أعدت المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال
الإسرائيلي خيارات استجابة متدرجة للضربات التي توعدت بها
إيران وحزب الله ردا على اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية، والقيادي البارز في الحزب اللبناني فؤاد شكر.
وأكدت صحيفة "
يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عبر محللها العسكري رون بن يشاي، أنه في الوقت الحالي، تعرب "إسرائيل" عن رضاها عن الوضع في ثلاث من أربع جبهات قتال، وخاصة ضد حماس، دون احتساب الجبهة الشمالية. لكن كل الإنجازات قد تضيع، إذا لم يتم التوصل بسرعة إلى صفقة بشأن الأسرى.
وأضافت الصحيفة أنه "لم يقم
حزب الله والإيرانيون بعد بتوجيه ضربات انتقامية، لكن قبل ذلك، ظهرت توجهات مثيرة للاهتمام: في إيران تضاءل الحماس أو ربما الهياج بشكل كبير، وهناك تردد في طهران حول كيفية الرد على إسرائيل دون إشعال حرب إقليمية ودون التورط مع القوة الكبيرة التي جمعتها الولايات المتحدة في منطقة الخليج الفارسي والبحر الأحمر وحوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي".
وذكرت أنه "فقاً للتقديرات، يبدو أن ما يؤثر على خامنئي هو حجم وقوة القوات الأمريكية التي تم إرسالها إلى الشرق الأوسط بشكل أساسي، بما في ذلك حاملة طائرات، وأكثر من عشر سفن حربية ومدمرات مع صواريخ اعتراض وصواريخ كروز، إضافة إلى أسراب من الطائرات الحربية بما في ذلك طائرات إف-22 الشبحية التي تم إحضارها من قاعدتها في ألاسكا".
وبينت أنه في شرق البحر المتوسط، تجوب ثلاث سفن إنزال تحمل قوة كبيرة من مشاة البحرية الأمريكية، هدفها الرئيسي إجلاء المواطنين الأمريكيين وخاصة من لبنان، لكن هناك مهام أخرى وهي: حماية الجنود والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط في العراق والسعودية وقطر.
وأوضحت أن "القوة موجهة أيضا للرد إذا هاجمت إيران أو وكلاؤها، وخاصة المليشيات في العراق، القواعد الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والمهمة الثالثة والأهم بحسب توجيهات البنتاغون هي التصدي المشترك مع الجيش الإسرائيلي لصواريخ وطائرات دون طيار التي يُتوقع وصولها".
وقالت إنه "لهذا السبب، يتكون معظم الأسطول البحري من سفن تحمل صواريخ اعتراض، وبحسب ما يبدو من تقسيم العمل بين الجيش الإسرائيلي والقيادة المركزية الأمريكية، فإن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل في اعتراض ما سيتم إطلاقه عليها، لكن القوة الأمريكية لن تشارك في ضربات وقائية ولا في الرد الإسرائيلي".
يُضاف إلى هذا الحشد الأمريكي غير المسبوق، قوات بحرية وجوية كبيرة من بريطانيا وفرنسا، وهؤلاء يفضلون تقليل حجم تحركاتهم إلى المنطقة، لكنهم هنا بالفعل ويعتزمون العمل بتنسيق وتوجيه من القيادة المركزية الأمريكية بقيادة الجنرال كوريلا.
لهذا السبب، تركز "إسرائيل" معظم اهتمامها على حزب الله، نظرا لأنه يمتلك صواريخ وقذائف متوسطة المدى وطائرات بدون طيار قد تصل في وقت قصير إلى داخل الأراضي المحتلة.
ويذكر أن وقت التحذير لصواريخ "فاتح 110" و"زلزال" الإيرانية، التي تحمل رؤوسا حربية وزنها يتراوح بين 400 و500 كيلوغرام، هو دقيقة ونصف في المتوسط، وهي قادرة على الوصول إلى معظم مناطق الأراضي المحتلة بما في ذلك منطقة "غوش دان".
ومئات من هذه الصواريخ هي صواريخ دقيقة، وعددها الكبير أصبح أكثر من خمسة آلاف، ناهيك عن القذائف قصيرة المدى والأقل وزنا.
من ناحية أخرى، أكدت الصحيفة في تحليلها أنه "يجب أن نتذكر أن إيران لديها بالفعل آلاف الصواريخ الباليستية الثقيلة التي تصل إلى إسرائيل، لكن لديها عدد قليل من المنصات لإطلاق هذه الصواريخ، لا يمكنها إطلاق وابل من آلاف الصواريخ في وقت واحد، ما يمنح نظام الاعتراض متعدد الطبقات في إسرائيل 12 دقيقة على الأقل إلى ربع ساعة لاعتراض الصواريخ وتحذير المدنيين، وساعات من التحذير المبكر بشأن الطائرات بدون طيار".
