نشر موقع "
بي بي سي نيوز" بنسخته التركية تقريرا سلط فيه الضوء على المعادلة الدبلوماسية والأمنية لتركيا (من العلاقات اليونانية التركية إلى عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي) خلال سنة
2023.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن القضايا التي ستشغل أجندة السياسة الخارجية التركية في السنة الجديدة هي عدم اليقين السياسي والاستراتيجي الذي سببته حروب أوكرانيا وروسيا و"إسرائيل" و"حماس".
بالنسبة لتركيا، التي كان لها رد الفعل الأشد على "إسرائيل"، واتهمت الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، بـ"الصمت عن المجازر"، ستكون الأولويات تحقيق وقف إطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن واتخاذ خطوات نحو حل الدولتين بشأن قضية "إسرائيل" وفلسطين. واتجاه العلاقات التركية الغربية ستحدده موافقة البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو واتخاذ الولايات المتحدة خطوات بشأن بيع مقاتلات إف-16، وفقا للتقرير.
هل تكون تركيا ضامنة لفلسطين؟
قال التقرير إنه بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، نصح الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان الجانبين بالاعتدال، لكن مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية، بدأت
تركيا بانتقاد حكومة بنيامين نتنياهو بشدة.
وأضافت أن أردوغان اتهم "إسرائيل" بارتكاب "الإبادة الجماعية" وشبّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأدولف هتلر، زعيم ألمانيا النازية الذي كان مسؤولا عن مقتل حوالي 6 ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية. وانتقدت الدول الغربية تصريحات أردوغان التي وصفت "حماس" بأنها "منظمة سياسية وليست إرهابية".
وبينما كانت هذه التصريحات تشغل الساحة السياسية، فقد كثفت الدبلوماسية التركية جهودها لإنهاء النزاع في غزة في أسرع وقت ممكن، وفتح الطريق إلى وقف إطلاق النار الدائم والسلام. وقام وزير الخارجية التركي الجديد
هاكان فيدان بنشاط دبلوماسي مكثف مع منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية من أجل وقف إطلاق النار. وقدم فيدان نموذج "الضامن" الذي طورته تركيا إلى أطراف النزاع والقوى الدولية الرائدة، بحسب التقرير.
وتابع بأنه وفقا للنموذج الذي لم تتضح تفاصيله بعد، فستكون تركيا ودول المنطقة ضامنا لفلسطين، وستكون الدول الغربية التي تريد ذلك أيضا ضامنا لـ"إسرائيل". وستبذل هذه الدول جهودا فعالة لضمان تنفيذ معاهدة السلام الدائمة التي اتفق عليها الطرفان دون انتهاك. لكن رد فعل تركيا لكل من "إسرائيل" والغرب في هذه العملية وخطابها الحاد تُعتبر من بين العوائق التي تعترض طريقها لتكون وسيطا أو ضامنا فعالا في عملية سلام محتملة.
لا يتوقع أي تغيير على الجبهة الأوكرانية
يتوقع دبلوماسيون أتراك عدم حدوث تغيير كبير في مسار الحرب الروسية الأوكرانية طوال سنة 2024. توقعوا أن أوكرانيا لن تتمكن من استعادة سوى جزء صغير من أراضيها، وأن روسيا لن تتمكن من تحقيق الزخم الذي تريده بسبب مشاكلها العسكرية والاقتصادية. كما أنهم توقعوا أن يستمر الوضع على هذا النحو حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
في المقابل، أشار التقرير إلى أن أنقرة تدعم سيادة أوكرانيا، وتقدم الدعم لإدارة كييف من خلال تقديم طائرات بيرقدار تي بي 2 المسيرة المتقدمة. وفتحت أنقرة أبواب التعاون في العديد من المجالات، بما في ذلك الدفاعات الصناعية، خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تموز/ يوليو 2023.
