قال وزير سابق في حكومة ديفيد كاميرون إن البرلمان البريطاني وضع نفسه وسط مأزق دستوري عندما طلب من الحكومة دعم العمل العسكري ضد نظام بشار
الأسد، بعد استخدام الأخير للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في الغوطة الشرقية في 21 آب/أغسطس الماضي.
وفي أول تصريح لأليستر بيرت الذي كان يدير الملف السوري منذ بداية الانتفاضة السورية عام 2011 نقلته عنه صحيفة "الغارديان"، قال إن
بريطانيا وضعت نفسها وسط "أزمة دستورية" تتعلق بدور مجلس العموم وحدود النواب في تشريع ضربات عسكرية للجيش ضد أي دولة.
وأضاف أن البرلمان رفض دعم الضربة ضد النظام السوري، لكنه دافع عن دعمه لحملات أخرى في جزر الفوكولاند وجبل طارق.
وأوضح أن رفض النواب دعم العمل العسكري ضد الأسد ترك
المعارضة السورية الرئيسية "مدمرة بشكل كامل".
وقال بيرت إن المعارضة شعرت بأن آخر آمالها قد تبدد "فقد استمعت للغرب وهو يتحدث عن الحرب والدعم، واستمعت للأمريكيين يتحدثون عن تسليح مقاتليها بطريقة أو بأخرى، واستمعت لنا أننا ندعمها 100%، وبعد ذلك جاء برلماننا وقال: لن نمنحكم شيئا".
وقال بيرت إن الفشل في التصويت أدى إلى تقوية العناصر المتطرفة داخل المعارضة، والتي كان حجمها صغيرا، مضيفا "كان الجيش السوري الحر لا يزال يتحكم بالساحة، ولم يكن لديه السلاح والوسائل الكافية، وإن كنت تقاتل للإطاحة بالأسد وتحاول البقاء حيا ورؤية فجر جديد فأنت في حاجة إلى القتال مع أناس يمنحونك الفرصة الكبرى للحياة لا الشهادة".
ويرى بيرت أن هناك حاجة لتوضيح سلطة البرلمان في تشريع عمليات عسكرية. فقد ترك قرار البرلمان في 29 أب/أغسطس وزراء الحكومة في وضع غير مفهوم، وما إن كان يُسمح للحكومة بمشاركة الولايات المتحدة بالمعلومات الأمنية والدعم اللوجيستي.
وقال "هناك علامة استفهام حول ما يمكن للبرلمان المصادقة عليه لدعم عمل عسكري"، مضيفا "هناك جبل طارق والفوكلاند، أعتقد أن بوسعنا الإشارة إليهما، ولست متيقنا من أننا كنا قادرين على افتراض أكثر من ذلك، وأين يتركنا هذا في علاقتنا مع العالم، لقد وضعنا أنفسنا وسط فوضى دستورية".
وكان مالكوم ريفكيند الذي كان وزير خارجية في عهد حكومة المحافظين السابقة، والذي كان داعما للعملية العسكرية، وصف فشل البرلمان البريطاني بأنه قاد لتعزيز الدعوات للحل الدبلوماسي، معتبرا لأن تسلسل الحوادث، انتهى "نهاية سعيدة".
وأشار في هذا السياق إلى اتفاق الكيماوي مع نظام الأسد والنووي مع إيران، موضحا "فجأة اصبحت الدبلوماسية ذات سمعة جيدة، وجمع المجتمع الدولي شتات أوراقه وحاول التصدي لمشكلتين عالقتين في الشرق الأوسط".
وكان ريفكيند وبيرت يتحدثات إلى الصحيفة التي قامت بإعادة دراسة لقرار مجلس العموم في آب/ أغسطس. واعتبر القرار انتصارا لقدرة البرلمان.
وبعد التصويت قام كاميرون بالتأكيد أمام النواب أنه لن يشارك في أية عملية عسكرية حيث قال "أؤمن بقوة بالحاجة إلى رد صارم على استخدام الأسلحة الكيماوية، لكنني في الوقت نفسه أؤمن بأهمية احترام إرادة مجلس العموم، البرلمان البريطاني".
وقد أدى رد الفعل البريطاني إلى تشكيل طبيعة المواقف في العواصم الأخرى، فقد كان ورقة الخروج من المأزق الذي وضع أوباما فيه نفسه. وتظهر اللقاءات التي أجرتها الصحيفة عددا من النقاط منها أن قرار أوباما أدى لحالة حنق داخل الحكومة البريطانية التي سعى رئيس وزرائها لإقناع باراك أوباما بالتصدي للأسد وتوجيه ضربة له.
ويرى المسؤولون في السياسة الخارجية البريطانية أن هناك مخاطر من انتصار الأسد، وأن الفشل في إرسال رسائل واضحة له تعني أن الوقت فات لإنقاذ المعارضة السورية. وكشف التقرير عن تفاهمات بين حزب المحافظين والعمال حول التصويت.
فيما حدث خلاف بين ميليباند ووزير الظل جيم ميرفي حول التصويت، عندما أخبره ميليباند بقرار الحزب التصويت ضد مشروع الحكومة حتى في حال موافقة كاميرون على تأجيل التصويت لوقت آخر. وبعد التصويت تم عزل ميرفي من منصبه كعقاب له.
وفي الوقت الذي يرى وزير خارجية الظل، دوغلاس ألكسندر أن الاحداث أثبتت صحة موقف العمال، إلا أن بيرت عبر عن غضبه مشيرا للمأزق الدستوري، وقال "على الحكومة اتخاذ قراراتها التنفيذية فيما يتعلق بالأعمال الخارجية، وعليها إخبار البرلمان، فإن لم يوافق فسيكون هناك تصويت ثقة على الموضوع "لا أعتقد أن بمقدورنا التعامل مع القضايا الدولية من خلال محاولة إقناع 326 نائبا (أي الغالبية) في كل مرة نريد فيها اتخاذ قرار صعب".