يقول أنصاره إنه محاور محنك وهو الأقدر على توحيد "الحزب الوطني" الاسكتلندي، والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع "حزب الخضر " بعدما كان منقسما بشدة على منصب القيادة.
رقم صعب ومهم في المعادلة السياسية الاسكتلندية، تسلم مسؤولية حزبه الذي كان على وشك الانفجار، بمشكلات مالية عميقة، وتحقيقات مستمرة في تمويل الحزب، وغياب أي إستراتيجية لتحقيق الهدف الأكبر للحزب، وهو استقلال
اسكتلندا عن
بريطانيا.
حمزة يوسف المولود عام 1985 في غلاسكو، باسكتلندا، لأب مهاجر وصل إلى المملكة المتحدة خلال الستينيات من باكستان، ولأم مهاجرة من كينيا وتنحدر من أسرة من جنوب آسيا.
تعرف على السياسة بوقت مبكر بعد التحاقه بمدرسة "هتشسونز النحوية" وهي مدرسة مستقلة في غلاسكو، حيث درس الدراسات الحديثة التي دفعته وألهمته للانخراط في السياسة.
درس السياسة في جامعة غلاسكو وتخرج بدرجة الماجستير عام 2007، وأثناء دراسته الجامعية أصبح يوسف رئيسا لاتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة، بالإضافة إلى أنه كان شخصية بارزة منخرطة في السياسة الطلابية في مجلس تمثيل الطلاب.
بقي على تماس مع العمل الشبابي والتطوعي المجتمعي بعد تخرجه فشارك في المنظمات الشبابية بجمع التبرعات الخيرية. وكان المتحدث الإعلامي المتطوع لـ"جمعية الإغاثة الإسلامية الخيرية"، وعمل في الإذاعة المجتمعية لمدة 12 عاما، وفي مشروع لتقديم الطرود الغذائية للمشردين وطالبي اللجوء في غلاسكو.
وما لبث أن بدأ أولى خطواته في عالم السياسة عندما عمل مساعدا برلمانيا للسياسي البريطاني بشير أحمد الذي انتخب كأول عضو مسلم في البرلمان عام 2007، وتأثر به يوسف كثيرا.
ثم عمل حمزة كمساعد برلماني لعدد من أعضاء البرلمان بما في ذلك: آن ماكلولين، والوزيرة الأولى نيكولا ستارجن، والوزير الأول أليكس سالموند.
وفي تلك الفترة انتخب عضوا عن منطقة غلاسكو ما بين عامي 2011 و 2016. وعضوا في البرلمان عن جلاسكو.
وعندما دخل البرلمان الاسكتلندي وكان حينها في الخامسة والعشرين من عمره فقط، أدى اليمين باللغة الإنجليزية ثم الأردية مما عكس هويته الباكستانية-الاسكتلندية، وكان يرتدي زيا شروانيا تقليديا مزينا.
وتتابعت المناصب التي شغلها، ومن بينها منصب وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية في عام 2012، كأول مسلم يتقلد منصبا وزاريا في الحكومة الاسكتلندية.
ولاحقا عين في موقع وزير أوروبا والتنمية الدولية عام 2014. ثم شغل منصب وزير النقل والجزر عام 2016، ووزيرا للصحة، وفي عام 2018 أصبح سكرتيرا لمجلس الوزراء للعدل.
كانت إحدى سياساته الرئيسية في هذا المنصب، مشروع قانون جرائم الكراهية والنظام العام، الذي وعد بأنه سيبسط التشريعات القائمة، وحماية إضافية للأقليات المضطهدة مع الحفاظ على الحق في حرية التعبير. تم انتقاد مشروع القانون من قبل الكنيسة الكاثوليكية، والجمعية الوطنية العلمانية، وما لبث أن عدل لاحقا لإزالة الملاحقة القضائية في قضايا إثارة الكراهية عن غير قصد، والتي قد تشمل نظريا مكتبات تضم كتبا مثيرة للجدل.
توج مسيرته السياسية بانتخابه زعيما لـ"الحزب الوطني الاسكتلندي" العام الماضي، وفي نفس العام أصبح أول مسلم يتولى رئاسة الحكومة الاسكتلندية بأمر ملكي، خلفا لنيكولا ستيرجن، وكان ينظر إليه على نطاق واسع على أنه المرشح المفضل لزعامة الحزب، بما في ذلك من ستيرجن نفسها.
