أعاد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى
السنوار، خلال معارك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بطولة قائد
فلسطيني استشهد قبل أكثر من 70 عاما في أثناء قتاله ضد العصابات "الصهيونية".
ويتشابه موقف الإقدام الذي تجسد في السنوار رغم تقلده
قيادة "حماس"، وارتدائه جعبة عسكرية واشتباكه المباشرة مع جيش الاحتلال،
مع القائد الفلسطيني عبد القادر
الحسيني الذي استشهد في 8 نيسان/ أبريل لعام 1948
في قرية القسطل القريبة من القدس، بعد قيادته معركة ضد الاحتلال استمرت ثمانية
أيام.
نشأة الحسيني وقصته
ولد الحسيني عام 1907 في مدينة القدس المحتلة، وتلقى
تعليمه الأولي فيها، وتوفيت والدته وعمره عام ونصف، وتلت جدته لوالدته تربيته
وأشقاءه السبعة، وله ثلاث أخوات وأربعة إخوة.
شغل والده موسى كاظم الحسيني بعض المناصب العالية في
الدولة العثمانية، وتنقل في عمله بين أرجاء الدولة العثمانية، فعمل في اليمن
والعراق ونجد وإسطنبول، إلى جانب فلسطين.
بعد انهيار الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية
الأولى، ووقوع فلسطين في قبضة الانتداب البريطاني، شغل موسى الحسيني منصب رئاسة
بلدية القدس، إلى جانب انتخابه رئيسا للجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الفلسطيني.
كان الأب موسى من أوائل معارضي الانتداب البريطاني، ودعا
إلى الاحتجاج والتظاهر ضد وعد بلفور، فتولى قيادة أول مظاهرة شعبية في تاريخ
فلسطين عام 1920م، وبسبب ذلك عزلته سلطات الانتداب البريطاني عن رئاسة بلدية
القدس.
تعرض موسى الحسيني لضرب عنيف على أيدي الجنود
البريطانيين في مظاهرة يافا الكبرى في 27 أكتوبر 1933، ظل بعدها طريح الفراش حتى
فارق الحياة سنة 1934م.
لكن عودة عبد القادر الحسيني إلى القدس، شكلت بداية
رحلة جهادية طويلة منذ عام 1935 وحتى استشهاده عام 1948 في معركة القسطل.
معركة القسطل والشهادة
ورغم محاولات الإدارة البريطانية لضم عبد القادر
الحسيني تحت جناحها، عبر توليه عددا من المناصب الرفيعة، إلا أن إيمانه بالجهاد
المسلح من أجل الحرية والاستقلال، كان أقوى من جميع إغراءاتهم وخططهم الدنيئة.
وتمسك الحسيني بالمقاومة المسلحة بعد رحيل الشيخ
السوري عز الدين القسام شهيدا مدافعا عن حرية فلسطين، وراح منذ عام 1936 يعمل على
تدريب شبان فلسطينيين، لينظموا وحدات مسلحة تدافع عن حقها وأرضها، إذا ما تعرضتا
للهجوم من غزاة طغاة.
ضرب عبد القادر الحسيني خلال معركة القسطل غير
المتكافئة مثلا رائعا في التضحية والحماسة والاندفاع، وسارع إلى العودة للقدس
فور علمه بالمعركة التي بدأت بشائرها وهو خارج المدينة، وحمل معه ما توفر من ذخيرة
محدودة.
اقتحم الحسيني قرية القسطل برفقة عدد من المقاومين، وبعد
تطويق الاحتلال لهم هبّت نجدات كبيرة لإنقاذهم، وكان من بينها حراس المسجد الأقصى،
وتمكن المقاومون من الهجوم على جنود الاحتلال وطردهم من القرية.
استشهد عبد القادر صبيحة الثامن من نيسان/ إبريل عام 1948،
حيث وجدت جثته قرب بيت من بيوت القرية، فنقل في اليوم التالي إلى القدس، ودفن بجانب
ضريح والده في باب الحديد، وقد استشهد وهو في الأربعين من عمره، أي في أوج عطائه
الجهادي.
تفاصيل اشتباك السنوار
وبالعودة إلى بطولة السنوار، بثت قنوات تلفزة عبرية أمس،
تسجيل فيديو للمعركة التي دارت بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وقوة تابعة
للاحتلال، قبيل استشهاده في أحد المنازل في منطقة تل السلطان في رفح.
ويظهر السنوار وهو يقاتل طائرة "كواد
كابتر" أطلقتها قوات الاحتلال داخل المنزل الذي تحصن فيه، حيث ألقى صوبها عصا
كانت بيده اليسرى، فيما كانت يده اليمنى مصابة وتنزف.
وفي تفاصيل جديدة حول الاشتباك بين قوات الاحتلال
والسنوار وعدد من المقاتلين معه، قالت القناة 13 العبرية؛ إن جنديا في الكتيبة 450
رصد شخصا يخرج ويدخل إلى أحد المباني في تل السلطان برفح الساعة العاشرة الأربعاء، وعند الساعة الثالثة عصرا تحركت قوة تدريجيا نحو الهدف.
قالت القناة؛ إن قوة تابعة للجيش رصدت ثلاثة أشخاص
في المنطقة يستخدمون طائرة بدون طيار، تدخل وتخرج من المنازل في منطقة الاشتباك، في
محاولة على ما يبدو لتأمين المنطقة.
في هذه الأثناء، أطلقت قوات الاحتلال النار صوب
السنوار ورفاقه، الذين تفرقوا بدورهم في المنطقة، حيث دخل السنوار إلى مبنى وصعد
إلى الدور الثاني، وحينها أطلقت قوات الاحتلال النار من دبابة صوب المكان.
وحين دخل قائد الفصيل من الكتيبة 450 إلى المنطقة
لمسح المبنى الذي يوجد فيه السنوار، ألقى السنوار ورفاقه قنبلتين يدويتين عليه
وعلى مقاتليه، ليقوموا بعد ذلك بالهرب من المكان.
لاحقا، أحضرت القوة طائرة بدون طيار أخرى، وشاهدت
شخصا (تبين لاحقا أنه السنوار) مصابا في يده وملثما. كان السنوار جالسا في
الغرفة، وحاول إلقاء عصا خشبية على الطائرة الإسرائيلية بدون طيار. وبعد ذلك أطلقت
القوة قذيفة دبابة أخرى.
وفي اليوم الثاني الخميس، دخلت قوة من جيش
الاحتلال للمسح كانت هذا الصباح فقط، وعندما دخلوا ورأوا جثث المقاتلين، تبين أن
إحداها واحدة لشخص يشبه يحيى السنوار، ولاحقا أُعلن أنه هو.