عبّر أفراد من أسر
الفتيات المعتقلات اللواتي حكم عليهن الأربعاء في الإسكندرية بالسجن لفترات طويلة؛ عبروا عن تشكيكهم في التهم الموجهة إلى الفتيات الرافضات للانقلاب، ووصفوا التهم بأنها "سياسية"، في حين قارن والد إحدى المحكوم عليهن الأحكام الصادرة بحق الفتيات بأحكام البراءة التي حصل عليها عناصر الأمن المتهمون بتعذيب وقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير.
وكانت محكمة جنح "سيدي جابر" في الإسكندرية قد قضت بحبس 14 فتاة من الرافضات للانقلاب في
مصر؛ لمدة 11 عاماً وشهر واحد، بتهم التجمهر واستخدام القوة والانضمام إلى جماعة مخالفة لأحكام القانون والترويج بالقول والكتابة لفكر الجماعة وحيازة منشورات وتوزيعها وإتلاف مدخل أحد العقارات والإرهاب. كما قررت المحكمة أيضاً إيداع سبع فتيات دور الرعاية الاجتماعية، لكونهن تحت السن القانونية (أعمارهن أقل من 18 عاماً).
والمعتقلات ينتمين لحركة "7 الصبح" المناهضة للانقلاب. وتم اعتقالهن على خلفية تظاهرة في منطقة رشدي في الإسكندرية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر للتعبير عن رفضهن للانقلاب العسكري في البلاد.
والد الفتاة إسراء شعبان يستنكر الأحكام
وقال جمال شعبان، والد المعتقلة إسراء لـ"عربي21" إن ابنته لم تكن بين المتظاهرات، وإنما كانت في طريقها إلى الجامعة عندما مرت بجانب التجمع، قبل أن يتم القبض عليها مع المتظاهرات.
وإسراء طالبة في كلية الفنون الجميلة في جامعة
الاسكندرية، وعمرها 19 عاماً، بحسب والدها.
ووجهت إلى الفتيات المعتقلات، وبينهن من تقل أعمارهن عن 18 عاماً، تهم رفع شعار رابعة وتعطيل الطريق والبطلجة. وقال جمال شعبان: "اتهمن بالجري وراء رجال الأمن بالسلاح الأبيض"، مؤكداً أن "النيابة لم تقدم أي دليل أو حرز (أدوات الجريمة)".
ووصف شعبان التهم بأنها "سياسية" ودون دليل، مستذكراً في الوقت ذاته أن عناصر الشرطة المتهمين بقتل متظاهري ثورة يناير أو تعذيبهم أطلق سراحهم وأسقطت التهم بحقهم بحجة عدم توفر الأدلة.
والخميس، برأ القضاء المصري ثلاثة ضباط في جهاز أمن الدولة متهمين بتعذيب سجناء إسلاميين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وفي حزيران/ يونيو الماضي، برأت محكمة في الإسكندرية ضابطاً في الجهاز ذاته من تهمة تعذيب متهم في تفجير كنيسة؛ حتى الموت. وإلى الآن، لم يصدر أي حكم بإدانة عناصر الأمن والمسؤولين المصريين المتهمين بقتل المتظاهرين خلال ثورة يناير.
وروى والد إسراء مشاهداته في يوم محاكمة الفتيات الأربعاء. وقال لـ"عربي21": "عندما جئنا صباحاً إلى مقر المحكمة رأينا جحافل من الأمن المدججين بالسلاح.. أعداد غير مسبوقة. فقلت هذا لا يبشر بالخير".
وأضاف جمال شعبان: "منعنا والأهالي من دخول المحكمة حتى صلاة الظهر.. لكنني دخلت خلال استراحة القاضي ورأيت ابنتي، في حين أن زوجتي لم تستطع الدخول". وتابع: "رأيت الكلبشات (القيود) في أيدي البنات".
