قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سارة
ديفيز، إن "
الجوع والمرض ينهشان أجساد أهل
غزة
الذين يمرون بظروف قاسية للغاية مع استمرار النزاع للشهر العاشر على
التوالي"، مُشدّدة على ضرورة "السماح
بإدخال المزيد من المساعدات المنتظمة إلى غزة في
أقرب وقت".
وأضافت ديفيز،
في مقابلة مصورة مع "عربي21": "بعض
الآباء يستطيعون فقط إطعام أطفالهم وجبة واحدة طوال اليوم، وقد سمعنا تقارير عن
آباء يمتنعون
عن تناول وجباتهم الخاصة حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم. يجب لهذه المساعدات أن تدخل".
ووصفت الظروف التي يعمل فيها الصحفيون والعاملون
في المجال الإعلامي بقطاع غزة بأنها "مروّعة جدا"، منوهة إلى أنهم يعملون في "ظروف قاسية للغاية، وهم، للأسف، يعرّضون حياتهم للخطر
جراء القيام بعملهم".
وتابعت ديفيز: "يتمتع الصحفيون بالحماية بموجب القانون الإنساني الدولي وهم هناك لنقل
ما يرونه، وتوثيق قصص الناس الذين يلتقون بهم"، متابعة: "سوف نواصل بالتأكيد التحدّث إلى جميع الأطراف في النزاع حول حماية المدنيين،
بما في ذلك الصحفيون".
وتاليا نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
هل قطاع غزة يقترب اليوم من حافة المجاعة؟
نعلم أن الناس في غزة قضوا الآن أكثر من 10 أشهر جائعين، ولم يكن لديهم ما
يكفي من الطعام، ولا ما يكفي من التنوع الغذائي المطلوب الذي يحتاجه الأطفال للنمو ويحتاجه
الناس لاستعادة قوتهم والتعافي من أنواع الجروح والإصابات الناجمة عن الحرب التي رآها طاقمنا الطبي على أرض الواقع في غزة.
وهناك بالتأكيد تقارير متعددة عن
المستويات المتزايدة من الجوع في غزة، ومن المهم جدا أن نتذكر أنه ليس من الضروري أن ننتظر الإعلان رسميا عن المجاعة؛ فهذا شيء يجب تخفيفه والعمل عليه في وقت أبكر من ذلك المستوى من
سوء التغذية أو ذلك المستوى من الجوع عبر قطاع
غزة.
يجب السماح بالمزيد من المساعدات المنتظمة إلى غزة، بما في ذلك الطعام ومجموعة متنوعة من الأغذية؛ فالتنوع الغذائي هو جانب كبير مما يفتقده الناس الآن، وجزء
مما لا يستطيع الناس الوصول إليه.
بعض الآباء يستطيعون فقط إطعام
أطفالهم وجبة واحدة طوال اليوم، وقد سمعنا تقارير عن آباء يمتنعون عن
تناول وجباتهم الخاصة حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم. يجب
لهذه المساعدات أن تدخل
في أقرب وقت، ولكن يجب أيضا توزيعها بشكل فعّال عبر قطاع غزة بأكمله، وهذا شيء نواصل مناقشته مع الأطراف المتصارعة.
في الواقع، الجوع والمرض ينهشان أجساد أهل غزة الذين
يمرون بظروف قاسية للغاية بكل أسف.
ما هي الجهود التي يبذلها "الصليب الأحمر" في
مواجهة الأزمة الإنسانية الحالية في غزة؟
منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عندما
تصاعد العنف والنزاع، كان
الصليب الأحمر في الميدان يقيّم الاحتياجات ويستجيب لها، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر موجودة في غزة منذ عقود، وكان
لدينا دور وبرامج هامة يتم تنفيذها على الميدان، وكان لدينا مكتب هناك قبل
تشرين الأول/ أكتوبر.
