تعيش
مصر في دوامة مثيرة للقلق منذ الإطاحة بنظام حسني مبارك في عام 2011، ومع ذلك فالحكم الذي أصدره قاض الإثنين على 529 من الإسلاميين لقتلهم ضابط شرطة واحدا هو مثال عن نظام قضائي مصري فاسد.
ومع كون الحكم قابلا للإلغاء إلا أنه رغم ذلك يمثل كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها تصعيدا مثيرا للسخط من الحكومة المدعومة من الجيش في قمعها الوحشي للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المؤيدية لمحمد مرسي.
وتؤكد الصحيفة أن الحكم لن يؤدي إلا لدفع أعضاء الجماعة للتشدد وسيؤدي بالتأكيد لتدهور الأوضاع في أهم بلدان العالم العربي.
وترى الصحيفة في الحكم عرضا مسرحيا لعملية سياسية مقررة سلفا، فالقاضي كان يقصد في حكمه لاستفزاز وإخافة أي شخص يتجرأ على تحدي العسكر أو دعم وإظهار التعاطف مع الإخوان المسلمين ومحمد مرسي الذي انتخب رئيسا عام 2012، وبعد ذلك أطاح به انقلاب عسكري في الصيف الماضي.
ويرى خبراء في القانون أن الحكم هو أكبر حكم جماعي يصدر في تاريخ مصر الحديث، وجاء بعد محاكمة استمرت ليومين، وهي ليست كافية لتقديم مرافعة ضد شخص واحد علاوة على 529 شخصا متهمين بقتل ضابط شرطة في التظاهرات التي أعقبت الإطاحة بمرسي.
وتضيف الصحيفة أن اتهام عدد كبير في مقتل رجل واحد مثير ومناف للعقل، كما أن تبرئة 16 شخصا من التهم الموجهة لا يعطي الإجراءات شرعية.
كما أن 123 من المتهمين الذين حولت أوراقهم على المفتي كانوا حاضرين في قاعة المحكمة، أما البقية فهم إما أفرج عنهم، أو خرجوا بكفالة أو هاربون.
ومع أنه من الصعوبة بمكان تحديد أسباب الحكم الصادر بهذه القسوة وضد عدد كبير، سواء كان مدفوعا بدافع العداء المستحكم ضد مرسي ومؤيديه أو أن الحكم صدر بأوامر من مسؤولين أمنيين، ولكنه على أي حال يعري النظام التمييزي الذي سارع لمعاقبة أتباع مرسي وتغاضى عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي ارتكبتها الحكومة التي يقودها العسكر والتي حلت محل مرسي.
وتذكر الصحيفة ببعض الانتهاكات وعلى رأسها إطلاق الرصاص على المتظاهرين ضد الانقلاب وقتل أكثر من ألف مصري وما تبع ذلك من اعتقال الآلاف.
وأدت هذه الأعمال لردة فعل من مؤيدي مرسي في كل أنحاء البلاد، وكان منها الاحتجاجات الغاضبة في المنيا العام الماضي، ومقتل رجل الشرطة الذي قاد للمحاكمة الجماعية.
وترى الصحيفة أن الحكومات وإن كان يقع عليها واجب حماية مواطنيها، إلا أن هذه المحاكمة تحمل كل ملامح "الثأر" وليس التحقيق والحكم القائم على فحص دقيق. وحتى لو تم إلغاء الأحكام كما يتوقع المحامون إلا أن العملية غير شرعية وستؤيد جهود الحكومة الواضحة لسحق الإخون المسلمين.
وتقول الصحيفة إن "أخطاء مرسي وطريقته الديكتاتورية وجهوده لاحتكار السلطة تبدو متواضعة مقارنة مع الوحشية الرسميه لمن جاؤوا بعده".
وتضيف الصحيفة أن الحكم يجب أن يثير المخاوف حول مصير المعتقلين بمن فيهم الصحافيون العاملون في قناة الجزيرة وتجري محاكمتهم في القاهرة، ومحاكمة جماعية لـ600 متهم ستبدأ محاكمتهم الثلاثاء، والتفكير بمواجهة هؤلاء بحكم الإعدام تثير الخوف، وبربريةٌ ولا يمكن تبريرها.
ورأت الصحيفة ولأسباب غير مفهومة أن البيان الصادر عن الولايات المتحدة وبريطانيا، كل على حدة كان ضعيفا وقد عبرا فيهما عن "القلق العظيم" حول
أحكام الإعدام، وبيانات كهذه لن تترك أي أثر على العسكر المصريين أو الشعب المصري الذي يبدو مستعدا للتسامح مع هذه الانتهاكات.