سجلت أسعار الفائدة على أذون الخزانة
المصرية أرقاما قياسية في آخر طرح للبنك المركزي المصري بلغت أكثر من 27 بالمئة لأجل السنة (364 يومًا).
وأذون الخزانة، التي يصدرها البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، هي من أدوات الدين قصيرة الأجل؛ حيث تتراوح آجالها بين 3 أشهر و12 شهرا؛ لسد عجز الموازنة.
بالعودة إلى أسعار الفائدة في ذات الفترة من العام 2022 على أذون خزانة آجال 364 يوما (سنة) فقد بلغت نحو 18 بالمئة، أي أنها زادت نحو 9 بالمئة في عام واحد.
كم يكلف كل 1 بالمئة زيادة
كل 1 بالمئة زيادة في
سعر الفائدة على أذون الخزانة يزيد عجز
الموازنة العامة للدولة بنحو 32 مليار جنيه بسبب عبء تكلفة تمويل الدين، بحسب وزير المالية المصري.
وتلجأ الحكومة المصرية إلى السوق المحلي لتمويل عجز الموازنة العامة من خلال طرح سندات وأذون خزانة (أدوات دين) بـ سعر فائدة مغري، على الرغم من العائد المرتفع عليها، وتعتبر البنوك المحلية وخاصة الحكومية أكبر مشتري لها.
في آخر عطاء للبنك المركزي المصري، باع نحو 19,772 مليار جنيه لأجل السنة، بمتوسط فائدة 27.422 بالمئة.
رغم أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أن الحكومة لا تنجح فى بيع أذون الخزانة التي ترغب في جمعها بشكل كامل؛ بسبب عزوف البنوك عن التورط في المزيد من أدوات الدين.
لماذا توسعت الحكومة في الاقتراض المحلي
اعتبر الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، أن "ارتفاع أسعار الفائدة بنحو 10 بالمئة في عام واحد مؤشر خطير، ويؤشر على أنه لا خيار آخر للحكومة، والمشكلة الآن أن البنوك مكشوفة بنسبة 50 بالمئة أو أكثر على
ديون الحكومة".
عن أسباب التوسع في بيع أدوات الدين محليا، أوضح لـ"عربي21" أن "الحكومة لا بد أن تستدين من البنوك من أجل أن تدفع للبنوك مستحقاتها عن ديون سابقة"، مشيرا إلى أن "الأسواق الدولية متوقفة تقريبا عن إقراض مصر انتظارا لفترة ما بعد الانتخابات واستكمال مفاوضات بين مصر والصندوق".
وبَيًن نوار أن "أكثر من 95 بالمئة من الاقتراض الحكومي يتم بالعملة المحلية".
وتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة في ظل طلب البنوك فائدة أعلى، قائلا: "الحكومة تقترض الآن بسعر فائدة يتجاوز الـ27 بالمئة والبنوك تطلب حاليا 29 بالمئة ومن المتوقع أن تطلب 30 بالمئة خلال الأسابيع القليلة القادمة".
لكن لماذا يعد الاقتراض المحلي أقل سهولة مع أنه أكثر تكلفة على موازنة الدولة، هل يرجع لطبيعة قدرة الدولة علىا لطباعة النقود، يعتقد الخبير الاقتصادي أن ما يجري هو "تدوير الديون وطباعة مزيد من أوراق النقد مقابل احتياطي النقد الأجنبي".
وصف نوار موازنة الدولة بأنها "في حالة يرثى لها؛ كل إيرادات الضرائب لا تكفي لخدمة الديون، ومدفوعات خدمة الديون تقترب من ثلثي المصروفات العامة للدولة".
كيف يؤثر إقراض الحكومة على جدارة البنوك المحلية
قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر سابقا، أحمد ذكر الله، إن "رغبة تمويل عجز الموازنة يعد دافعا كبيرا لرفع أسعار الفائدة وإغراء البنوك المحلية على تقديم قروض متزايدة والتي باتت تمثل نسبة كبيرة من محافظها الاستثمارية المخصصة للإقراض، وهذا يؤثر على نشاط الشركات والمصانع التي ترغب في الاقتراض".
مضيفا لـ"عربي21" أن "الحكومة المصرية هي المدين الأكبر من البنوك المحلية، وتعتمد بشكل رئيسي على سداد عجز الموازنة من خلال الاستدانة محليا".
أما عن أسعار الفائدة على أذون الخزانة وتسجيلها أسعارا قياسية، أعرب ذكر الله عن اعتقاده بأنه "يوجد مجموعة من الأسباب؛ الأول هو تخفيض التصنيف الائتماني للديون المصرية بشكل عام، وتخفيض التصنيف الائتماني للبنوك الحكومية الرسمية جراء التوسع في إقراض الحكومة".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن "هذا التخفيض الأول لمصر منذ أكثر من 10 سنوات يضع أعباء كبيرة على عملية التأمين على هذه البنوك، ومن المنطقي أن تطلب البنوك أسعار فائدة أعلى، كما أن انخفاض تصنيف البنوك في ذاتها يدفعها لتطبيق سياسة أكثر تشدددا؛ لأنها مرتبطة بنسبة محددة حتى لا تتعرض أصولها للتراجع أكثر".
التزامات خارجية كبيرة العام المقبل
تضاعفت ديون مصر الخارجية 4 مرات خلال العقد الماضي وبلغت 164.73 مليار
دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي، ويتعين عليها سداد خدمة دين خارجي بقيمة 29.23 مليار دولار في العام المقبل 2024 الذي يبدأ خلال أيام قليلة.
دين مصر بـ 52.9 مليار دولار لمؤسسات متعددة الأطراف، يمثل صندوق النقد الدولي 40 بالمئة منها، أو 21.2 مليار دولار، وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري.
ويتوقع محللون ماليون أن يتجه البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بنحو 500 نقطة أساس خلال الشهور القليلة المقبلة مع خفض رابع مرتقب لقيمة الجنيه بنحو 40 بالمئة ليلامس حدود الـ50 جنيها لكل دولار، وهو متوسط معدل سعر الصرف الحالي في السوق الموازي.