تقدم محامون بريطانيون إلى المحكمة العليا في لندن بدعوى نيابة عن
فلسطينيين تعرضوا للتعذيب وتركوا دون علاج في المستشفيات وغير قادرين على الهروب من القصف المستمر سعيا للحصول على أمر يمنع الحكومة البريطانية من الاستمرار في منح تراخيص تصدير الأسلحة للشركات البريطانية التي تبيع الأسلحة للاحتلال
الإسرائيلي.
وكشف تقرير لصحيفة "
الغارديان" أن الدعوى تحتوي على إفادات 14 شاهدا وتغطي أكثر من 100 صفحة، ومن أطباء فلسطينيين وغربيين يعملون في مستشفيات
غزة، فضلا عن سائقي سيارات الإسعاف وتأتي الأدلة التفصيلية لدعم طلب الحصول على أمر قضائي بأن الحكومة البريطانية تصرفت بشكل غير منطقي لرفضها حظر بيع الأسلحة واحتجت بعدم وجود خطر واضح وأنها ستستخدم في ارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
وهذا هو المعيار القانوني الذي وضعته الحكومة لتقرر ما إذا كانت ستمنح تراخيص تصدير الأسلحة، حيث تقوم حكومة حزب العمال حاليا بمراجعة هذه السياسة.
وتم تحديد هوية أصحاب الشهادات للمحكمة، لكن الغارديان لم تكشف إلا عن اسم شخصين منهم نظرا للحاجة إلى حماية العائلات في غزة وإمكانية تعرضها لانتقام.
ومن المتوقع أن تجري المراجعة القانونية في الفترة ما بين 8 و10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وقدم الدعوى تحالف من المنظمات غير الحكومية بمن فيهم الحق وشبكة الفعل القانوني (غلان) وأمنستي إنترناشونال وأوكسفام وهيومان رايتس ووتش، وهذه أول محاولة لتقديم شهادات تفصيلية عن
جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة أمام قاض بريطاني منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ودافعت حكومة المحافظين السابقة عن قرارها مواصلة منح رخص تصدير السلاح نظرا لعدم وجود مخاطر كافية عن استخدام السلاح البريطاني لارتكاب جريمة حرب.
وتقول: "إسرائيل إنها تتصرف للدفاع عن نفسها وبناء على القانون الإنساني الدولي وإن أي اتهامات عن تجاوزات له تم التحقيق بها وبشكل مستقل".
وواحد من الشهود الذين ذكرت أسماؤهم هو أخصائي أمراض الكلى الكندي، الدكتور بن تومبسون الذي قال إنه عالج مريضا أجبر على الوقوف 48 ساعة واحتاج لزراعة الجلد في كاحله.
وقال إنه عالج أيضا رجلا يبلغ من العمر 60 عاما جردته قوات الاحتلال الإسرائيلي من ملابسه، وقيدت معصميه بإحكام لمدة ثلاثة أيام، وسحلته على الأرض، ما تسبب في تآكل معصمه حتى العظم.
وأضاف: "لقد تم استهداف كل جزء من نظام الخدمة الصحية وتدميره وأصبح الآن غير قادر تماما على تقديم العناية. يموت الكثير من الناس بسبب مشاكل يمكن علاجها تماما"، موضحا أنه "عالج شخصيا ثلاثة أطفال كان بإمكانه إنقاذهم لو كانت لديه أي إمكانية للوصول إلى الأدوية المناسبة".
وشهد قائلا إنه عندما زار مدينة رفح في آذار/ مارس، كانت المياه تقدم بمعدل ثلاث لترات في اليوم وكان هناك مرحاض واحد لكل 800 شخص، وأنه اضطر إلى تجبير عظام بدون مسكنات.
وفي إحدى المرات كان الازدحام في المستشفى شديدا إلى درجة مات فيها أحد المرضى الرجال الذين كانوا تحت رعايته "على الأرض في بركة من دمه ودماغه".
وفي شهادة ثانية للدكتور خالد دواس، استشاري الجراحة في مستشفى كلية لندن الجامعية، قال فيها إن الظروف في المستشفيات التي عاينها في رحلتيه "كانت ما تخيل أن الطب في القرون الوسطى كان عليه"، وأضاف أن معظم مرضاه كانوا ضحايا رصاص القناصة.
وقال: "أفهم أن إسرائيل تبرر هجماتها على المستشفيات بادعائها بأن فيها مسلحين، وخلال الأسابيع الأربعة التي قضيتها في مستشفى الأقصى لم أر أيا منهم".
وأكد أنه التقى بالعديد من المرضى الذين تعرضوا للضرب بوضوح في معسكرات الاعتقال، ومريضا واحدا تم جره على الأرض بواسطة المثبت الخارجي الذي يمسك بطرفه المكسور معا.
وأضاف أنه عالج في زيارته الثانية رجلا مقعدا "قيد في الحجز وعصبت عينيه وقيد على كرسيه المتحرك وربط معصميه إلى الجانب الأيمن من جذعيه ولمدة 38 يوما".
ولاحظ في زيارته الثانية أن معنويات الطاقم الطبي قد تدهورت، وبحلول نيسان/ أبريل "كان هناك حس بالعدمية وأن هذا لن ينتهي".
وقد ذكر مستشار آخر، يقيم في
بريطانيا ولكن لم يتم الكشف عن اسمه، كيف تعرض هو ومجموعة من الأطباء للقصف في ما يسمى بالبيت الآمن في 18 كانون الثاني/ يناير. وقال إن "الحادثة كانت بمثابة حافز للمنظمات غير الحكومية للتوقف عن إرسال العاملين في المجال الإنساني"، وعلى الرغم من التأكيدات التي قدمها الدبلوماسيون البريطانيون في القاهرة أن الهجوم سوف تتم مناقشته على أعلى مستوى في بريطانيا، إلا أنه يزعم أن أحدا في الحكومة في لندن لم يتصل بالفريق الطبي.
وكشفت شارلوت أندروز-بريسكو والتي تمثل منظمة غلان والتي جمعت الأدلة وقدمتها أن العامل المحدد لها في إعداد شهادات الشهود هو العدد الكبير من حالات سوء المعاملة والانتهاكات.