لذا، كنّا في وضع جيد لتقييم
الاحتياجات. يتضمن ذلك أمورا مثل نقل المياه لتوفير مياه
آمنة وصالحة للشرب للناس، ومرافق الخبز
المشتركة. عندما يضطر الناس للفرار، وعندما يتم تهجيرهم، فإن أشياء مثل الأفران
والمواقد ليست أشياء يمكنهم حملها معهم.
لهذا، نقوم بإنشاء هذه
الأفران في المخيمات للأشخاص النازحين داخليا حتى تتمكن المجتمعات من الوصول إلى
أشياء مثل الأفران وحتى يتمكنوا من صنع الطعام عندما تتاح لهم الفرصة لذلك من أجل
عائلاتهم وأصدقائهم وأحبائهم. نقوم أيضا بأعمال
الصيانة والإصلاح المنتظمة لأشياء مثل الأنظمة الخدمية الأساسية، وشبكات المياه،
وشبكات الكهرباء، والمولدات.
وبالطبع لدينا أيضا مستشفى ميداني
تابع للصليب الأحمر، وهو في رفح ويمثل جزءا كبيرا من
استجابتنا. نحن نوفر أيضا العناصر الطبية، والمعدات، والأدوات، مثل الأسرّة والأغطية للعديد من المرافق الصحية المختلفة في جميع أنحاء غزة.
للأسف، شهدنا عددا كبيرا من حالات
الإصابات الجماعية خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، وهذا يضع عبئا كبيرا على النظام
الصحي بأكمله في غزة، الذي تأثّر بشدة منذ
الأسابيع الأولى من الصراع.
لذا، نعمل للرد على هذه الأوضاع، وهناك مساعدات نقدية نقدمها لدعم العائلات. الناس لا يمكنهم العمل،
لم يتمكنوا من العمل لأكثر من 10 أشهر الآن، وهم يعيشون فقط على مدخراتهم، ولسوء
الحظ، تلك المدخرات تنفد بسرعة كبيرة؛ فأسعار المواد
الأساسية مرتفعة، للأشياء البسيطة مثل الطعام، ومواد النظافة على غرار قوالب الصابون ومعجون الأسنان.
لذا، ندعم العائلات بالأموال النقدية، وكذلك بالعناصر المنزلية الأساسية مثل الأقمشة
المشمعة، والمراتب، ونعمل جنبا إلى جنب مع شركائنا المحليين ميدانيا، بما في ذلك جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، للاستجابة
للاحتياجات المتزايدة للأسف التي نشهدها في غزة.
هل تعملون على مشاريع طويلة الأمد لتحسين الأوضاع
الإنسانية في غزة؟
قبل شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدير
العديد من البرامج القائمة التي تعمل بالفعل على
تعزيز أنظمة الخدمات الأساسية في غزة، ويشمل ذلك أشياء مثل الصحة العامة، وشبكات الكهرباء، وقدرة شبكات
المياه على الوصول إلى المناطق التي تحتاجها،
مثل دعم محطات تحلية المياه.
للأسف، منذ اندلاع الصراع، ومنذ
تصعيده في تشرين الأول/ أكتوبر توقّفت العديد من هذه
المشاريع أو تأثرت بشدة بالأعمال العدائية.
مع ذلك، لدينا شراكات طويلة الأمد في غزة تواصل تقديم أعمال
الصيانة والإصلاح للأنظمة الأساسية مثل شبكة الأنابيب، أنابيب المياه التي تضررت، إلى صيانة الكهرباء إلى قطع الغيار للمولدات،
التي نرى أن الكثير من الناس، والكثير من
المنشآت الطبية تعتمد عليها من أجل الطاقة. الآن
سنواصل تقييم الاحتياجات ميدانيا لنكون قادرين على الاستجابة بأكثر الطرق فعالية.
