طرحت تأكيدات رئيس
مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، حول بدء تلقي مجلسه فعليا طلبات الترشح لرئاسة
الحكومة الجديدة بعض التساؤلات عن
آلية تشكيل هذه السلطة الجديدة، وسط حالة الخلاف مع رئاسة
المجلس الأعلى للدولة، والأسس التي سيتم عليها اختيار الوزراء الجدد.
وأكد "عقيلة صالح" البدء في تنفيذ ما جاء في البيان الختامي لاجتماع أعضاء بمجلسي النواب والدولة في العاصمة المصرية
"القاهرة" الخميس الماضي، والبدء في إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة،
وفقا للإعلان الدستوري وتعديلاته.
"تزكيات
وخارطة طريق"
وطالب البيان الختامي لاجتماع القاهرة بفتح باب
الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، والشروع في تلقي التزكيات، ودراسة ملفات المترشحين،
وتقديم خريطة طريق لمجلسي النواب والدولة للحل السياسي.
كما دعا البيان إلى ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية
والبرلمانية الصادرة عن مجلس النواب، توسيع دائرة التوافق، ودعوة المجتمع الدولي
لدعم التوافق الوطني، واحترام إرادة وسيادة القرار الوطني، معلنين رفضهم مبدأ
الاستيلاء على السلطة بفرض الأمر الواقع، وفق البيان.
وتضمنت مسودة الاتفاق بين أعضاء المجلسين 4 نقاط
رئيسية، هي: وضع مسار تنفيذي للقوانين الانتخابية، بما يضمن توحيد المؤسسات، وتهيئة
الظروف لإنجاح الانتخابات، وكذلك اعتبار الاتفاق تعديلا لملحق خارطة تنفيذ
القوانين الانتخابية، وأن جميع الجلسات المتعلقة باختيار رئاسة وأعضاء الحكومة
تكون علنية، وتدعى البعثة الأممية لحضورها، والاتفاق على أربعة مسارات لتنفيذ خارطة
الطريق".
"الدبيبة
يمتنع عن التعليق"
وذكرت مصادر متطابقة من المجلس الأعلى للدولة في
ليبيا لـ"عربي21"، أن "الأعضاء المشاركين في اجتماع القاهرة يمثلون
أنفسهم، وهم تيار كتلة التوافق الوطني، وهم مناوئون لرئيس المجلس، محمد تكالة، وكذلك
لحكومة الدبيبة، وهم أقرب لمعسكر عقيلة صالح، وأن المخرجات ربما ترفض من رئاسة
المجلس".
وتواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي
لحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها، عبدالحميد الدبيبة، للتعليق على هذه المخرجات، وعلى
فكرة تشكيل حكومة جديدة الآن، لكنها لم تتلق أي تعليق، وفضل المكتب الصمت.
فمع بدء تلقي طلبات الترشح.. هل أصبح تشكيل حكومة
جديدة موحدة وشيكا؟
"آلية
تشكيل حكومة ناجحة"
من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، إن "آلية تشكيل حكومة موحدة جديدة تبدأ بقبول ملفات المترشحين عبر المجلس
الأعلى للدولة أولا، وهذا لم يحدث حتى الآن، كما أن أي حكومة تشكل بغير توافق مجلسي
النواب والدولة وبعيدا عن إشراف ودعم البعثة الأممية الممثلة للمجتمع الدولي سيكون
مآلها الفشل" .
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "حل
أزمة السلطة التنفيذية يكمن في حل شامل لكل القضايا السياسية في حزمة واحدة، وبمشاركة أطراف النزاع، وبتوافق تام بينهم، وبرعاية البعثة الأممية التي خولها مجلس
الأمن رعاية ودعما لأي اتفاق بين الليبيين، وفق تقديره.
"توافق
تركي_مصري_روسي"
لكن المحلل السياسي الليبي، محمد بويصير، رأى أن
"أي توافقات ستبنى حسب مصالح المتوافقين، وضمانا لاستمرار سيطرتهم على المشهد،
لذلك حتى وإن كان اسم رئيس الحكومة جديدا، فإنه يختار لهذا الغرض واستمرارا لهيمنة
الفئة المتسلطة".
وأوضح في تصريح لـ"عربي21"، أن
"المجتمع الدولي يريد قفل الجرح على فتحة العملية، ولا يعنيه نجاح العملية؛ لذلك سيرحب بها باعتبارها تبدو خطوة للأمام، لكن يظل التوافق التركي الروسي المصري
حول الحكومة هو الأساس هنا. أما أمريكا، فتهمها جزئية ضمان عدم تهديد الروس
لقواعدهم في جنوب أوروبا"، حسب رأيه.
وتابع: "باختصار، لا يمكن أن تكون الحكومة
الجديدة مستقلة عن أطماع الطبقة الحاكمة، ولا يمكن أن تجرى أي انتخابات تعرض سيطرة
تلك الطبقة للخطر، وأزمة ليبيا تحل عندما يقرر المجتمع الدولي نزع السلاح وتجفيف
موارد المال السياسي الفاسد أولا، ثم إجراء انتخابات"، كما رأى.
"دعم
ومباركة دولية"
وأكد الأكاديمي الليبي، عماد الصهك، أن "من أهم
بنود اجتماع القاهرة وبيانه الختامي تشكيل حكومة جديدة، وأهم مهام هذه الحكومة ملف الانتخابات، وثمة جدية من المجلسين للذهاب قدمًا لتنفيذ خارطة الطريق
المتفق عليها، ولكن في نظري لن يتحقق فعليًا ما اتفق عليه دون دعم ومباركة
المجتمع الدولي، المتمثل في الأمم المتحدة والدول المؤثرة في المشهد السياسي
الليبي".
وأضاف: "أتوقع أن هذا التوافق لن يجد تفاعلًا
جادًا وحقيقيًا من رئاسة المجلس الأعلى للدولة، الذي ما زال يتماهى سياسيًا مع حكومة
الدبيبة، وإذا ما حدثت انتخابات رئاسة الأعلى للدولة في موعده 4- أغسطس المقبل،
وتغيرت الرئاسة المتمثلة في تكالة، وجاء الرئيس الجديد من ضمن كتلة التوافق، فإننا
سنشهد تسارعًا درامتكيًا نحو التوافق على جملة من الملفات، على رأسها ملف تشكيل
الحكومة الجديدة"، كما توقع.
وأكد خلال حديثه لـ"عربي21" أن
"عقيلة صالح لن يغامر بالذهاب إلى توافق منقوص تنجم عنه حكومة لا تستطيع
القيام بمهامها في التراب الليبي كافة، بل سيسعى إلى توسيع دائرة التوافق الوطني،
وحشد المزيد من التوافق الدولي، ومباركة الأمم المتحدة لإنجاح هذه الحكومة"،
كما قال.