الهجمات الشرسة التي يشنها العدو
الإسرائيلي
على
لبنان، تستهدف شل قدرات
حزب الله، استمرارا لهجمات أجهزة البيجر والاتصالات
اللاسلكية للحزب، تمهيدا لعملية كبيرة من أجل إخضاع حزب الله، إذا تعذر شطبه، أو
في الأقل إزاحته شمالا خلف الليطاني.
ما نشهده عملية إسرائيلية شرسة
متدحرجة، باستخدام كثيف للطيران الحربي، وعلى مواقع الحزب في الجنوب واستحكاماته، وصولا
لبيروت والضاحية الجنوبية، لشل قدرات الحزب الهجومية والنوعية، واستثمار التفوق
الجوي والتقني والاستخباري، لدفع الحزب تحت ضغط الهجمات وعدم قدرته على مجاراة
العدو في هذه المجالات، لتوسيع ضرباته للعمق الإسرائيلي، لتبرر تل أبيب عمليتها
الكبرى للهجوم على لبنان.
وهذا يعني أن تل أبيب تعمل على وضع
حزب الله أمام معادلة، صعبة ومعقدة: البقاء في مستوى الردود ضد الأهداف العسكرية
والأمنية وربما الاقتصادية، مستفيدة من تفوقها الجوي والتقني، وصولا لإضعاف الحزب
وإنهاكه بين يدي شن حرب شاملة، أو اندفاع الحزب لتوسيع الحرب نحو العمق الإسرائيلي،
بدون خطوط حمراء، وبالتالي توفير أرضية تريدها تل أبيب لشن حربها الكبرى على لبنان،
باعتبار أن الحزب هو من بدأ الهجوم على المدن والمدنيين، وهو ما يؤمن تأييد أمريكا
والغرب لحرب نتنياهو المجنونة.
ليكن واضحا أن نتنياهو قرر وبتأييد
واسع من الكتل الحزبية، والجيش والشارع الإسرائيلي، كسر حزب الله وإعادته على
الأقل خلف الليطاني، وتدمير كل قدراته العسكرية التي يمكن أن تشكل تهديدا
للمستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين، وهو عازم على تحقيق الأمرين معا؛ تدمير
القدرات، والدفع خلف الليطاني.
التزام الحزب بالخطوط الحمراء لن يغير النتيجة، من ذهاب نتنياهو لنهاية الشوط، بل ربما وفّر للحكومة الإسرائيلية أفضلية عمل وفرصة لإدارة الحرب بما يحقق الأهداف وبكلفة أقل، وضمن قدرة تل أبيب على الاحتمال
والتزام الحزب بالخطوط الحمراء لن
يغير النتيجة، من ذهاب نتنياهو لنهاية الشوط، بل ربما وفّر للحكومة الإسرائيلية
أفضلية عمل وفرصة لإدارة الحرب بما يحقق الأهداف وبكلفة أقل، وضمن قدرة تل أبيب
على الاحتمال.
قد يكون صحيحا أن
تصعيد حزب الله
وتوسيع دائرة استهدافاته دون قيود، سيعمل على توسيع الحرب الإسرائيلية، وتعجيل شن
تل أبيب حربها الشاملة، إلا أن المسألة تبقى محصورة من الجانب الإسرائيلي، في
توقيت شن الحرب الشاملة، الآن أم بعد أخذ كل الوقت في استنزاف الحزب وتدمير قدراته.
لكنها من جانب حزب الله تنحصر في
القدرة على إيلام تل أبيب، وإقناعها بأن ثمن مغامراتها مكلف ومكلف جدا. وفرصة
الحزب في تحقيق ذلك كانت أفضل وبمسافة، في الشهور الأولى بعد السابع من تشرين
الأول، أكتوبر، وبصورة أقل قبيل هجمات الاتصالات واغتيال القادة الكبار، وهي آخذة
بالتضاؤل يوما بعد يوم.
حزب الله اليوم ليس مطلوبا منه هزيمة
إسرائيل، ولكن إجبارها على وقف الحرب في
غزة وعلى لبنان، ورسالته الواضحة المؤثرة
في هذا السياق، تأكيد أن مغامرات نتنياهو مكلفة ومكلفة جدا على إسرائيل، وتل أبيب
المنهكة والمنبوذة عالميا، يمكن أن تُصفع على وجهها بما يحقق الغاية، إذا ما أحسنت
المقاومة، بكل تشكيلاتها، توجيه ضرباتها القوية والمكثفة، الآن وليس غدا.
الحرب يمكن أن تتوقف، ولأسباب كثيرة
ووجيهة، إذا ما ردعت إسرائيل وتلقت صفعة تفقدها توازنها ونشوتها بالتفوق. والمهمة
مسؤولية جماعية لكل قوى المقاومة، عبر قوسها الواسع، فما أغرى تل أبيب، بعد نحو
عام من الجرائم والانتكاسات، هو سقوط هيبة الردع من جبهة المقاومة، وما لم تستعد
هذه الأخيرة قدرتها الردعية، فالحرب الإسرائيلية وبإسناد أمريكي، ذاهبة حتى نهاية
الشوط. ونهاية الشوط في الأفق القريب، في
لبنان، لكنها لن تتوقف عند حدود لبنان والليطاني.
الحزب مطالب بمغادرة خطوط الرد الوهمية، وحلفاء الحزب مطالبون بمغادرة مربع الحسابات المترددة، فما وسع العدوان الإسرائيلي وجعله بلا سقوف، هو هذا التردد واهتزاز صورة الردع
الحزب مطالب بمغادرة خطوط الرد
الوهمية، وحلفاء الحزب مطالبون بمغادرة مربع الحسابات المترددة، فما وسع العدوان
الإسرائيلي وجعله بلا سقوف، هو هذا التردد واهتزاز صورة الردع.
وقف الحرب ومنع توسعها، وإعادة حكومة
اليمين الإسرائيلي إلى عقلها، يبدأ اليوم وليس بعد شهر، بتسديد ضربة قاسية وموجعة،
ومن جبهات متعددة، وبدون حسابات مترددة، تضع النقاط على الحروف.
بدون توجيه لطمة قاسية لنتنياهو
وحكومته، لن تتوقف الحرب، ولن يتوقف العدوان. وأي سلوك آخر متحفظ، لن يقود إلا
لتطاول حكومة اليمين المتطرف، واستنزاف قدرات المقاومة، وصولا، لا سمح الله، لهزيمتها.
ولا يجوز أن يُترك تنفيذ هذه المهمة
على عاتق حزب الله، لوحده، رغم الدور الكبير المنوط به. قد لا يخلو الأمر من
مغامرة، ولكن السُبل الأخرى للأسف، جميعها تفضي لتحقق السيناريو الأسوأ، والتكلفة
الأضخم.