تزيد حرارة الأجواء الانتخابية في الولايات
المتحدة مع اقتراب موعد السباق الانتخابي، وتحديد الحزبين الجمهوري والديمقراطي مرشحيهما،
والمتمثل بالرئيس الأمريكي السابق الجمهوري دونالد
ترامب، والرئيس الديمقراطي
الحالي جو
بايدن.
والأسبوع الماضي، أعلنت نيكي هايلي سفيرة
الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة والمنافسة الوحيدة لترامب، الانسحاب
من سباق
الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، بعد ساعات من الفوز الكاسح الذي حققه
ترامب في "الثلاثاء الكبير".
وشهدت 15 ولاية ومنطقة أمريكية واحدة، انتخابات
تمهيدية في ما يعرف بالثلاثاء الكبير، الذي يعتبر محطة حاسمة في السباق إلى انتخابات
العام 2024، وفاز ترامب في 14 من هذه الولايات.
وكانت ولايتا تكساس وكاليفورنيا من الانتصارات
الرئيسية لدونالد ترامب على نيكي هايلي، التي اقتصر فوزها على ولاية واحدة، وشمل
فوز دونالد ترامب ولايات ليبرالية مثل فيرجينيا فضلا عن تلك المحافظة مثل الولايات
الجنوبية.
وبعد انسحاب جميع منافسي ترامب في الانتخابات
النصفية، فإنها تزيد فرص ترامب من الوصول إلى البيت الأبيض، وفق ما يرى مراقبون.
وقال الدكتور نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية في جامعة واشنطن في حديثه لـ"
عربي21" إن فرص ترامب بالوصول إلى البيت
الأبيض أصبحت عالية أكثر من أي وقت مضى، نظرا لتفوقه في استطلاعات الرأي ضد منافسه
الرئيس الحالي بادين، حيث حصل ترامب على 47 بالمئة مقابل 43 بالمئة لبايدن.
وأضاف ميخائل أن المعركة الانتخابية ستكون حامية
بين بايدن وترامب في الانتخابات القادمة بكل تأكيد، لكن ترمب يستطيع أن يهاجم
بايدن من خلال عدم حماية حدود الولايات المتحدة من الجهة الجنوبية، أو حدود أمريكا
مع المكسيك، والتي تسببت في تهديد أمريكا من الهجرة غير الشرعية، بينما يهاجم بايدن
منافسه ترامب من خلال توجيه أنظار الأمريكيين إلى القضايا الكبيرة، التي يواجهها
ترامب والتي تؤدي إلى قضائه فترة عقوبة بالسجن.
هجوم لاذع وانتقادات حادة
وفي آخر أخبار الحملات الانتخابية تبادل الرئيس
الأمريكي الديمقراطي جو بايدن، ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب، خلال حملتيهما في
ولاية جورجيا للانتخابات الرئاسية التي ستقام في نوفمبر، انتقادات لاذعة بشأن
مسألتين رئيسيتين هما سن الرئيس والهجرة.
وهاجم بايدن مجددا الرئيس الجمهوري السابق،
معتبرا أنه يريد أن يصبح ديكتاتورا ليوم واحد وقال أمام حشد كبير من مناصريه:
"عندما يقول إنه يريد أن يصبح ديكتاتورا، فأنا أصدقه".
وشدد على "قوة الاقتصاد" الأمريكي،
ووعد باتخاذ إجراءات لخفض التكاليف في عدة قطاعات، مثل السكن والصحة والتعليم،
بينما هاجم ترامب منافسه الديمقراطي، الذي تعهد بشن حملة على الهجرة غير القانونية
وجعلها أحد الخطوط الرئيسية في حملته.
الجاليات العربية والولايات المتأرجحة
وتشكل الولايات المتأرجحة وذات الغالبية العربية
والمسلمة في الانتخابات الأمريكية حجز الزاوية، حيث تستطيع تلك الولايات حسم
النتائج لصالح أحد المرشحين، بحال تم التصويت له من قبل الناخبين فيها.
ويشير ميخائيل إلى تأثير كبير للجاليات العربية
في السباق القادم إلى البيت الأبيض، وتبدو معالم تأثير الجاليات العربية والمسلمة
في عدد من الولايات أبرزها ولايتي ميشغان وميليسوتا، حيث تم التصويت في الانتخابات
التمهيدية للحزب الديمقراطي تحت خانة غير ملتزم، وتعني أنه هذه الأصوات يمكن أن
تذهب لصالح بايدن، لكن غالبية العرب والمسلمين لا يريدون التصويت، له نظرا لدوره
في دعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويرى أن الولايات ذات الأغلبية المسلمة والعربية
قد يقاطعون الانتخابات في الولايات الحساسة والمتأرجحة، أو قد يوجهون أصواتهم نحو
مرشح آخر مثل روبرت كينيدي الابن، الذي يمثل التيار التقدمي، إلا أن توجه الجاليات
العربية والمسلمة لا يزال غامضا حتى الآن، إلا أن المؤكد أنه لن تذهب أصواتهم لا
إلى بايدن ولا إلى ترامب.
