وصفت صحيفة "واشنطن بوست" موقف الإدارة الأمريكية من
مصر وتصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالفارغة، خاصة عندما قال إنه يريد "استقرارا في مصر" والذي ربطه حسب تصريحاته التي أطلقها الجمعة بعملية انتقالية منظمة وانتخابات حرة ونزيهة.
وعلقت الصحيفة على هذه التصريحات بأنها متضادة مع رؤية العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي اجتمع به أثناء زيارته للرياض نهاية الأسبوع الماضي، والذي ضخ المليارات لدعم المشير عبدالفتاح
السيسي منذ أن قام الأخير بانقلابه ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو العام الماضي.
وترى الصحيفة أن الخلافات الأمريكية – السعودية لا تعني الكثير من الناحية العملية، في ضوء إعلان المشير السيسي عن ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستعقد في نهاية شهر أيار/ مايو المقبل. فتحرك المشير الذي يتوقع فوزه وتعزيز
انقلابه يعني أن مصر لن تكون ديمقراطية ولا مستقرة، حتى لو استمرت السعودية والولايات المتحدة في دعمه.
وعلى الرغم من كلام أوباما المؤيد للديمقراطية إلا أن إدارته عبرت عن دعمها العلني لفكرة قيادة السيسي مصر نحو الديمقراطية قبل أن يثبت العكس. وتشير إلى أن المشير ومنذ تموز/ يوليو قاد نظاما مسؤولا عن مقتل أكثر من 2.500 شخص واعتقال 16 ألفا على الأقل، ولم يقتصر الأمر على اعتقال مرسي وقيادات الإخوان، بل وعلى الصحافيين العلمانيين والناشطين الليبراليين في ثورة يناير 2011.
وتحدثت الصحيفة عن الحكم الغريب الذي أصدره القاضي في محكمة المنيا والذي أدان فيه 529 بقتل ضابط شرطة وقرر تحويل أوراقهم إلى المفتي أي الإعدام. وكما وصفت ميشيل دان وسكوت ويليامسون من وقفية كارنيجي الحكم بأن "استخدام النظام للعنف ليس مسبوقا في تاريخ مصر السياسي الحديث".
وتضيف أن إسكات الصحافة المعارضة أدى مع دعم الدولة لحملة دعائية إلى خلق صورة القائد المنقذ والمعبود التي تتمحور حول المشير السيسي، وفي الوقت نفسه تم تشويه وقذف المعارضين له بأقذع السباب.
وبناء عليه تقول الصحيفة إن
الانتخابات الرئاسية المتوقعة في أقل من شهرين لن تكون نزيهة و"كيف تكون كذلك والفائزون في خمس انتخابات عقدت في مصر، الإخوان المسلمون، يتعرضون لاضطهاد عنيف".
وفي الوقت الذي يقول فيه الكثيرون في واشنطن إن الملك عبد الله قد لا يكون معنيا أو مهتما بتحول نظام السيسي نحو الديمقراطية -مع أن الأدارة مطلوب منها تقديم شهادة حول هذا التقدم- لكن المشير السيسي لن يقدم استقرارا، وهذا هو السبب الذي أدى بتراجع التداولات في السوق المالي المصري بعد إعلانه عن ترشحه لانتخابات الرئاسة. كما أن منظور تعافي الاقتصاد المصري في ظل حكمه يظل قاتما.
وتشير هنا إلى أن المشير لم يقدم أي برنامج اقتصادي غير الوعود "عمل، طعام، تعليم، علاج صحي وبيوت ستكون متوفرة لكل المصريين".
وهذه الوعود لا تستطيع إخفاء حقيقة أن النظام منذ الانقلاب اعتمد على التبرعات الأجنبية والقروض. وهذا خلاف ما تحتاجه مصر، فما تريده هو السلام الذي ينعش صناعة السياحة، وإصلاح شديد للسوق الحرة وجذب للمستثمرين الأجانب. والمشير السيسي الملتزم بسياسة القمع وحماية المصالح العسكرية لن يقدم أيا من هذه المطالب الحيوية.
وعلى الإدارة الأمريكية الاعتراف أن المشير السيسي لن يقدم الحكم الديمقراطي الذي ترغب برؤيته في مصر. وهذا يعني قيام الإدارة بوقف كامل للمعونة السنوية وتحويل المصادر هذه لدعم ولادة حركة ديمقراطية صحيحة. وبدلا من عمل هذا، تقول الصحيفة، إن الرئيس أوباما قرر تأبيد فكرة أن النظام الحالي في مصر في طريقه نحو الديمقراطية، والفرق بينه وبين السعوديين يجب أن يكون الصدق. وهذا ليس ظاهرا في الوقت الحالي.