قال المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس"
العبرية تسفي برئيل إن قرار حكومة
الاحتلال بإغلاق مكاتب
قناة الجزيرة يأتي في
سياق الإحباط وتصفية الحسابات مع دولة
قطر، لكنه أكد أنها ستكون خطوة فاشلة ولن
تؤثر على سياسات الأخيرة تجاه القضية الفلسطينية وحركة حماس.
ومستهزئا كتب برئيل في "هآرتس"
إن "إسرائيل انضمت إلى النادي المحترم للدول العربية، التي بين الحين والآخر قامت
بإغلاق مكاتب قناة "الجزيرة" واعتقال العاملين فيها وفرضت المقاطعة من أجل
الدفع بقطر لإغلاقها".
ويضيف: "لكن الزعماء العرب تعلموا
أن إغلاق المكاتب لا يمكنه منع أو إحباط نشاطات القناة التي تبث في 90 دولة ويشاهدها
350 مليون مشاهد محتمل ممن يتكلمون اللغة العربية، وملايين المشاهدين ممن يتكلمون الانجليزية
في أرجاء العالم".
ويؤكد برئيل أن تلك الخطوة لن تساعد
حكومة نتنياهو في ما أسماها "المعركة حول الدعاية"، بل إن النتيجة ستكون
"صفرا".
ويقول: "من أجل مواصلة إظهار الدمار
والقتل والجوع في قطاع
غزة في العالم، فإن قناة الجزيرة لا تحتاج إلى مكاتب في تل أبيب
أو في رام الله. هي تبث المشاهد مباشرة من القطاع كما فعلت عندما نشرت بشكل مباشر من
الميدان حرب الولايات المتحدة ضد أفغانستان، وبعد ذلك ضد العراق؛ وعندما نشرت حول دكتاتورية
الأنظمة في مصر لحسني مبارك وبعد ذلك عبد الفتاح السيسي أو ملوك السعودية أو النظام
المخيف لرئيس تونس السابق زين العابدين بن علي قبل اندلاع ثورة الربيع العربي وبعدها، حتى عندما
تم إغلاق مكاتبها في هذه الدول".
"من البداية قناة الجزيرة لم تتفاخر بأنها قناة محايدة وغير متحيزة أو متملقة" يقول هرئيل، ويضيف:
"ولكن هنا كان التجديد الكبير الذي أحدثته في الخطاب العربي العام. قبلها عملت
في الواقع قناة "أم.بي.سي" التي أنشئت قبلها بسنة، لكنها نشرت بالأساس مضامين
للتسلية والموضة والقليل من الأخبار. "الجزيرة" خلقت خطابا إعلاميا عربيا
ما بعد وطني، وبنت عالما من المفاهيم الجديدة التي لم تكن معروفة في الدول العربية.
استخدام القمر الاصطناعي مكنها من تجاوز القيود التي فرضتها الأنظمة العربية على قنوات
التلفاز العربية؛ لعرض واقع حقيقي، أو على الأقل، بديل للواقع الذي قامت الأنظمة بتشكيله
وإملائه، وإطلاع الجمهور على المعارضين، الذين حتى ذلك الوقت لم يكونوا معروفين بالنسبة
له، للمرة الأولى في قناة عربية يظهر إسرائيليون ويتم إجراء المقابلات معهم، بما
في ذلك مراسلون وسياسيون".
ولم يفت هرئيل الإشارة إلى برنامج
"الاتجاه المعاكس"، وبرنامج "الشريعة والحياة" الذي قال إنه "تجاوز
حدود الخطاب الديني الذي حددته الأنظمة العربية. البرنامج الشعبي "الشريعة والحياة"
الذي قدمه الشيخ يوسف القرضاوي، الذي كان يعتبر الزعيم الروحي للإخوان المسلمين، أقام
للمرة الأولى علاقة مباشرة بين المشاهدين والمفتي الشرعي الذي كان يجيب على أسئلة من
الحياة اليومية، التي في بعض الأحيان كانت مناقضة لخط النظام الذي تم توجيه الفقهاء
لنشره".
وختم برئيل مقاله بالقول: "تصفية الحسابات مع قطر عبر إغلاق مكاتب "الجزيرة" في إسرائيل لن تغير مكانة قطر في الولايات
المتحدة ولن تؤثر على علاقتها مع حماس. ولكن هذه خطوة يجب أن تقلق جميع وسائل الإعلام
الإسرائيلية وأي صحفي عاقل لا ينجح في الوصول إلى ميدان القتال في غزة وأن ينشر مباشرة
من هناك". وأضاف: "حتى إن الإغلاق لن يطمس الحاجة إلى إجراء تحقيق جدي حول
العدد الكبير للصحفيين الذين قتلوا في قطاع غزة. حسب التقرير المؤقت الذي نشرته في
الأسبوع الماضي لجنة الدفاع عن الصحفيين، فإن الحديث يدور عن 100 صحفي. وللمقارنة، فإنه في العراق قتل تقريبا 150 صحفي في الأعوام 2003– 2011".