وفي 2020، فاز بايدن على ترامب، بسهولة أكبر إلى
حد ما، في غالبية "الولايات المتأرجحة" وأعلنت حملة الرئيس تخصيص 30
مليون دولار لإعلانات تلفزيونية في ولايات ميتشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن وجورجيا
ونيفادا ونورث كارولاينا المنقسمة بمساواة بين الحزبين.
وكانت جورجيا منقسمة بشدة في انتخابات 2020 التي
فاز فيها بايدن بفارق أقل من 12 ألف صوت، لدرجة أن ترامب اتصل هاتفيا بمسؤول كبير
في الولاية ليطلب منه "العثور" على بضعة آلاف من الأصوات الإضافية.
ويرى ميخائل أن ترامب يتفوق على بايدن في هذه
الولايات وفي حملته الانتخابية بشكل عام بمجموعة من النقاط أولها أنه أصغر سنا،
لكنه يحاول أن يقيم حملة انتخابية قوية، وقد يحصل على أصوات المستقلين، وسيكون
عنده نقطة قوة يستخدمها ضد بايدن بإغراقه الولايات المتحدة الأمريكية في حروب ليست
في صالحها، فضلا عن الوضع الاقتصادي المتردي التي وصلت له الولايات المتحدة في
عهده، ويمكن أن يتحسن في حال وصل ترامب إلى البيت الأبيض.
أما بايدن فيقول ميخائيل: "إنه يتفوق على
ترامب بأنه أكثر خبرة في السياسية من منافسه الجمهوري، الذي يبدو متهورا في اتخاذ
قراراته، كما أنه يقدم برنامج للعدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة متمثلة في
زيادة الضرائب على الأمريكان الأغنياء والشركات الأمريكية الكبيرة".
العدوان على غزة والانتخابات الأمريكية
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب
عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، حافظت إدارة بايدن على دعمها
الثابت للرد العسكري الإسرائيلي على حركة حماس، والذي اتسم بعمليات تصعيدية واسعة
ضد السكان المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.
واستمر هذا الدعم الأمريكي بالرغم من الضغوط
التي مارسها الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي لتبني نهج متوازن يدعم وقف إطلاق
النار، ويعكس ذلك محاولة إدارة بايدن تحقيق بعض التوازن بين الضغوط المتناقضة التي
تواجهها، وذلك من خلال الاستجابة لليسار المؤيد للفلسطينيين، مع الاحتفاظ في الوقت
نفسه بموقفها الأساسي الداعم لتل أبيب.
ومع الوقت، بدأت الفجوة بين المواقف الأمريكية
والإسرائيلية تتسع بشأن بعض القضايا العملياتية، غير أنه بإجماع كتاب أمريكيين
كُثُر، من المُرجح أن يظل الدعم الأمريكي الأساسي لإسرائيل على حاله.
ويقول ميخائيل إن ترامب قد يستخدم موضوع دعم
بايدن للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بصورة عامة، مشيرا إلى أن الحروب التي اندلعت
خلال فترة قيادته للولايات المتحدة سواء الحرب الروسية على أوكرانيا أو الحرب
الإسرائيلية على غزة، والتي تحولت إلى حرب إقليمية خطيرة، قد تؤثر على شريحة واسعة
من الناخبين الأمريكيين.
وهو ما تؤكده الأرقام حيث أعلن قادة الجاليات
العربية والإسلامية، أنهم بصدد التنسيق لاتخاذ موقف موحد من إدارة بايدن في
الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حين أظهر استطلاع للرأي أجراه "المعهد
العربي الأمريكي"، في أواخر أكتوبر 2023، انخفاض دعم بايدن بين الناخبين
العرب الأمريكيين بنسبة نحو 42%، ليصل إلى 17% فقط مقارنةً بعام 2020.
وهي المرة الأولى منذ 26 عاما التي لا تعبر فيها
الغالبية من العرب والمسلمين الأمريكيين عن تفضيلهم للحزب الديمقراطي، كما أظهر
الاستطلاع حينها أنه إذا أُجريت الانتخابات اليوم، فإن 40% سيصوتون لصالح ترامب،
المرشح الأوفر حظاً عن الحزب الجمهوري، مقارنةً بنحو 35% صوتوا له في انتخابات عام
2020.