انتقادات واسعة أثارها تمرير مجلس النواب المصري تعديل قانون "الأراضي الصحراوية" الذي يمنح الأجانب حق الحصول على الأراضي، ويمنح المستثمرين العرب الحق في تملك الأراضي مساواة بالمصريين، بدعوى تعمير "الصحراء" و"الاستثمار".
ووافق
البرلمان المصري، الأربعاء الماضي، نهائيا على مشروع القانون المقدم
من الحكومة، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية.
ويهدف
مشروع القانون منح الحق للمستثمر الأجنبي في الحصول على الأراضي اللازمة لمزاولة
نشاطه أو التوسع فيه، وفقا لأحكام قانون الاستثمار، دون التقيد بما تضمنته المادتان
(11، 12) من قانون الأراضي الصحراوية.
وتنص
المادتان على ألا تقل ملكية المصريين عن 51% من رأس مال الشركة، وألا تزيد ملكية
الفرد على 30% من رأس مالها، ومن اقتصار التملك على المصريين فقط.
يأتي
التعديل على القانون بدعوى خطة الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية وإزالة المعوقات
التي تواجه المستثمرين، والمساهمة في النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وتفعيل
دور الاستثمار في المساعدة في إعادة هيكلة الاقتصاد.
نواب
يرفضون القانون
وشهدت
الجلسة اعتراضات من قبل بعض النواب، محذرين من مغبة تعريض الأمن القومي للبلاد
للخطر عبر بيع الأراضي للأجانب، خاصة في حال السماح ببيع الأراضي في شبه جزيرة
سيناء التي تعدّها دولة الاحتلال جزءا من دولتها الكبرى.
رئيس
الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، عبد العليم داود، اعترض على القانون شكلا وموضوعا
على حد تعبيره، وقال: "نحن مع الاستثمار
وجذب الاستثمار"، متسائلا: "ماذا لو جاء صهيوني بجنسية أخرى وعنده أموال
ودعم إقليمي، هل ستبحث في أصله وفصله؟".
وفند
إجراءات الحكومة المصرية السابقة قائلا: "ماذا فعلنا عندما قمنا ببيع
الشركات، وأجرنا الموانئ لإدارات خارجية؟ عندنا أموال مستثمرين مصريين هربت
للخارج، لدينا موانئ تم تأجيرها للخارج، عندنا شركات بيعت للخارج، وفي النهاية سوف
نبيع أرض الوطن ونملكها للخارج.. لا يا فندم.. الموضوع مرفوض شكلا وموضوعا".
نواب
يحذرون من نوايا سيئة
ونقلت
مواقع محلية عن النائب المستقل، محمد عبد الحميد هاشم، قوله، خلال جلسة البرلمان؛ إن
هناك مؤامرة على مصر، والتفافا يسمح لآخرين بتملك الأراضي والعبث بمصر، قائلا:
"العرب أكثر قسوة على المصريين"، على حد قوله.
فيما أعلن
النائب ضياء الدين داوود، رفضه مشروع القانون واستغلاله في اختراق الأمن القومي
المصري، وقال: "الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة. مصر بعد عام
1952 رأت أن هناك خطرا في أمرين؛ تملك الأجانب الأراضي الزراعية، والأراضي الصحراوية".
وأضاف:
"بما لا يخفى علينا جميعا، نحن محاطون بوضع إقليمي ودولي يحاول أن يخترق
البلاد كما اخترق. لكن هناك قوانين بنوازع الاستثمار يمكن أن تفتح أبواب جهنم، إن
انحرفت بها النصوص، يمكن أن تتمكن من رقبة هذا البلد".
