قال المحرر الإخباري السابق، ومدير قسم الأفلام الوثائقية في القناة الأولى العبرية، إيتاي لاندسبيرغ نيفو، إن "الخبراء والباحثين الإسرائيليين ما ينفكّون يردّون على مزاعم حكومتهم اليمينية بخصوص "النصر الكامل"، لأن الحقيقة الماثلة أمام كل من لديه عينين في رأسه، وينظر إلى الواقع بمنطق وصدق، يدرك أن عصر الانتصارات المطلقة قد انتهى".
وأضاف في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21": "لن يكون هناك مزيد من حرب الأيام الستة، ولا حصار للجيش الثالث، ولا عملية تخليص الأسرى في "عنتيبي"، ولا تدمير للمفاعل النووي في العراق أو سوريا، فقد انتهى هذا العصر، وفي الواقع الذي نعيشه اليوم، أصبح الاحتلال، باعتراف أوساطه العسكرية، أمام عدو قوي وكبير وطويل الأمد، يتمتع بقدرات لم يواجهها من قبل".
وفي السياق نفسه، استعرض إيتاي، أهم القوى المعادية للاحتلال بقوله إن "
إيران قوة إقليمية مسلحة بترسانة لا نهاية لها من الصواريخ، وجيش ضخم وفروع تمتد إلى الشرق الأوسط بأكمله، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، ولديها متنفس اقتصادي وإنساني لا تملكه دولة الاحتلال، وقد نجت من العقوبات الاقتصادية التي فرضها عليها العالم الغربي لسنوات".
"ولديها القدرة على استيعاب القتلى والجرحى والإصابات القتالية التي لا يملكها الاحتلال، وفي حربها مع العراق خسرت نحو مليون إنسان خلال ثماني سنوات، ولا تملك إسرائيل هذا النوع من المساحة للتنفس" تابع الكاتب نفسه.
وأردف إيتاي لاندسبيرغ نيفو، وهو أيضا واحد من مؤسسي منتدى الاحتياط، بأن "إيران تقف اليوم وراء حزب الله في لبنان، وتزوده بأسلحة حديثة ودقيقة وفتاكة، وبكميات تهدد بتدمير دولة الاحتلال"، مسترسلا: "صحيح أنها تمتلك سلاح "يوم القيامة" النووي، الذي لم تعترف بوجوده قط، لكن إيران أعدّت ضربة مضادة في لبنان، تشبه قوتها التدميرية ما لدى الاحتلال".
وأبرز: "لذلك لن يكون هناك نصر كامل، لا في لبنان، ولا حتى في
غزة، هذه هي الحقيقة المرّة الماثلة أمام الإسرائيليين منذ تسعة أشهر، بدليل بقاء حماس على قيد الحياة، وهي تحتجز أكثر من مائة إسرائيلي".
وأوضح أنه "طالما أن جيش الاحتلال لم يصل إلى المختطفين، ولا يعرف مكانهم، فإن حماس تسيطر على قطاع غزة، لذلك، لا يهم عدد المسلحين الذين قُتلوا في الهجوم الثالث على معسكرات الوسط في النصيرات وخانيونس ورفح، لن يكون هناك نصر كامل لأنه لن تتمكن دولة الاحتلال من استيعاب العقوبات الدولية وعقوباتها، فقادتها مهددون بالفعل بإعلانهم كمجرمي حرب، ولن تستطيع أن تعلن النصر الكامل، لأنه ببساطة ستكون هناك حماس، وستطلق قذيفة آر بي جي على جنود الجيش، وتثبت أنه لن يكون هناك نصر مطلق".
وأكد أن "حماس تحظى بدعم إيراني، ورجالها في لبنان يتدربون، ويتلقون التعليمات والأسلحة، كما تتمتع بمساحة للتنفس في اقتصادها مقارنة بدولة الاحتلال، فقد قُتل حتى الآن أكثر من 30 ألفاً من سكان غزة، ولم تستسلم حماس، ومن المستحيل على الاحتلال قتل مليونين في غزة، ولا يوجد لدى الاحتلال حلّ عسكري لتحدّي حماس حتى بعد تسعة أشهر من القتال، لكن قيادة الاحتلال تُنكر هذه الحقيقة البسيطة، فيما يدفع المتخصصون في وسائل الإعلام، وبعض المعلقين، أعضاء الحكومة، نحو الحرب في لبنان، من أجل هزيمة حماس في غزة".
وأوضح أن "كل هؤلاء يستمرون في الكذب على أنفسهم وعلى الجمهور، حول إمكانية حدوث نصر كامل على حماس، لأنه في الواقع لا يوجد شيء من هذا القبيل في عالم عام 2024، وحتى عندما تقف
الولايات المتحدة وراء الاحتلال بكل قوتها، فإنها تدرك أن هناك قوة عسكرية واقتصادية إيرانية لديها تحالفات مع
روسيا والصين".
وتابع: "لن تتمكن الولايات المتحدة من إخضاعها إلا بأسلحة الدمار الشامل، والتهديد بحرب عالمية، وبالتالي لن يكون هناك نصر كامل، ولا يمكن لدولة الاحتلال إلا أن تتجنب الحروب غير الضرورية، ومحاولة التوصل إلى اتفاقات سياسية تؤمّن مستقبلها، والتمسك بإطلاق سراح مختطفيها بسبب خطئها الكامل في فشل عسكري واستخباراتي غير مسؤول".
إلى ذلك، يكشف المقال نفسه، عن المطالبة بالتوقف عن الحديث عن النصر المطلق، والكفّ عن الكذب، بزعم أن بقاء دولة الاحتلال أهم من بقاء الحكومة التي قادتها إلى حالة الانحدار الحالية، وإلا فإنها ذاهبة نحو مزيد من الدمار الذي تعيشه حاليا في الشمال، بعد أن عاشته في الجنوب، وربما ينتقل هذا الدمار إلى وسط الدولة، ولن ينقذها أي خطاب متعجرف لرئيس الوزراء في الكونغرس، لأنه يتعين عليها أن تدرك حدود القوة قبل أن لا يتبقى أي قوة للدفاع عنها.