أثارت قضية
"
فضيحة التونة" التي هزت الاقتصاد
الموزمبيقي اهتمام وسائل الإعلام
العالمية وعادت إلى الساحة من جديد بعد أن أعادت بعض التقارير والتحقيقات تسليط
الضوء على تفاصيل الحكم الصادر ضد شركات تابعة للإمارات متورطة في الفضيحة.
وأصدرت محكمة
لندن مؤخرا حكما في قضية "فضيحة التونة" لصالح حكومة موزمبيق يقضي بإلزام شركة
"بريفينفست" بدفع تعويضات تصل إلى 825 مليون دولار لموزمبيق، كما يتعين
على الشركة دفع تعويضات إضافية فيما يتعلق بالديون التي تقدر بحوالي 1.5 مليار
دولار، والتي كانت قد تراكمت بسبب عمليات الفساد والتلاعب المالية في المشاريع
البحرية.
وكانت القضية قد
نشأت نتيجة لفضيحة فساد مالي تورطت فيها مجموعة من الشركات الدولية، وأثرت بشكل
بالغ على الاقتصاد الوطني لموزمبيق.
وتم الكشف عن سلسلة من
الصفقات المشبوهة التي أُنفقت خلالها مئات الملايين من الدولارات في مشاريع غير
قانونية، فما هي القصة وما دور
الإمارات في هذا الانهيار؟
اكتُشفت الفضيحة
الاقتصادية الكبرى التي هزت دولة موزمبيق في عام 2016، حين ظهر حجم الفساد الذي
تورطت فيه الحكومة الموزمبيقية من خلال "
قروض سرية" لتطوير مشاريع بحرية
طموحة، عرفت بعدها القضية إعلاميًا بـ "فضيحة سندات التونة".
وارتبطت القضية بقروض
بقيمة ملياري دولار تم الحصول عليها من قبل الحكومة، بهدف تطوير أسطول صيد التونة
وتعزيز القطاع البحري في البلاد، لكن هذه القروض، التي كانت بضمان الدولة، سرعان
ما تبين أنها كانت محط تلاعبات مالية ضخمة وعمليات فساد.
القصة الكاملة
للقروض السرية
بدأت الحكاية في
عام 2013، عندما تأسست ثلاث شركات حكومية في موزمبيق بهدف تطوير أسطول لصيد التونة
وتعزيز الأمن البحري، تم توقيع عقود مع شركات دولية لتمويل بناء أسطول صيد تونة
وزوارق بحرية، إضافة إلى معدات بحرية.
تم الحصول على القروض من قبل بنوك دولية،
أبرزها بنك "كريدي سويس" وبنك "دويتشه"، وشركة استشارية تدعى
"بريفينفست" التي كان لها دور كبير في إدارة الأموال، وتركزت هذه
الأموال على مشاريع يُفترض أن تعزز القطاع البحري، بما في ذلك صيد الأسماك.
لكن بعد فترة
قصيرة، بدأت تظهر شواهد على تلاعبات مالية ضخمة، حيث تم تضخيم الأسعار بشكل كبير،
وظهر أن جزءًا كبيرًا من الأموال المخصصة لهذه المشاريع تم تحويلها إلى حسابات
خارجية، بما في ذلك دفع رشاوى لمسؤولين حكوميين، وفق التحقيقات، تم توجيه ما لا
يقل عن 500 مليون دولار إلى رشاوى وعمولات للمسؤولين، بدلاً من استثمارها في
المشاريع المتفق عليها.
الاقتصاد
الموزمبيقي ينهار
بدأ
الفساد المالي يظهر على السطح في عام 2016، وانتشرت فضيحة سندات التونة بسرعة في وسائل الإعلام العالمية، مما ألحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الموزمبيقي.
وتبين أن
الحكومة الموزمبيقية قد حصلت على قروض سريّة بقيمة ملياري دولار من مؤسسات مالية
دولية، كانت مغطاة بضمانات الدولة، وهذه القروض أدت إلى تحميل الحكومة ديونًا ضخمة
دون وجود مشاريع حقيقية على الأرض، مما أسهم في انهيار الثقة في الاقتصاد الموزمبيقي.
وبسبب تعثر
الحكومة في سداد ديونها، توقفت العديد من المشاريع التنموية في البلاد، كما تم
تعليق المساعدات المالية الدولية من قبل المنظمات مثل صندوق النقد الدولي، ما أدى
إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد.