ويعد يوسف حليفا وثيقا لستيرجن، وينظر إليه على أنه "مرشح الاستمرارية" الذي سيسعى إلى مواصلة عمل الوزيرة الأولى المنتهية ولايتها التي تعتبر معلمته.
وقال يوسف في خطاب النصر "سنكون الجيل الذي سيحقق استقلال اسكتلندا"، مؤكدا أن "الشعب الاسكتلندي بحاجة للاستقلال اعتبارا من الآن، أكثر من أي وقت مضى"، وهو ما رفضه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.
ورغم رفض لندن الحديث حول الاستقلال، يحاول يوسف الوصول إلى المزيد من مؤيدي الاستقلال الذين نفد صبرهم بالقول إنه سيفكر في الدعوة إلى انتخابات مبكرة في هوليرود لاختبار دعم الاستقلال عن المملكة المتحدة.
لم ينج حمزة من الاتهامات من قبل متطرفين بريطانيين حول ادعاءات دعمه للإسلاميين، أو باعتباره إسلاميا مؤيدا لجماعة الإخوان المسلمين، من خلال إدارته للمؤسسة الاسكتلندية الإسلامية.
وفي تغريدات سابقة عبر عن إعجابه بحزب حركة النهضة في تونس، أو من خلال مساعدته في عقد لقاءات ضمت قيادات إسلامية بريطانية مع وزراء وبرلمانيين في اسكتلندا.
على الصعيد الشخصي يوسف متزوج منذ عام 2019 من مستشارة "الحزب الوطني"، الفلسطينية الأصل نادية النخلة، وأنجب منها طفلا واحدا. وكان متزوجا في السابق من عضو اللجنة التنفيذية في الحزب، غيل ليثغو بين عامي 2010 و2017.
وظهر تأثير زواج يوسف من النخلة بشكل جلي حين استنكر يوسف المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال قطاع والذي صادف وجود والدي زوجته في قطاع
غزة بهدف زيارة أحد أقاربهما قبل بدء الحرب، وأكد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، ودعا لإدانة الصمت والتجاهل.
رغم أن يوسف أدان أكثر من مرة هجوم حركة حماس على دولة الاحتلال في السابع من تشرين الأول /أكتوبر، غير أنه يطالب بريطانيا بوقف مبيعات الأسلحة إلى دولة الاحتلال، قائلا إن "بريطانيا تخاطر بأن تصبح شريكا في قتل المدنيين الأبرياء".
ورغم الإساءات العنصرية التي تعرض لها سابقا، واضطر للاتصال بالشرطة بعد تلقيه تهديدات، إلا أنه لم يتردد في نشر مقطع فيديو من رفع أذان المغرب في "بوت هاوس" مقر إقامة الوزير الأول في اسكتلندا.
ومعظم الهجوم الذي يتعرض له صادر عن جهات غير محايدة. مثلا، الباحث سام ويستروب من أهم المروجين لـ"تطرف" يوسف، يعمل في "ملتقى الشرق الأوسط"، وهذا مركز بحوث أمريكي أسسه دانيال بايبس المؤيد لدولة الاحتلال، ويتعاون مع البريطاني تومي روبنسون المتخصص في تأجيج كراهية الإسلام.
يسجل ليوسف في جميع محطات حياته بأنه تصرف كرجل دولة، وبشكل خاص حيال أحداث غزة التي حوصر خلالها والدا زوجته هناك. ونوه، فرايزر نلسون رئيس تحرير مجلة "سبيكتاتور" المحافظة، في مقالة عنوانها "في مديح استجابة حمزة يوسف لإسرائيل"، باهتمام الوزير الأول بالمجتمع اليهودي المحلي، في الوقت الذي يندد فيه بما تقوم به دولة الاحتلال، كما يشجب تأييد لندن الواضح لتل أبيب.
ورغم كل هذه الهزات والمنغصات التي واجهته بمناسبة مرور عام على توليه رئاسة الحكومة إلا أنه لا يزال يقف على قدميه بين الأمواج المتلاطمة في بلاده من دون أن تتراجع شعبيته، وما حققه في عام جعل منه رقما صعبا في بلاده وربما في بريطانيا لاحقا.