للأسف، بالنسبة للناس في غزة الآن،
لا توجد رؤية طويلة المدى، إنهم يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة كل يوم وكل ساعة، ولا يعرفون ما يخبئه المستقبل لهم، ونحن أيضا لا نعرف
ما يخبئه المستقبل.
لذلك، يمكننا فقط الاستمرار في تقييم
الوضع الحالي المتقلب، والعمل على تنفيذ البرامج التي ستكون الأكثر فعالية في
الوقت الحالي.
كيف تصفون الظروف التي يعمل فيها الصحفيون والعاملون في
المجال الإعلامي بقطاع غزة؟
بكل أسف، شهدنا قتل عدد كبير جدا من
الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في هذا الصراع، في هذا التصعيد.
يتمتع الصحفيون بالحماية بموجب القانون الإنساني الدولي وهم هناك لنقل ما يرونه، وهم هناك ليرووا قصص الناس الذين يلتقون بهم ولنقل ما يعيشه الناس، وما
يمرون به ويواجهون ما يمر به الناس على أرض
الواقع.
وسوف نواصل بالتأكيد التحدّث إلى
جميع الأطراف في النزاع حول حماية المدنيين، بما في ذلك الصحفيون.
إن الظروف التي يعمل
فيها الصحفيون، وخاصة الصحفيون المحليون في غزة، مروّعة جدا. لقد قضوا أكثر من 10
أشهر يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة بجانب عائلاتهم وأحبائهم وأطفالهم
ومجتمعاتهم، بينما يحاولون تقديم خدمة وإبلاغ المعلومات
حول الوضع والمحنة التي يعيشها الناس خلال النزاع يجب عليهم العمل في ظل ظروف
شديدة التقلب وعنيفة للغاية، وهم أيضا معرّضون، كما هو الحال بالنسبة لكل المدنيين في غزة هذه الأيام للإصابات الصادمة والجروح
والانفجارات ونتائج كل ذلك.
لذلك، هم يعملون في ظروف قاسية
للغاية، وهم، للأسف، يعرضون حياتهم للخطر للقيام بذلك، وهو ما لا ينبغي عليهم أن
يتعرضوا له، ولهذا السبب يتمتع الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام بالحماية بموجب
القانون الإنساني الدولي، حتى يتمكنوا من الإبلاغ عما يرونه، حتى يشعروا بالأمان
أثناء قيامهم بذلك ولا يضطروا لتعريض حياتهم للخطر
من أجل سرد القصة التي يرونها.
وماذا
عن ظروف عمل منظمات الإغاثة في غزة؟
في الواقع،
الوضع في غزة صعب جدا خاصة بالنسبة لأي منظمة أو أي عامل إغاثة، وأيضا بالنسبة
للمدنيين الذين يضطرون للتنقل بشكل مستمر.
خلال الأشهر
التي انقضت هناك تحديات ملموسة، وهناك تحديات متعلقة بالبنية التحتية، ورأينا كذلك
مقتل الكثير من عاملي الإغاثة، وهذا كان له أثر كبير على عمل أي منظمة إغاثية، ولم
تعد المنظمات قادرة على الوصول للمدنيين الذين هم في أمس الاحتياج لمساعدتهم.
ويجب التصدي
لهذه الإجراءات بشكل مستمر؛ لأن المدنيين سيدفعون الثمن في أي صراع مسلح في حال
غاب عمال الإغاثة وما لم تكن هناك منظمات إغاثية.
و"الصليب
الأحمر"، وأيضا "الهلال الأحمر" شهدا طوال السنة الماضية مقتل عدد
كبير من زملائنا بكل أسف، وهناك منظمات دولية أخرى تواجه مثل هذه التحديات، لكننا سوف
نستمر في الضغط على المجتمع الدولي، وعلى طرفي الصراع، من أجل محاولة تحسين
الأوضاع.
