حللت مجلة "
فوكس" الأمريكية خطاب رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو أمام
الكونغرس الأمريكي، معتبرة أن الجديد الذي ورد فيه هو "تهميشه" وتغيب العشرات من المشرعين، وهم حوالي نصف أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، عن خطابه تماما.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن نتنياهو عاد إلى مبنى مألوف للغاية، فهو لم يكن فقط يلقي خطابه الرابع أمام جلسة مشتركة للكونغرس، بل كان أيضا حاضرا في قاعات المبنى منذ أن كان دبلوماسيًا في أوائل الثمانينيات. فمنذ أن ألقى خطابه الأول أمام الكونغرس في سنة 1996، أصبح نتنياهو عنصرا أساسيا في السياسة في أمريكا كما في "إسرائيل".
وفي الوقت الحالي، بدت مختلفة، ولا يقتصر الأمر على أن نتنياهو شخصية مثيرة للجدل جذبت آلاف المتظاهرين إلى شوارع
واشنطن، وهذا ليس بالأمر الجديد، فقد قاطع متظاهر مؤيد للفلسطينيين في القاعة خطاب نتنياهو أمام الكونغرس سنة 2011، لكن الجديد أنه أصبح مهمشا بشكل متزايد.
وحتى قبل بضعة أسابيع، عندما أُعلن عن خطاب نتنياهو، كان الخطاب يحمل مقومات الحدث السياسي البارز، أما اليوم، فقد طغى عليه خطاب الرئيس جو بايدن الذي كان منتظرًا بشدة مساء الأربعاء لتناول قراره بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية.
ولم يقدم نتنياهو الكثير من الأخبار في خطاب اليوم، فقد كان خطابًا لم يعطِ إشارة تذكر إلى وجود خطة لإنهاء الحرب في غزة، ومن المرجح أنه قوّض الجهود الدبلوماسية الجارية للقيام بذلك. لقد كان خطابًا دفاعيًا بشكل ملحوظ بالنسبة لنتنياهو، حيث كرسه لدحض الانتقادات الموجهة إلى "إسرائيل" أكثر من رسم طريق للمضي قدمًا للخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه. وقد وصفته رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي بأنه "أسوأ عرض لأي شخصية أجنبية تمت دعوتها وتكريمها بشرف مخاطبة الكونغرس الأمريكي".
ماذا قال وماذا يفعل؟
أفادت المجلة بأن نتنياهو روى "أهوال" الهجمات التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتعهد لعائلات الأسرى المحتجزين حاليًا في غزة بأنه "لن يهدأ له بال حتى يعود جميع أحبائهم إلى ديارهم". لكن الكثير من هذه العائلات قد لا تميل إلى تصديقه، فالعديد منهم يطالبون رئيس الوزراء بقبول اتفاق وقف إطلاق النار لضمان إطلاق سراح الرهائن، لكن نتنياهو تعهد بأن "إسرائيل ستقاتل حتى ندمر قدرات حماس العسكرية وحكمها في غزة، ونعيد جميع رهائننا إلى الوطن".
كما فعل في عدة تصريحات سابقة، قال نتنياهو إنه "يجب أن تحتفظ [إسرائيل] بالسيطرة المطلقة [في غزة] لضمان ألا تشكل غزة مرة أخرى تهديدًا أمنيًا لإسرائيل"، وهو مطلب من المرجح أن يكون غير قابل للتطبيق في أي اتفاق لوقف إطلاق النار. مع ذلك، قال نتنياهو مؤخرًا إن اتفاق وقف إطلاق النار قد يكون قريبًا، ومن المرجح أن يكون الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه حاليًا محور اجتماع رئيس الوزراء في البيت الأبيض مع بايدن يوم الخميس.
لم يشر نتنياهو إلى أي طلبات محددة بخلاف استمرار الدعم العسكري الأمريكي، وكما فعل في جميع خطاباته الثلاثة السابقة، التي تعود إلى منتصف التسعينيات، أبقى نتنياهو التركيز على إيران التي ذكرها قبل حماس. وقد أوضح أن قتال إسرائيل ضد الجماعات المدعومة من إيران مثل حماس وحزب الله يخدم "إبعاد القوات الأمريكية عن الأرض، مع حماية مصالحنا المشتركة في الشرق الأوسط".
وردّ على الانتقادات الموجهة لإسرائيل بسبب الخسائر في صفوف المدنيين، ومنع دخول الطعام إلى غزة، وانتقد المحتجين المناهضين لإسرائيل في
الولايات المتحدة، متهماً إياهم بأنهم "حمقى مفيدون" لإيران، وانتقد رؤساء الجامعات.
كيف تخسر الأصدقاء والنفوذ
أوضحت المجلة أن نتنياهو أشاد بالرئيس بايدن على "نصف قرن من الصداقة لإسرائيل"، لكن ذلك زاد من تسليط الضوء على نقص عدد السياسيين الديمقراطيين الذين يدعمون إسرائيل علنًا. وقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار انقسامًا حزبيًا عميقًا حول التعاطف مع إسرائيل. وشكر نتنياهو أيضًا الرئيس السابق دونالد ترامب على الإجراءات الداعمة لإسرائيل خلال فترة رئاسته، بما في ذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. مع ذلك، من الواضح أن ترامب استاء إلى حد ما من نتنياهو، حيث لا يزال غاضبًا منه لتهنئته بايدن بفوزه في انتخابات 2020، ولا يبدو أنه من قبيل المصادفة أن ترامب نشر رسالة ودية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اليوم الذي أعلن فيه عن لقاء نتنياهو.
ظاهريًا، ربما يكون نتنياهو قد حصل على ما أراده اليوم: تصفيق حار من الجمهور، حتى لو كان ذلك من الجمهوريين بشكل رئيسي، لكن أكثر من 70 بالمئة من الإسرائيليين يقولون الآن إن على نتنياهو الاستقالة، فمؤسسة الدفاع الخاصة به تنقلب على طريقة تعامله مع الحرب، كما يتعرض لانتقادات بسبب عدة قضايا، من مشاكله القانونية طويلة الأمد إلى المسألة المثيرة للجدل المتعلقة بتجنيد المتدينين المتشددين للخدمة في الجيش.
في الماضي، كانت واشنطن بمثابة صمام الإغاثة لنتنياهو، حيث كان بإمكانه الاعتماد على دعم قوي، حتى عندما بدا موقفه السياسي متزعزعًا في الداخل. ففي خطابه الأول سنة 1996، وبعد أن تلقى تصفيقًا حارًا لمدة خمس دقائق من الكونغرس، قال مازحًا: "لو كان بإمكاني فقط أن أجعل الكنيست يصوت هكذا". أما اليوم، فقد "اختفى السحر"، كما قال نمرود نوفيك، وهو مسؤول إسرائيلي كبير سابق في السياسة الخارجية الإسرائيلية، ويعمل الآن محللاً في منتدى السياسة الإسرائيلية. وخلال أكثر من 40 سنة من القدوم إلى واشنطن، اعتاد نتنياهو بالتأكيد على أن يكون شخصية مثيرة للجدل، وقد يتعين عليه أن يعتاد على أن يكون شخصية مهمشة.