عبّر باحثون في علم السياسة والعلاقات الدولية عن اعتقادهم بأن اليد الطولى للسعودية لن تمتد للإسلاميين بالمغرب، خاصة منهم حزب
العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية والذي يقود التجربة الحكومية بالمغرب منذ كانون الأول/ ديسمبر 2011 ضمن سياق الانتخابات التي جرت عقب انتفاضات الربيع العربي.
ويقول المحللون الذين تحدثوا لـ"عربي21" إن تحالف الانقلابيين في مصر مع النظام السعودي للوقوف ضد تجارب الانتقال الديقراطي التي يقودها الإسلاميون لن تتوقف عن مناوراتها تجاه مختلف التجارب، مما يجعل احتمال استهداف التجربة
المغربية واردا وإن كان شديد الضعف.
وعزا المحللون استبعادهم لنيل النظام السعودي من تجربة العدالة والتنمية بالمغرب كما حصل مع الإخوان المسلمين بكل من مصر والسعودية وموريتانيا؛ لاختلاف السياقات والتجارب ورهانات الأنظمة السياسية في كل بلد على حدى.
وفي هذا الصدد، استبعد المعطي منجيب، أستاذ التاريخ السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن يكون للنظام السعودي أي تأثير على تجربة العدالة والتنمية بالمغرب، معتبرا أن السبب يعود لاختلاف النظام السياسي بالمغرب عن نظيره بالسعودية، وقال إن النظام السعودي منغلق على نفسه.
وأضاف المحلل السياسي ورئيس مركز ابن رشد للدراسات والأبحاث، أن
السعودية تنظر للإخوان المسلمين بكونهم المعارضة الرئيسية بمختلف دول الخليج وأنها تشكل خطرا ديمقراطيا عليها، ولذلك فهي تعمل للتضييق على الإخوان المسلمين خوفا من المد الديمقراطي الذي يتهددها. وأشار بهذا الصدد إلى أن دولا عدة رفضت الاستجابة لدعوة السعودية باستثناء مصر التي دخلت في جحيم الانقلاب والتقتيل.
ولم يذهب بعيدا خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول، الذي استبعد قبول المغرب لإملاءات من السعودية في صلة بالتضييق على
الإسلاميين، واستغرب في حديثه لـ"عربي21" للهجوم السعودي على الإسلاميين، مؤكدا أن ميزان الأولويات السعودية يعرف اختلالا كبيرا على مستوى الاختيارات الاستراتيجيات.
وتابع المحلل السياسي والمسؤول بمركز الدرسات والبحوث الاجتماعية والإنسانية؛ أن العقيدة السياسية الجديدة للسعودية غاية في الغرابة، وإلا فإن المهدد الأول والمباشر لأمنها القومي هو إيران وحزب الله، مضيفا أن تدخل نظام السعودية في الشأن المغربي لن يحدث بشكل فج حتى مع افتراض احتماله، ولفت إلى أن المغرب ليس هو مصر وأن حجم الجالية المصرية بالسعودية مثلا ليس كالمغرب، وأن المغرب يقوم على النظام الملكي والروابط التاريخية والسعودية لن تضحي بكل هذا.
واعتبر صاحب أطروحة "المغرب والعلاقات التجارة بين العوامل الجيو ستراتيجية وإكراهات التنمية" اعتبر أن المس بالإسلاميين بالمغرب قد يمس باستقرار المغرب ونظامه، وأن هناك توافقا كبيرا بين الإسلاميين والقصر، وأن إسلاميي المغرب لا يهددون السعودية، وأن العلاقات بين البلدين قائمة على احترام الاختيارات والشؤون الداخلية، غير أنه لم يستبعد أن يكون إضعاف العدالة والتنمية أحد رغبات السعودية.
وأشار الشيات إلى عدد من الفوارق التنظيمية بين العدالة والتنمية والإخوان المسلمين، معتبرا أن العدالة والتنمية المغربي لا يصنف في دائرة الإخوان ولا ينهل من فكرها العالمي، وهذا محدد في عدم تأثر الحزب بالسلوك السعودي.
خالد الرحموني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، استبعد بدوره أي تأثير للتحركات السعودية على تجربة الحزب بالمغرب، مرجعا ذلك إلى الاختلاف الحاصل في السياقات والتجارب ورهانات الأنظمة السياسية وصناع القرار في كل بلد على حدة.
وأضاف الرحموني الباحث في العلوم السياسية، أن مشرق العالم العربي ليس كغربه سواء على مستوى إدماج الإسلاميين أو إبعادهم، مشيرا في هذا الصدد إلى أن جهود السعودية والانقلاب في مصر من أجل افتكاك قرار من جامعة الدول العربية وإلى صعوبة واستحالة انتزاع موقف معاد للإخوان المسلمين بكل من الأردن ولبنان والبحرين لكون الإخوان المسلمين مكون جوهري في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تلك البلدان وغيرها.
ضمن هذا الإطار، قال عضو المجلس الوطني للحزب الذي يقود الحكومة بالمغرب إن ما يحدث اليوم لا يخرج عن سياق استهداف إسرائيل والقوى الكبرى لفلسطين، وأنهم يعمدون إلى إيهام دول معينة وإلهاؤها في معارك داخلية بما يحيدها من الصراع حول فلسطين كقضية مركزية للعرب والمسلمين.
واعتبر صاحب أطروحة "الإدماج السياسي للنخب دراسة حالة في علم الاجتماع السياسي"، أن الإشكال غير مرتبط بارتباط الحركة الإسلامية بالمغرب بالإخوان المسلمين من عدمه، وإنما برهانات الأنظمة السياسية، مشيرا إلى أن المغرب يرفع اليوم رهان الإصلاح في ظل الاستقرار، وأن المغرب يقوم بتكيف مرن مع التحولات الإقليمية والدولية، كما أنه يتبنى الإدماج وليس الإبعاد.
وذكر الرحموني في موضوع صلة حزبه ذي المرجعية الإسلامية بالإخوان المسلمين أن الإسلاميين بالمغرب منذ التأسيس لم يرتبطوا بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بشكل مباشر وأن وهذا الأمر لا يعني غياب التواصل والعلاقات معهم.