القبض على
المسؤولين والمتهمين
في خضم
التحقيقات، تم القبض على عدد من الشخصيات البارزة المتورطة في الفضيحة، من أبرز
هؤلاء:
مانويل تشانغ،
وزير المالية السابق في موزمبيق، الذي اعتُقل في جنوب أفريقيا في كانون الأول/ ديسمبر 2018
بناءً على طلب الولايات المتحدة بتهمة الفساد وتسهيل القروض غير القانونية، وكان
يُعتبر أحد الأشخاص الرئيسيين في التلاعب بالقروض.
وبين المتورطين، مسؤولون كبار في
بنك "كريدي سويس"، الذين تم اتهامهم بالمساعدة في تنظيم هذه القروض
المشبوهة، بالإضافة إلى تسهيل تحويل الأموال إلى حسابات خارجية.
تم أيضًا فتح تحقيقات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث تم اعتقال بعض الأشخاص الذين
كانوا ضمن دائرة الشركات المعنية بالقضية، وركزت التحقيقات الدولية على دور هذه
الشخصيات في تمويل هذه المشاريع الفاسدة وكيفية إدارتها على المستوى الدولي.
وارتبطت أيضا القضية باسم رئيس جمهورية موزمبيق
فيليبي نيوسي وهو وزير الدفاع السابق، حيث تم ربطه بالقضية في سياق التحقيقات التي تناولت فساد القروض السرية.
التداعيات
الدولية والأزمة المالية
وخلفت الفضيحة أزمة
كبيرة على المستوى الدولي، بين الحكومة الموزمبيقية والمؤسسات المالية العالمية، فقد
علّقت العديد من الدول والمنظمات الدولية مساعداتها لموزمبيق، وأغلقت أبواب الدعم
الاقتصادي أمامها.
من جانبها، تسعى
الحكومة الموزمبيقية حاليًا إلى استرداد الأموال المسروقة وتقديم المسؤولين إلى
العدالة، لكنها تجد صعوبة في مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي
خلفتها الفضيحة.
لقد أدت هذه
الفضيحة إلى انهيار في الاقتصاد الموزمبيقي، خاصة أن البلاد كانت
تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية والتمويل الدولي في عملية التنمية.
ونتيجة
لذلك، تضررت الصناعات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، مما
زاد من صعوبة الوضع الاقتصادي.
التداعيات الاقتصادية
والاجتماعية
تسببت الفضيحة في
هشاشة الاقتصاد الموزمبيقي الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، ومع
انهيار العملة المحلية وارتفاع التضخم، واجهت البلاد عجزًا كبيرًا في سداد ديونها،
مما أدى إلى توقف الخدمات العامة الأساسية وتفاقم معدلات الفقر، والمؤسسات الدولية
مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي علّقت برامج الدعم، ما عمّق الأزمة وأفقد
المستثمرين الدوليين الثقة في النظام المالي للبلاد.
أحكام وتعويضات
في تطور كبير
بشأن فضيحة قروض التونة في موزمبيق، أُصدر حكم جديد من
محكمة لندن التجارية، ضد شركة بريفينفست (Privinvest) بوجوب دفع تعويضات تصل إلى 825 مليون
دولار لموزمبيق، بالإضافة إلى تعويضات تتعلق بالديون التي تراكمت على البلاد بسبب
هذه الفضائح، والتي تقدر بحوالي 1.5 مليار دولار.
ووجهت المحكمة
البريطانية في حكمها انتقادات حادة لشركة بريفينفست، مؤكدة أنها قامت بدفع رشاوى
إلى مسؤولين حكوميين في موزمبيق، من بينهم وزير المالية السابق، من أجل إتمام هذه
الصفقات المشبوهة، ما أدى إلى إضرار كبير في الاقتصاد الموزمبيقي.
وكانت محكمة في
لندن قد أصدرت حكما سابقا ضد شركة "فيرتاس كابيتال" بعدما ثبت تورطها في
التلاعب بالتمويلات التي كانت تُمنح لمشاريع بحرية في موزمبيق، حيث ساعدت الشركة في
ترتيب قروض ضخمة، والتي تبين لاحقًا أنها جزء من عملية احتيال واسعة، إذ تم تحويل
بعض من الأموال إلى حسابات شخصية وأغراض غير مشروعة، مما ألحق ضررًا بالغًا
بالاقتصاد الموزمبيقي.
وفي 2020، أصدرت
محكمة لندن التجارية حكمًا ضد شركة "بريفينفست"، حيث قضت بأن الشركة يجب
أن تدفع تعويضًا لموزمبيق بسبب تورطها في الفساد المالي والإداري في قضية
"فضيحة التونة".
هذا الحكم جاء
بعد سلسلة من التحقيقات التي كشفت عن التلاعب في القروض والمشاريع المرتبطة بصيد
التونة، التي كلفت الحكومة الموزمبيقية ديونًا ضخمة وأثرت على الاقتصاد الوطني
بشكل كبير.