يحيط نفسه بستار من السرية، ظهوره الإعلامي قليل، لكنه من خلف الستارة يحاول أن يلعب دورا رئيسيا في إدارة الشق الأمني من السلطة
الفلسطينية القابعة في المقاطعة برام الله.
لا يحظى بثقة أحد في فلسطين المحتلة، بسبب الدور الذي يقوم به خدمة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية والعربية والغربية.
يستعد لدخول
غزة على ظهر دبابة إسرائيلية، وكأنه حامد كرزاي فلسطين، بمباركة أمريكية وعربية أيضا وفقا لأنباء سربت من اجتماعات لحكومة
الاحتلال، لم تظهر بشكل علني.
ينحدر
ماجد فرج المولود عام 1963 في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، من قرية رأس أبو عمار المحتلة عام 1948 قضاء القدس، وقد حصل على شهادة الثانوية العامة وهو في السجن.
وتوقف عن الدراسة لفترة طويلة بعد أن دفعته ظروف الفقر داخل المخيم إلى ترك الدراسة والعمل للمساهمة في إعالة العائلة، فتنقل بين عدد من الورش والمهن، فعمل في صناعة الصدف في منجرة بالمخيم، وبناء السوق المركزي لبيت لحم، ثم في ورشة الخشب لصناعة ألعاب الأطفال بمركز المصادر للطفولة المبكرة التابع لمؤسسة بيت الشرق التي كان يرأسها الراحل فيصل الحسيني.
ثم عاد واستأنف دراسته، فحصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة من جامعة القدس المفتوحة عام 1995.
كان والده علي فرج عاملا بسيطا وقد استشهد خلال اجتياح القوات الإسرائيلية بيت لحم عام 2002 ضمن عملية عسكرية أطلق عليها "الدرع الواقي" وحاصرت قوات الاحتلال خلالها كنيسة المهد 40 يوما، وأطلق جنود الاحتلال حوالي 10 رصاصات عليه عندما خرج لشراء الخبز والحليب خلال فترة حظر التجوال.
ورحل شقيقه أمجد وهو في أواسط الثلاثينيات من العمر بعد أن كابد مرضا عضالا، وكان أحد كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيت لحم، كما أن معظم أشقاء فرج دخلوا المعتقلات والسجون الإسرائيلية.
اعتقل ماجد فرج وهو في بداية المرحلة الثانوية لمدة عام ونصف، بسبب نشاطه في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وساهم في تأسيس الشبيبة الفتحاوية، الذراع الشبابية والطلابية لحركة "فتح" عام 1982، غير أن سلطات الاحتلال حظرتها عام 1987، كما أنه كان أحد قيادات الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
وتوالت الاعتقالات بعد ذلك، وتنقل في عدة سجون ووصل مجموع عمليات اعتقاله لأكثر من 15 مرة بمجموع حوالي 6 سنوات.
مع إنشاء السلطة الفلسطينية عقب اتفاق أوسلو عام 1993، انضم فرج إلى جهاز الأمن الوقائي في بيت لحم، ثم عين مديرا للجهاز في بلدة دورا قرب الخليل، وفي عام 2000 تولى الأمن الوقائي بمحافظة الخليل، ثم عمل لاحقا مستشارا لوزير الداخلية حكم بلعاوي، إلى أن عين مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006.
وسيقوم محمود عباس بتعيينه مديرا لجهاز الاستخبارات العامة في عام 2009، وذلك خلفا لرئيس الجهاز السابق اللواء محمد منصور (أبو عاصم)، ليكون بذلك رابع مدير للجهاز منذ نشأة السلطة الفلسطينية بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي ومحمد منصور.
عباس أدخل فرج إلى جهاز المخابرات قادما من الاستخبارات العسكرية، ولم يكن ولاء ضباط المخابرات يوما للرئيس عباس، لذلك ارتأى إدخال عنصر من خارج الجهاز من أجل تطويعه وكسب الولاء.
وكان فرج إلى جانب موقعه في إدارة المخابرات الفلسطينية، يعمل عضوا في وفد المفاوضات برفقة صائب عريقات، والتقى "الرعاة" الأمريكيين أكثر من مرة في هذا الإطار، وكان أيضا ضمن الوفد الفلسطيني الذي فاوض في مصر على التهدئة في غزة مع الاحتلال.
وهو يقف موقفا متشددا في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكثيرا ما اتهمته "حماس" بحياكة ونسج مؤامرة تستهدف الحركة، يقف خلفها فرج نفسه، وإنه عمل على إذكاء الخصومة بين القيادة المصرية والحركة، وتقديم المواد للإعلام المصري التي من شأنها "إساءة سمعة" حركة حماس.
وحتى حين كان يرأس وفد "فتح" الأمني في لجان المصالحة مع "حماس"، كانت مواقفه "متشنجة ومتصلبة" إزاء الملفات الأمنية.
لا يتوانى عن المجاهرة بدوره في منع عشرات العمليات ضد الاحتلال واعتقال العشرات من الفلسطينيين الناقدين لدور السلطة والمقربين من رجال المقاومة.
وجرى الكشف عن أعمال تجسس كانت تقوم بها المخابرات الفلسطينية على عدد من الدول العربية، وإعداد تقارير سلمت لجهات كثيرة من ضمنها إيران.
واشتهرت قصة اعتقال أبو أنس الليبي بمعاونة جهاز المخابرات الفلسطيني، وأكدت مصادر أمريكية وليبية متطابقة أن ماجد فرج حظي بتكريم من واشنطن لمساهمته بشكل كبير في توفير معلومات قيمة لوكالة "سي آي إيه" ساعدت في تحديد تحركات أبو أنس الليبي في أحد مساجد العاصمة طرابلس من قوة كوماندوز أمريكية في عام 2013.