وأشار شعبان إلى أنه "كانت هناك مرافعات. ثم قال القاضي: رفعت الجلسة.. وبمجرد رفع الجلسة تم أخذ البنات في سيارة الترحيلات لإعادتهن إلى السجن، فيما بقينا نحن ننتظر حتى الساعة الرابعة حينما تم طرد الأهالي ثم تم النطق بالحكم بعد مغادرتنا". وقال شعبان: "لم نعرف بالحكم.. وحتى البنات لم يعرفن بالحكم لأنهن لمن يكنّ موجودات.. فوجئنا بالحكم الساعة الخامسة وسمعنا به عبر قناة الجزيرة".
وكانت المحكمة قد قررت إخلاء القاعة من غير المحامين، بدعوى أن الجلسة سرية، وسمحت لعشرة محامين فقط بالدخول إلى القاعة أثناء الجلسة.
وانتقد شعبان هذه الأحكام ووصف ما جرى بأنه "ظلم وطغيان". وقال مستنكراً: "بنات جامعيات يتم اعتقالهن ومحاكمتهن والقضاء على مستقبلهن!".
وعن معاناة ابنته في السجن، أوضح شعبان أن ابنته والأخريات مسجونات في سجن الأبعدية في دمنهور (محافظة البحيرة) مع السجينات الجنائيات من المتهمات في قضايا مثل المخدرات والسرقة.
وحول الحالة النفسية قبل الحكم (باعتبارهن لم يحضرن النطق بالحكم) أوضح شعبان أن "الفتيات كن بحالة نفسية جيدة لأنهن كن يتوقعن البراءة"، مشيراً إلى أنه سيتم استئناف الحكم.
شقيق الفتاة علا علاء الدين: البنات أصبحن أكثر ثباتا بعد النطق بالحكم
من جهته، تساءل عادل علاء الدين، شقيق المعتقلة علا، عن مغزى حضور حضور نائب وزير الداخلية جلسة المحكمة، إضافة إلى نقل الفتيات إلى مديرية الأمن في الإسكندرية قبل إصدار الأحكام. وقال إنه "أمر يدعو للشك".
وذكر عادل أن شقيقته علا طالبة في كلية العلوم في جامعة عين شمس، وعمرها 18 عاماً. وقال عادل لـ"عربي21" إن شقيقته ناشطة في حركة "7 الصبح"، وشاركت في المظاهرة السلمية في الاسكندرية، حيث رفعت شعار رابعة بأصابعها، قبل أن ينزل الأمن ويبدأ الهجوم عليهن، بحسب شقيقها.
ولفت شقيق المعتقلة علا إلى أن الشرطة كانت قد اعتقلت شاباً قام بتصوير المظاهرة السلمية للفتيات، ثم أجبرته على مسح الصور الموجودة على كاميراته قبل إطلاق سراحه مباشرة، متسائلاً عن الهدف من ذلك إذا كانت الشرطة تريد دليلاً عل التهم الموجهة للفتيات، ومنها ضرب الشرطة بـ"البوكس". وتابع عادل علاء الدين مستغرباً: "شيء غريب بالفعل.. فتيات لم يتجاوزن 18 أو 19 عاماً من العمر يمكن أن يضربوا ضابطا؟".
وتحدث عادل عن الحالة النفسية للفتيات وقت المحاكمة، وقال: "كنّ ثابتات وصامدات"، وقال: "انشغلن طوال وقت الجلسة بالتسبيح وذكر الله"، موضحاً أنهن بعدما علمن الخميس بالأحكام بدَينَ أكثر ثباتاً، حسب وصفه.
وقال إن بعض عائلات المعتقلات سُمح لهم بالدخول إلى قاعة المحكمة ومقابلة بناتها، لكن آخرين لم يُسمح لهم.
وأكد عادل أن شقيقته "لم تتعرض لأي أذى نفسي أو جسدي" في السجن، لكنه استغرب هذه الأحكام، موضحاً أن التهم الموجهة إلى الفتيات تندرج في إطار الجنح وأن الأحكام الصادرة لا تتناسب مع هذه النوع من التهم، حسب تقديره.