اعتبرت صحيفة "
التايمز" البريطانية أن سيطرة فصائل المعارضة السورية على مدينة
حلب ثاني أكبر المدن في سوريا يقرب الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان من "تحقيق حلم دمشق".
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن "منظر العلم التركي وهو يرفرف فوق قلعة حلب التاريخية هو آخر ما كان يخشاه الرئيس السوري بشار
الأسد. ويعتقد الكثيرون أن الرئيس أردوغان كان منذ فترة طويلة يحلم بهذا المنظر، حيث رفع العلم يوم الإثنين بعد أيام من اقتحام المسلحين المدينة".
وأضافت أنه "لا أحد يعرف السبب، لكن بالنسبة للعديد من المراقبين، فهذه علامة أخرى على أن أنقرة، على الرغم من إنكارها، تلعب دورا بارزا في أحدث تطور في الحرب الأهلية السورية، التي تراجعت في السنوات الأخيرة، إلى آخر اهتمامات الغرب وتجاوزتها صراعات أكثر إلحاحا في أوروبا الشرقية وإسرائيل".
إلا أن سوريا لم تختف عن أجندة السياسة، وفقا للصحيفة، فقد أعادت الحرب في جوارها الطبيعي تشكيل البلاد بشكل أساسي، سواء من الناحية السياسية أو الديموغرافية. وهناك أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري في
تركيا، حسب الأرقام الرسمية.
وأشار التقرير إلى أن اللاجئين السوريين في تركيا تحولوا إلى "صداع للزعيم التركي أردوغان وكذا زيادة التأثير الكردي في سوريا، وهو تطور اندلع على الحدود التركية في عام 2015، عندما عاد حزب العمال الكردستاني، بي بي كي إلى التمرد على التراب التركي من جديد".
ولفت إلى أنه "من هنا بات هدف أردوغان، هو إعادة اللاجئين السوريين ومنع تقدم الأكراد قريبا من حدوده. ولتحقيق هذا قضى الرئيس التركي الأشهر الماضية في محاولة لإصلاح العلاقات مع النظام السوري وعرضه للقاء الأسد والتوصل لصفقة استئناف العلاقات مع دمشق. وقد تجاهل الأسد هذه العروض أكثر من مرة، وأكد على ضرورة سحب القوات التركية من الأراضي السورية".
وبحسب الصحيفة، فإن لدى الأسد مخاوفه من محاولة أنقرة تنصيب نظام جديد في دمشق يسمح له بتوسيع نفوذه في العالم العربي. فعندما اندلعت الاحتجاجات ضد الأسد لأول مرة في عام 2011، سعى أردوغان، الذي كانت تربطه صداقة شخصية مع الرئيس السوري للتدخل. وسافرت وفود بمن فيها أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء آنذاك من أنقرة إلى دمشق، على أمل إقناع الأسد بتعديل موقفه من الاحتجاجات.
لكن العلاقات انهارت بشكل سريع، وسط رفض الأسد الاستجابة وتقديم تنازلات لما اعتقد أنهم الإخوان المسلمون، القريبون من أردوغان وأوغلو. وانقطعت العلاقات سريعا في آذار /مارس 2012.
وأوضحت الصحيفة أن الجناح السياسي للمعارضة اتخذ من إسطنبول مقرا له، في حين تلقت الجماعات المتمردة الأسلحة والتمويل عبر تركيا. وفي السنوات الأولى للحرب، جاء الدعم للمعارضة أيضا من دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.
وقالت إنه "مع صعود الجماعات المتطرفة إلى الواجهة، تراجع معظمها، ولم يتبق سوى تركيا وقطر كدولتين داعمتين للمعارضة. وهناك الآن مجموعتان متمردتان رئيسيتان في شمال غرب سوريا. إحداهما هي هيئة تحرير الشام، خليفة القاعدة، التي تقاتل ضد قوات الأسد. والثانية هي الجيش الوطني السوري، وهو تحالف من الجماعات المعارضة المدعومة مباشرة من تركيا، والتي تركز بشكل أساسي على صد الميليشيات الكردية التي تسيطر على المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، بما في ذلك المناطق الواقعة على طول الحدود التركية".
وساعد وقف إطلاق النار تم التوصل إليه مع روسيا، الراعية لنظام الأسد، على الحفاظ على خط المواجهة بين الطرفين حتى نهاية الأسبوع الماضي. ولعبت تركيا كضامن للمعارضة المسلحة بقوات عسكرية متمركزة في منطقة شمال- غرب سوريا وكموفر للخدمات الاجتماعية، بما في ذلك خدمات التعليم والبريد.
ونفت أنقرة حتى الآن أن يكون لها دور في عملية المعارضة المسلحة الأخيرة، لكنها "انتهزت الفرصة لزيادة هجماتها ضد المعارضة الكردية، وهناك إشارات إلى أنها تحاول موضعة نفسها للعب دور مهم في مستقبل سوريا"، حسب التقرير.
والثلاثاء، دعا السياسي القومي التركي دولت بهتشلي والحليف لأردوغان، نظام الأسد للتحاور مع تركيا، مضيفا أن "تركيا لا نوايا لها في أراضي البلد". لكنه أكد أن "حلب هي تركية ومسلمة حتى النخاع".
وترى الصحيفة أن أحداث الأسبوع الماضي قد تجبر الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، لكنها لن تخفف من مخاوفه بشأن طموحات تركيا في سوريا.