ونظرا لخدماته فإنه يروج له الإعلام الإسرائيلي بوصفه بديلا لرئيس السلطة محمود عباس.
وفي مقابلة صحفية نادرة عام 2016 مع موقع "ديفينس نيوز" دافع فرج عن التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة والاحتلال، وقال إنه سيستمر من أجل منع المزيد من الفوضى ومنع من سماهم المتطرفين، وأعلن حينها أن أجهزة الأمن الفلسطينية أحبطت 200 هجوم محتمل ضد إسرائيل واعتقلت أكثر من 100 فلسطيني وصادرت أسلحة.
وسبق أن كشف فرج في اجتماع مع ضباط المخابرات الفلسطينية عن أن "الكثير من عملاء أجهزة المخابرات الدولية أو المتعاونين معهم أو الخاضعين لحمايتهم يلجأون إلينا لتزويدهم بوثائق السفر والتنقل" معتبرا أن ذلك بحد ذاته إنجازا كبيرا، في حين رأى كثيرون ذلك عملا مشبوها إذ كيف تسمح السلطة لعملاء أجهزة استخبارات أجنبية باستخدام جواز السفر الفلسطيني للتنقل وتنفيذ العمليات.
ونتيجة لذلك فإن فرج يحظى بالقبول لدى اللاعبين الدوليين والإقليميين، وخاصة الولايات المتحدة والاحتلال، وبسبب هذا القبول كلفه عباس في عام 2017 بترؤس وفد من السلطة لزيارة واشنطن لمناقشة أزمة إغلاق مكتب البعثة الفلسطينية في العاصمة واشنطن.
وكان فرج مع رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله في زيارة لغزة في عام 2018، حين تعرض الموكب لهجوم بقنبلة زرعت على الطريق، لكنهما لم يتعرضا لأي أذى، وحمل عباس حينها حركة حماس مسؤولية الهجوم، غير أن هذه الأخيرة نفت هذه الاتهامات، واتهم قياديون فيها فرج بتدبير التفجير للعبث بأمن القطاع واختلاق حجة للتملص من المصالحة.
وعام 2020، قالت مصادر إعلامية فلسطينية وإسرائيلية إن قوات الأمن الفلسطيني اعتقلت خلية من أعضاء فتح يشتبه في تخطيطها لهجوم على عائلة فرج.
وقد وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اتهامات لفرج بالاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج.
وفي الشكوى التي وجهتها لمكتب النائب العام بالمحكمة الجنائية الدولية قالت إنها أدلة تشير إلى تورط جهاز المخابرات برئاسة فرج وجهاز الأمن الوقائي في حملة اعتقالات تعسفية تضمنت مداهمات ليلية، ومصادرة مقتنيات شخصية، وتعريض بعض المعتقلين للاختفاء القسري والتعذيب.
وفي عام 2023، أصدر "أبو مازن" قرارا بتعديل قانون المخابرات لتحصين منصب فرج ليمكن من الاستمرار في منصبه فترة غير محددة، وبموجب هذا التعديل أصبح تعيين رئيس هذا الجهاز وإنهاء خدماته بيد رئيس السلطة، كما أنه أصبح يتمتع بدرجة وزير.
وعلى وقع الفوضى التي غرق فيها الاحتلال بعد جرائمه في غزة فإنه طرح اسمه لتولي عملية بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة تتكون من عائلات لا تؤيد حركة حماس لتوزيع المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله.
فرج، يعود بقوة على الطاولة الإسرائيلية كأحد أهم وأبرز الشخصيات لتولي إدارة القطاع، رغم معارضة بعض الشخصيات الإسرائيلية لهذا الاسم.
وسبق أن طرح اسم ماجد فرج كبديل محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وبحسب تقارير إسرائيلية فإن فرج، ينسق نيابة عن السلطة مع كل من الشاباك ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ووكالات الاستخبارات العربية والغربية.
وتواصل فرج، بحسب أخبار مسربة، عبر مؤسسات دولية، مع 12 عشيرة، رفضت العرض المقدم لعدد من الأسباب، أهمها أن كتائب القسام ما زالت بقوتها رغم إدارتها للمعركة من تحت الأرض.
وقالوا إن خطورة الموضوع تتجلى في استنساخ لنموذج الصحوات في العراق، وقد عرض عليها إغراءات مالية وأسلحة ضخمة قبل الاستسلام للرغبة الأمريكية تحت المغريات، وهنا في غزة وعود بإغراءات طعام ومساعدات وسلاح ومال للخوض في صراع مع المقاومة نيابة عن الجيش الإسرائيلي الذي يمنى بخسائر وغياب للرؤية.
ووصف متابعون الموضوع بالخطير، ولكن غالبا ما سيكون مصيره الفشل لأن العائلات رفضت ليس خوفا من المقاومة، ولكن حتى لا تختم بالخيانة.
واعتبر مدونون الخبر كارثيا، خاصة أنه أول تحرك سياسي للسلطة منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع، وعندما تحركت السلطة قامت بذلك لصالح الاحتلال، وليس لصالح الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، فالحرب لا تزال قائمة وعمليات الإبادة تجري بشكل متصاعد، والمجاعة تهدد حياة جميع سكان شمال القطاع.
فرج لن يكون سوى بيدق أو حجر شطرنج على رقعة الاحتلال لن يلبث أن يسقط ويقع في شباك مصيدة التسلل بعد أن يرفع عنه الغطاء الإسرائيلي والأمريكي عندما ينتهي دوره، كما حدث مع غيره والتجارب ظاهرة للعيان.
فهل ما أعلنه الاحتلال خطة قابلة للتطبيق أم إنه شكل من الفوضى التي ينوي الاحتلال إحداثها في غزة؟!