وكشفت أن بعض الصواريخ الإيرانية لديها أيضا رؤوس حربية مناورة قد تخدع الدفاع الجوي الإسرائيلي بمسارها المتعرج وتخترق الأراضي المحتلة، ولكن وقت التحذير عليها طويل ويمكن اعتراضها باستخدام أنظمة "حيتس 2" و"حيتس 3" على بعد مئات الكيلومترات قبل وصولها.
وحذرت الصحيفة من أن "هذا الترف غير موجود بالنسبة للصواريخ والقذائف التي يمتلكها حزب الله، ومن الواضح تماما من خطاب نصر الله الأخير أن حزب الله سيعمل وفقاً لمبدأين: سيحاول مفاجأة إسرائيل، ربما بإطلاق صواريخ على مسافات لم يطلق عليها حتى الآن وباستخدام أسلحة لم يستخدمها من قبل، والمبدأ الثاني هو عدم إشعال حرب شاملة مع إسرائيل".
واعتبرت أن "المشكلة التي يواجهها حزب الله حاليا هي أنه يعرف أننا والأمريكيين جاهزون ومستعدون، لذلك، سيحاول بأي طريقة في الأيام القليلة القادمة العثور على ثغرة لتحقيق ضربة قاتلة ضد أفراد الجيش أو فرق الطوارئ، دون أن يتورط في حرب إقليمية، والتوقع هو أن هذا سيحدث خلال أيام قليلة".
وأضافت أن "حزب الله ينتظر الفرصة لمفاجأة إسرائيل دون أن يتلقى ضربة وقائية قد يوجهها الجيش الإسرائيلي إذا اكتشفت أجهزة المخابرات الإسرائيلية تحضيرات على الأرض في لبنان (يجب التمييز بين ضربة وقائية لإحباط تهديد فوري وملموس، مثل إطلاق صواريخ متنقلة وطائرات بدون طيار من مخابئها، وبين حرب وقائية تشنها بمبادرتك لمنع العدو من شن هجوم شامل عليك).
في ما يتعلق بالسيناريو الذي سيعمل به محور المقاومة، فإن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن حزب الله سيعمل أولاً للاستفادة من قربه من "إسرائيل" والتحذير القصير قبل صواريخه، ثم ستنضم إليه إيران والحوثيون والمقاومة في العراق وسوريا، ومن المحتمل جدا أنه خلافا للمرة السابقة في نيسان/ أبريل، ستكون هناك بضعة أيام من القتال بين جيش الاحتلال وحزب الله وإيران ووكلائهم، على الرغم من أنه من الواضح تماما أن حزب الله وإيران يريدون أن يستمر ذلك لبضع ساعات فقط.
لذلك، فإن من المحتمل أن تكون الهجمات محدودة للغاية على عدد قليل من الأهداف العسكرية أو أهداف البنية التحتية غير الحيوية في الأراضي المحتلة، من الممكن جدا أنهم سيحاولون استهداف شخصيات إسرائيلية بارزة في الخارج، مثل السفراء، أو رموز السلطة في "إسرائيل".
من الجدير أن يتذكروا في طهران أن محاولة اغتيال السفير أرغوف في لندن أشعلت في صيف 1982 حرب لبنان الأولى، حيث اجتاح الجيش الإسرائيلي بيروت وما وراءها.
وفي "إسرائيل"، تم إعداد عدد من سيناريوهات الرد المتدرج، وسيتم تحديد الدرجات وفقاً لشدة الهجوم الإيراني أو من حزب الله أو كليهما، وكلما زادت الخسائر والأضرار زادت حدة الرد، ويمكن أن يصل الرد إلى حد الحرب الشاملة، لكن من المرجح أن يتراوح بين ضربة جوية واسعة النطاق محدودة على جنوب لبنان إلى تدمير أحياء بأكملها في بيروت وبعلبك، أما بالنسبة لإيران، فسيكون ردنا أيضاً محسوباً، لأن الأمريكيين يقيدوننا.
من منظور إسرائيلي، فإن المشكلة الرئيسية حاليا هي حالة عدم اليقين والقلق التي تحيط بجزء كبير من الجمهور الإسرائيلي وتؤثر سلبا على معنوياتنا، والقيادة السياسية لا ترغب في حرب إقليمية، وترغب أيضا في الانتقال إلى ما بعد تبادل الضربات لإنهاء الحرب في غزة.
ومن ناحية أخرى، اعتبرت الصحيفة أن الجيش لا يزال يواصل التقدم التدريجي شمال غزة بعملية اجتياح واستيلاء متأنية، كما هو مخطط، بينما يتم "إحباط كل محاولات العدو للمفاجأة أو تنفيذ عمليات تسلل عبر الأنفاق، والأهم هو النجاح في الحفاظ على نسبة منخفضة جدا من الإصابات في قواتنا".