قالت صحيفة
"لوفيغارو" الفرنسية، إن الرئيس
التونسي قيس سعيّد الذي يطمح لولاية ثانية، نجح في تهميش المعارضة وسحق أي منافسة محتملة، وذلك على وقع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في تونس.
وأضافت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه سيكون لدى رئيس الدولة المنتهية ولايته عدد قليل من الخصوم في الانتخابات المقرر إجراؤها في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر القادم، بعد أن أدى القانون الانتخابي الذي سنَّه والقضاء التابع له إلى إقصاء المرشحين الأكثر جدية.
قبل 24 ساعة من الموعد النهائي لتقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية التونسية، فقد قدّم الرئيس قيس سعيّد ترشّحه مصحوبًا بأكثر من 200 ألف تزكية، علما بأن 10 آلاف توقيع كانت كافية للمصادقة على ملفّه. ويعتبر ذلك وسيلةً لإظهار شعبيته ومواصلة الحملة التي بدأها قبل بضعة أسابيع بكثرة ظهوره.
حتى تاريخ 31 تموز/ يوليو، تقدم ما لا يقل عن 108 مرشحين لرئاسة الجمهورية التونسية، لكن من غير المرجح أن يجتازوا المرحلة التمهيدية.
وفي الخامس من آب/ أغسطس، تم تقديم خمسة ملفات فقط إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وكان واحد منها فقط مكتملا والأمر متروك للمتقدمين لاستكمال النقائص قبل 11 آب/ أغسطس، الذي يوافق موعد الإعلان عن الترشيحات المقبولة.
قواعد أقرها سعيّد
ذكرت الصحيفة أن سعيد وضع قواعد هذه المنافسة التي يعتزم الفوز بها عن طريق استعمال جميع الوسائل لإبعاد جميع منافسيه، وخاصة الأكثر مصداقية.
وأشارت إلى أنه من خلال انقلابه على السلطة في 25 تموز/ يوليو 2021، فقد قضى سعيّد على الانتقال الديمقراطي الذي بدأ قبل عشر سنوات مع الثورة التونسية، وذلك بإزالة جميع الهيئات الوسيطة وحل الهيئات الدستورية وإسكات معارضيه من خلال الترهيب واستخدام المرسوم 54 الخانق للحريات وسجن بعضهم.
أطلق سعيّد العنان لسيطرته، ودعم الرأي العام إلى حد كبير نيته في تجديد حوكمة البلاد، وهي الرغبة التي أعلنها دون مزيد من التفاصيل خلال حملته الانتخابية الناجحة في سنة 2019. وبعد خمس سنوات من الإطاحة بالنظام، أصبح قيس سعيّد الزعيم الوحيد على رأس السلطة ولكن حصيلة عمله غير ملموسة والنظام السياسي الجديد الذي يروج له غير مقنع، بحسب التقرير.
وأضافت الصحيفة أنه من الواضح أن سعيّد لن يتمكن من تحقيق أداء أفضل من نسبة 72 بالمئة من الأصوات التي تم جمعها في سنة 2019. مع ذلك، اعتمد قانونا انتخابيا أدرج جزءا منه في دستور 2022، والذي نقله إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بدعم المحكمة الإدارية.
وبحسب المعارضين، تسمح هذه الأحكام بانتقاء الترشيحات وبالأخص، استبعاد الخصوم السياسيين لا سيما من خلال منع الأشخاص المعنيين من الحصول على وثيقة تثبت خلو سجلهم الجنائي من المخالفات والسوابق (بطاقة عدد 3)، وهي وثيقة ضرورية لدخول السباق الانتخابي. وكانت الصعوبات كبيرة لدرجة أن مجموعة من المرشحين نددوا في بيان بما اعتبروه مساسًا بحقوقهم المدنية والسياسية.
"تراجع الشعبية"
ذكرت الصحيفة أن النظام في تونس ضمن بالفعل مصير أولئك الذين يمكنهم التأثير حقا على هذه الانتخابات. فهم في الأغلب يخضعون للمرسوم عدد 54، ومتّهمون بالتآمر ضد أمن الدولة أو غسيل الأموال. ومن بين الاتجاهات السياسية المختلفة، يشترك الجميع في أنهم كشفوا بالتأكيد في وقت مبكر جدا عن رغبتهم في الترشح للرئاسة. ومن بينهم قادة أحزاب، مثل عبير موسي عن الحزب الدستوري الحر، ولطفي المرايحي عن الاتحاد الشعبي الجمهوري، وعصام الشابي عن الحزب الجمهوري، وغازي الشواشي عن التيار الديمقراطي.
في المقابل، قدم آخرون بيادقهم في تكتم. داعمين بشدة لمسار 25 تموز/ يوليو 2021، تضع حركة الشعب أمينها العام زهير مغزاوي في الصفوف الأمامية، دون أن تأخذ أي مسافة مسبقة من السلطة. وقد تميل عدة أحزاب صغيرة إلى تبني نفس الحذر، خاصة أن التوتر الحالي للرئيس تجاه منافسيه، وفقا لأشخاص مقربين من حملته، سوف تغذيه استطلاعات الرأي التي تشير إلى انخفاض مذهل في شعبيته.
ومن المفترض أن يكون وزير بن علي السابق، منذر الزنايدي، مرشحا أيضا لأنه كثف من نشر مقاطع الفيديو عبر الإنترنت يسلط فيها الضوء على التجاوزات التي قام بها قيس سعيّد. مع ذلك، يمكن أن يكون الزنايدي منافسا جديا لم يتخذ قراره رسميا بعد، لكن لا نعلم إن كان سيتمكن من استكمال ملفه من باريس حيث يقيم، وتقديمه في الوقت المحدد مع وثيقة السجل الجنائي الشهيرة، إلى جانب 10 آلاف تزكية من المواطنين دون أن يطلق جميع إنذارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وبحسب الصحيفة، تنبئ الاستعدادات للانتخابات الرئاسية بنتائج تصويت غير مفاجئة ولكنها مثيرة للانقسام، لاسيما أن سعيّد يملك جميع السلطات ويتحكم في جميع موارد الدولة. وبناء على ذلك، يرى الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي خليل الزاوية أن "هذه ليست انتخابات".