وأورد الموقع أنه بعد 10 أيام من هذه اللقاءات بين تركيا وأوكرانيا، أعلنت روسيا أنها لن تجدد دخول الممر الآمن للحبوب الذي بدأ في سنة 2022 بمبادرة من تركيا والأمم المتحدة. ورغم جميع المساعي التي قام بها الرئيس أردوغان ووزير الخارجية فيدان، فإن الكرملين لم يتراجع عن قراره، ما أنهى أهم مكاسب أنقرة الدبلوماسية منذ اندلاع الحرب.
من أبرز العوامل التي ميزت العلاقات بين أنقرة وموسكو في سنة 2023، وفقا للتقرير، اتهامات أحزاب المعارضة التركية بتدخل روسيا في انتخابات أيار/ مايو لصالح السلطة. وزعم المرشح الرئاسي عن تحالف المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، أن روسيا كانت وراء بعض الحملات التي تم تنظيمها على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن جهتها، نفت روسيا هذه المزاعم.
السويد تنتظر الموافقة على الانضمام إلى حلف الناتو
أشار الموقع إلى أن أحد آخر التطورات لسنة 2023 كانت موافقة لجنة الخارجية في البرلمان التركي على بروتوكول انضمام السويد إلى الناتو، ليتم تأجيل استكمال العملية إلى سنة 2024. ومن المتوقع أن يعود البرلمان التركي من عطلة رأس السنة الجديدة في 16 كانون الثاني/ يناير، ولكن لا يزال من غير المعروف متى سيصل البروتوكول إلى الجمعية العامة للبرلمان.
وفي مكالمة هاتفية أجراها الرئيس أردوغان مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في 15 كانون الأول/ ديسمبر، تمت مناقشة موافقة السويد على عضوية الناتو وبيع الولايات المتحدة لتركيا 40 مقاتلة إف-16 جديدة. ويُذكر أن بايدن أبلغ أردوغان بأن إدارة البيت الأبيض تدعم بالكامل بيع إف-16، وأنه سيتم اتخاذ إجراءات في هذا الاتجاه في حال اتخاذ خطوات بشأن السويد.
عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي غير واضحة في سنة 2024
لفت التقرير إلى أن أهم تطورات العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في سنة 2023 هي تقرير جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر. وتضمن التقرير، توصيات مهمة لتحديث الاتحاد الجمركي، وتسهيل التأشيرات، وإزالة بعض العقوبات التي تم فرضها في سنة 2019. ومع ذلك، فإنه لم يتم إدراج التقرير على جدول أعمال قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في 14- 15 كانون الأول/ ديسمبر.
وذكرت الوثيقة الختامية للقمة أن التقرير سيتم النظر فيه في اجتماع لمجلس الاتحاد في وقت لاحق. ومن بين أسباب تأجيل الاتحاد الأوروبي مناقشة طلب انضمام تركيا إلى تاريخ لاحق، سيطرة مناقشات الميزانية الأوروبية ومفاوضات انضمام أوكرانيا ومولدافيا على قمة 14- 15 كانون الأول/ ديسمبر.
يستمر التطبيع بعد الزلزال
أورد الموقع أن الزلزال الذي ضرب ولاية قهرمان مرعش في 6 شباط/ فبراير 2023 وتسبب في مقتل أكثر من 50 ألف شخص، كان له تأثير إيجابي على عملية التطبيع التي تشهدها العلاقات بين تركيا وجيرانها، وخاصة تلك التي تعاني من مشاكل. وساهمت المساعدات التي قدمتها اليونان ومصر لتركيا والزيارات رفيعة المستوى من كلا البلدين، في تعزيز عملية التهدئة مع كل منهما.
وقد زاد الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس من تواصلهما بعد فوزهما بالانتخابات في بلادهما. ووقّع الزعيمان، خلال زيارة أردوغان إلى أثينا في 7 كانون الأول/ ديسمبر، على إعلان أثينا الذي يهدف إلى تعزيز حسن الجوار والصداقة. وأكد الزعيمان عزمهما على المضي قدمًا في هذا "المسار التاريخي" دون انقطاع. وتستعد تركيا، التي تقاربت أكثر مع مصر في إطار الحرب الإسرائيلية-الفلسطينية التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لزيارة محتملة للرئيس أردوغان إلى القاهرة خلال 2024.