ونحن منذ
سنوات نطلق تحذيرات -مع منظمات أخرى- من أن البيئة التي يعيش فيها أهل غزة، وخاصة
الأطفال منهم، توفر الظروف السلبية اللازمة لانتشار الأمراض المعدية والأوبئة.
ونطلب من المنظمات التي تساعد في حملات التطعيم، ونحن أيضا لدينا مستشفانا
الميداني في رفح، بأن يساهموا في حملات التطعيم، ولكن الدمار الشديد في البنى
التحتية، وعدم توفر مصادر ومواد النظافة، يؤثر على الناس، والمشكلة أن الناس في
حالة نزوح مستمرة، وتعبهم الشديد هذا معناه أنهم عرضة للمزيد من هذه الأوبئة والأمراض
المعدية، وهذا أمر يمثل مصدر قلق بالنسبة لنا.
ما
هي توقعاتكم للوضع الإنساني في غزة خلال الأشهر القادمة؟
نحن بصراحة لا نعرف ما سيحدث في غزة خلال الأشهر المقبلة، لكن إذا
نظرنا إلى الأشهر العشرة الماضية والوضع فيها للأسف، لم نشهد
سوى تدهور حاد وخطير في الأوضاع الإنسانية. لقد رأينا الناس يضطرون إلى الفرار مرة
بعد أخرى، وفرص الناس تقل في الحصول على
الطعام، وتقل فرصهم للحصول على مياه الشرب الآمنة، وتقل
فرصهم في الوصول إلى الاستقرار والأمان، ولا
يستطيع الأطفال الحصول على التعليم ولا يمكنهم عيش حياة
مستقرة؛ فهم يقضون أياما لا تُعد ولا تُحصى في الفرار مع والديهم إلى حيث يأملون أن يكون مكانا آمنا.
نحن نعلم أن الخدمات الأساسية والبنية التحتية الحرجة تستمر في
التأثر بالأعمال العدائية، وهناك تأثيرات وتداعيات طويلة جدا. لهذا، إذا لم يتمكن
الناس من الحصول على مياه شرب آمنة، وإذا لم تعمل محطات التحلية، وإذا لم يكن هناك
ما يكفي من الوقود لتشغيل تلك المحطات ولتشغيل أنظمة الصرف
الصحي ولتوفير الكهرباء لأماكن مثل المنشآت الطبية فسوف يستمر الوضع في التدهور الحاد.
الناس في غزة يعيشون في كابوس الآن، وليست هناك أي خيارات
جيدة بالنسبة لهم، وليس لديهم شعور بالأمن أو الأمان، ولا يعرفون ماذا سيحصل في
الساعة أو اليوم أو الأسبوع القادم؟، وليست
لديهم رفاهية محاولة التفكير في هذا لأن عليهم
البقاء على قيد الحياة في اليوم الذي يعيشونه، عدد
الناس الذين سيتعرضون للصدمة، والذين تعرضوا بالفعل
للصدمة، والذين تعرضوا لجروح جسدية، والذين تعرضوا لضغوطات عاطفية وذهنية مُدمّرة بسبب الوضع وبسبب
ما يعيشونه خلال كل
يوم في غزة كبير للغاية.
نعرف من التجارب السابقة في مناطق
النزاع الأخرى، ومن التجارب السابقة في غزة، أنه حتى عندما ينتهي النزاع، وحتى عندما تتوقف القنابل والانفجارات، تظل الاحتياجات في
تزايد لا يزال هناك أشخاص مصابون لا يزال هناك قتلى، ولا يزال هناك عائلات في حداد، والكثير من الناس لا يعرفون متى أو ما إذا
كانوا سيتمكنون من العودة إلى منازلهم.
ونحن
سوف نستمر بالتأكيد في العمل الميداني في غزة، وفي تقييم الاحتياجات والاستجابة لها كما نراها، ولكن حقيقةً تغيير الأمور في غزة يعتمد على نتائج المفاوضات الدبلوماسية والنقاش السياسي.