارًا للأمن القومي بالبيت الأبيض، غالبًا ما يكون لسوليفان دور أكبر في وضع وتنفيذ السياسة الخارجية للرئيس من وزيري الخارجية والدفاع. وسوف تتضمن رحلته التي تستغرق يومين اجتماعات مع نتنياهو وحكومة نتنياهو الحربية والرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ. وقال كيربي إنه من المتوقع أن تتضمن رحلة سوليفان، محطات أخرى في المنطقة. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها سوليفان إلى إسرائيل منذ الهجمات.
وقال مسؤولون أمريكيون، إنه سينضم إليه سفير واشنطن الجديد لدى إسرائيل، جاكوب ليو، ومبعوث بايدن الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد. ومن المقرر أن يسافر وزير الدفاع، لويد أوستن، إلى الشرق الأوسط، الأسبوع المقبل، للقاء قادة البحرين وقطر وإسرائيل، وفقًا للبنتاغون. وقام وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومسؤولون آخرون في الإدارة برحلات متعددة إلى المنطقة.
ونقلت
الصحيفة، عن سوليفان، قوله إنه "سيضغط على إسرائيل بشأن جدول زمني لعملياتها في غزة"، وسط احتجاج عالمي على ارتفاع عدد القتلى المدنيين وقلق رئيس بعثة الأمم المتحدة للاجئين في غزة من أن المنطقة أصبحت "غير صالحة للعيش" بالنسبة للفلسطينيين.
وتابع سوليفان، أنه سيضغط على حكومة نتنياهو، بشأن تصريحات رئيس الوزراء، الأخيرة، بأن جيشه سوف يحتاج إلى البقاء في غزة لفترة طويلة بعد هزيمة حماس، وهي المسألة التي عارضتها الولايات المتحدة بشكل واضح ووصفتها بالاحتلال.
ردًا على سؤال ما إذا كانت تصريحات بايدن حول "القصف العشوائي"، إشارة إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن إسرائيل ليست حذرة؛ قال كيربي: "في بعض الأحيان، في الحرب، أفضل خططك، وأفضل تنفيذ لهذه الخطط، لا تسير دائمًا بالطريقة التي تريدها".
وأورد أن "الولايات المتحدة تتوقع أن إسرائيل ستواصل القيام بما تعهدت به فيما يتعلق بحماية المدنيين؛ ومن المهم أن تتطابق النتائج مع هذه النية".