أصبحت حياة عشرات الآلاف من السكان المحليين شمال شرق العاصمة
اليمنية صنعاء مهددة بالخطر بعد أن تصاعدت حالات الإصابة في مناطق (أرحب، ونهم، وبني جرموز) جراء انفجار بعض
الألغام التي زرعت في 2011، من قبل قوات من الجيش اليمني.
ويصل عدد الألغام والقذائف التي لم تنفجر في كل من مناطق (أرحب، ونهم، وبني جرموز) شمال شرق صنعاء -بحسب تقرير منظمة رقيب لحقوق الانسان- إلى 25 ألف لغم وقذيفة.
وتشير روايات حقوقية أن تلك المناطق أًصبحت متخمة بآلاف الألغام، التي تهدد حياة العشرات من المواطنين، وأضحت تشكل كابوسا يؤرق مضاجع سكان تلك المناطق التي يفوق عدد سكانها المائة ألف نسمة.
وقد شهد عام 2011 معارك عنيفة بين أبناء القبائل الموالية لثورة 11فبراير، و قوات الحرس الجمهوري سابقا، التي كان يرأسها حينها نجل الرئيس السابق الأكبر أحمد علي صالح، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الطرفين.
وبالرغم من توقف الحرب في مناطق (أرحب، ونهم، وبني جرموز) الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال شرق صنعاء، إلا أن أبناء تلك المناطق يدفعون فاتورة تلك الحرب المدمرة، بسبب الألغام وبقايا القذائف التي لم تنفجر بعد، وأصبح الموت والإعاقة يتربص بكل ما يدب على الأرض هناك سواء بشرا أو حيوانا.
ويقول رئيس منظمة رقيب لحقوق الإنسان عبد الله الشليف أن "هناك مأساة إنسانية قلما تجد مثلها في مناطق أخرى، والتي تضاف إلى رصيد الانتهاكات السابقة التي ارتكبتها قوات الحرس الجمهوري سابقا المتمركزة في (أرحب، ونهم، وبني جرموز) من قتل وتدمير لمنازل المواطنين، حيث أصبح البعض منهم يسكنون في الأماكن التي كانت مخصصة للحيوانات والمواشي التابعة لهم ".
وأضاف لـ "عربي 21" أن كثيرا من الأسر "فقدت عائلها في عملية القصف التي نفذتها المعسكرات التابعة لقوات الحرس الجمهوري سابقا -قوات الاحتياط حاليا- في 2011، لتنتهي بهم المأساة -حسب تعبيره- بموت، أو إعاقة أحد أفراد تلك الأسر بانفجار لغم أرضي، تم زراعته في الأراضي الزراعية التابعة لهم".
وتتنوع الألغام المزروعة في تلك المناطق -بحسب تقرير منظمة رقيب لحقوق الإنسان- بين ألغام "بي إم إن "، و"بي إم دي -6" المضادة للأفراد سوفيتية الصنع، بالإضافة إلى ألغام "غياتا-64" المضادة للأفراد مجرية الصنع.
وأوضح الشليف أن "عدد
الضحايا الذين سقطوا بانفجار للألغام المزروعة، بلغ 39ضحية، منهم ثمانية قتلى بينهم امرأة وطفل".
وحول معلومات المنظمة بشأن عدد الألغام المزروعة في كل من (أرحب، ونهم، وبني جرموز)، أكد الشليف أن "ما لديهم من معلومات هو تصريح لقائد " اللواء 36" المتمركز في منطقة "بني جرموز" أمام اللجنة العسكرية، التي وصلت المنطقة في فترة سابقة".
وأشار إلى أن "الحكومة اليمنية تنفي وجود ألغام، لأنها ملتزمة دوليا بإزالة الألغام، واعترافها يدخلها تحت طائلة المساءلة القانونية".
واليمن من الدول الموقعة على اتفاقية حظر الألغام الفردية.
وشدد رئيس منظمة رقيب لحقوق الإنسان على أن "المنظمة سترفع دعوى قضائية ضد المتسببين في زراعة الألغام في تلك المناطق، المطالبة بإحالتهم للمحاكمة، وتعويض ضحايا انفجارات الألغام ".
و بيّن أنهم "سيجتهدون في إيصال تقرير المنظمة إلى الجهات الدولية، منها مجلس حقوق الإنسان، ومجلس الأمن الدولي" وتابع: "سنقوم بحملة مناصرة كبيرة لأهالي تلك المناطق المتضررة من الألغام المزروعة".
ويروي الشاب ظافر محمد الربوعي ( 20سنة ) لـ "عربي 21" تفاصيل إصابته في انفجار لغم، حيث كان مع أحد أصدقائه الذي نجا من الانفجار في منطقة "بني جرموز" التي تبعد 20 كيلومترا عن العاصمة صنعاء.
وقال الربوعي إن "اللغم انفجر، ما أدى إلى إصابة قدمي اليسرى بإصابة بالغة، انتهت ببتر قدمي من أسفل الركبة".
ظافر الربوعي يمشي الآن برجل صناعية، بعد أن أجريت له عملية جراحية في العاصمة المصرية القاهرة.
ويشير ظافر إلى أنه "يعاني من ضعف في عملية التنفس، وآلام أخرى في الصدر كأعراض جانبية لإصابته بانفجار اللغم".
واتهم ظافر قوات الحرس الجمهوري سابقاً بزرع الألغام في منطقة بني جرموز التي قال بأنها "حصدت ولا تزال تحصد أرواح أهالي منطقة بني جرموز"، كانتقام منهم بسبب انضمامهم لثورة الشباب التي انتهت بالإطاحة بحكم الرئيس السابق علي صالح في 2011.
وناشد الربوعي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وكل المنظمات الحقوقية والإنسانية بالنظر إلى مأساة أهل المنطقة، والضغط باتجاه نزع تلك الألغام المزروعة، منعا من إزهاقها لأرواح جديدة من أبناء منطقته.
من جهتها أكدت ممثلة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في اليمن دينا المأمون أن "منظمة (UNDP) التابعة للأمم المتحدة يمكن أن تنسق مع المنظمات اليمنية لمناصرة هذه القضايا، حتى تقتنع الدولة أن هناك مشكلة في تلك المناطق".
وأضافت في حديث خاص لــ"عربي 21" أن "الحكومة اليمنية لاتزال غير مقتنعة بوجود مشكلة في تلك المناطق التي تضمنها تقرير منظمة رقيب لحقوق الإنسان".
وأوضحت أنهم "سيمدون يد العون والمساعدة في هذا المجال، من خلال التباحث مع جميع المنظمات المحلية عن الوسيلة المثلى لممارسة الضغط على الحكومة اليمنية بإزالة الألغام المزروعة في شمال العاصمة صنعاء".
وأشارت إلى أن "البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة سيقدم الخبرات الفنية التي من شأنها القيام بإزالة الألغام".
ولفتت دينا الى أن "هناك مشروعا مختصا في عملية تقديم العون لإزالة الألغام المزروعة"، مؤكدة بأنها "ستتحدث بهذا الشأن للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لوضع الخطوات اللازمة لنزع تلك الألغام".
ووفقا لدينا المأمون فإن "لديهم رغبة حقيقية لعمل ما يمكن عمله لنزع الألغام المزروعة في أرحب، وبني جرموز، ونهم شمال العاصمة صنعاء".
وبيّنت أن "البرنامج الإنمائي سيقدم الدعم للضحايا في تلك المناطق، ولكن بعد التأكد أولا من إزالة جميع الألغام المزروعة، حتى لا يكون هناك ضحايا آخرون".