وصف داوود
"الأمر جد خطير، لا بد أن نراجع أنفسنا مع هذا النص. هذا النص في هذا
التوقيت والسودان تُقسم وحدودنا الشمالية الشرقية جهارا نهارا يتحدثون (في إشارة
إلى دولة الاحتلال) عن حلول الدولة المصرية جزءا منها وهي مرفوضة... ولن تكون جزءا من تصفية (القضية الفلسطينية)، مستعدون
(الإسرائيليون) أن ينفذوا من خرم إبرة، بزعم تطوير أراض صحراوية... نرى التطورات في
السودان ولا نعزلها عن الذي يحدث في سد الخراب، ومن يرعى هذه التطورات للإضرار
بمصالح الأمن القومي المصري هم عرب، حتى وإن كانوا يحملون جنسيات عربية، ولكنهم يضرون بالأمن القومي المصري".
صفقة
القرن تلوح في كواليس القانون
من جانبه، حذر
السياسي والناشط السيناوي، الدكتور حسام فوزي جبر، من تداعيات القانون الجديد،
قائلا؛ "إن هذا القانون يشكل خطرا على الأمن القومي، ويأتي متزامنا مع فقدان
الثقة في مؤسسات سيادية للدولة يترأسها متآمرون، تجعلنا نشك فيمن يستوطنون هذه
المساحة، فيمكن أن يأتي يهود بأسماء عربية وجنسيات أوروبية ويسكنون هذه المناطق، مما يشكل تهديدا حقيقيا لأمن مصر القومي".
وأضاف
لـ"عربي21": "وكذلك المساحة التي يتملكها الأجنبي مخالفة لقانون
الأراضي الصحراوية التي جاء نصها "بوجوب ألا تقل ملكية المصريين عن 51% من
رأس مال الشركة، وألا تزيد ملكية الفرد على 30% من رأس مالها، ومن اقتصار التملك على
المصريين فقط"، وهذا يشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي المصري".
وعرج جبر
إلى "القرار الجمهوري الذي أصدره السيسي ووافق عليه البرلمان الخاص بتمليك
الجيش 87,000 ألف فدان من أراضي سيناء الصحراوية في الشمال والوسط، والذي يتماشى مع
تنفيذ صفقة القرن".
ما بين
الفساد والخيانة
ويقول رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، الدكتور
عمرو عادل؛ إن "مصر دولة تمثل الصحراء بها ما يزيد عن 90% المئة، والصحراء
تحيط بوادي النيل الضيق من الشرق والغرب، وهي مليئة بكنوز هائلة لو أحسن استغلالها،
فصحراء مصر من أكبر المحاجر الطبيعية المفتوحة في العالم وسيطرة الجيش، منعت أي استفادة حقيقية من الشعب المصري بهذه الإمكانات الضخمة".
وأضاف في
حديثه لـ"عربي21": "وعندما عجزت قدراته الفنية على تحقيق الاستفادة، بدأ في البيع
وفكرة حظر التملك لعقود طويلة هي ذر للرماد فقط، والنقطة شديدة الخطورة هي
أرض سيناء التي تعاني من التهميش والقهر لأهلها، والظروف الحالية والرغبة في إعادة
تشكيل المنطقة تلقي بالكثير من الشكوك حول هذا القرار، وخاصة
إذا نظرنا إلى تعامل النظام المصري مع الحرب الدائرة واشتراكه في حصار الشعب
الفلسطيني".
واستدرك:
"وبتتبع الخط إلى نهايته يؤدي بنا إلى أن النظام الحالي مشارك مشاركة فاعلة
في تقسيم مصر، إما فسادا هائلا أو خيانة عميقة، وكذلك تدمير بنيتها الجغرافية
والتاريخية عبر التسلل، من خلال القوانين لإحكام سيطرة جهة ما على القرار السياسي
في مصر، بل والسيطرة على أرضها أيضا".
لماذا تستدين مصر بأعلى فائدة من السوق المحلي؟ تعوم على بحر من الديون
انتخابات السيسي تنعش قطاع الإعلانات.. ماذا عن المصريين البسطاء؟
قبل ولاية ثالثة جديدة.. السيسي يطلب مهلة جديدة لتحسين حياة المصريين (صور)