يسود في الأوساط الصحفية والإعلامية
المصرية مخاوف شديدة على حرية
الإعلام بمصر، في حال فوز المرشح عبدالفتاح
السيسي، برئاسة مصر، في الانتخابات المقررة يومي 26 و27 أيار/ مايو الجاري، وذلك بعد أن طالب رؤساء تحرير الصحف المصرية في لقائه بهم الأربعاء، بعدم التركيز على قضايا، كحرية التعبير وحقوق الإنسان والمطالبة بالديمقراطية.
ما هذا الكلام؟
وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن وكالة أسوشيتدبرس، فإن اللقاء الذي عقده السيسي مع 20 صحافيا، واستمر 4 ساعات، وبث على شاشات التلفزة، ونشر على مواقع الصحف، أخبر فيه السيسي هؤلاء الصحفيين بأن ممارسة الحرية يجب أن تكون متوازنة مع مصالح الأمن القومي، وأنه يجب على الإعلام الانشغال بتحشيد الرأي العام خلف "الهدف الاستراتيجي".
وأشار السيسي إلى التظاهرات قائلا لهم: "تكتبون في الصحف، لا صوت يعلو على صوت حرية التعبير! ما هذا الكلام؟ أي سائح سيأتي للبلد، وأنتم تتظاهرون بهذه الطريقة؟ أنتم تعرفون أن هناك ملايين الناس والعائلات الذين لا يستطيعون الحصول على معيشتهم بسبب التظاهرات، فهي صورة من صور عدم الاستقرار".
وطالب السيسي الصحفيين بالامتناع عن شن حملات إعلامية ضد المسؤولين، وإعطاء الحكومة وقتا للعمل، قائلا: "أعطوا المسؤولين فرصة، مثلا أربعة أشهر"، و"إذا كان لديكم قضية ممكن أن تهمسوا فيها في أذن المسؤولين، فإنه يمكن هذا بدون نشرها".
وأخبر السيسي الصحفيين، بأن مصر لا تستطيع تحمل مصاعب أكثر، "أنتم تطالبون بمطالب مثالية في وضع مؤلم، هل هذه ديمقراطية؟".
وأضاف: "أخاف إن نحن مارسنا الديمقراطية أن لا نجد الشعب".
وتابع: "مشكلتنا هي أننا نأتي بصور عن الديمقراطية الغربية التي تعيش استقرارا منذ مئات السنين ورميها على واقعنا"، و"نحتاج إلى ما بين 20 و25 عاما للوصول لمرحلة الديمقراطية الكاملة".
قلق رئيس تحرير صحيفة حكومية
الكاتب الصحفى جمال عبد الرحيم، رئيس تحرير جريدة الجمهورية الحكومية، أعرب خلال حوار عبر فضائية "النهار"، عن تخوفه وقلقه بشأن هامش حرية الصحافة والإعلام في عهد المشير السيسي، إذا ما تولى السلطة، مؤكدا أن توجهات المشير نحو الإعلام قد تبشر بتضييق الخناق على وسائل الإعلام، بحسب تعبيره.
الإعلام.. خبز أم حرية؟
من جهته تساءل علاء الغطريفي، مدير تحرير جريدة الوطن، التي تؤيد الانقلاب، في عموده اليومي الجمعة: "الإعلام.. خبز أم حرية؟"، مستشهدا بما قاله السيسي لرؤساء التحرير، من أن: "حديث الصحف ووسائل الإعلام عن الديمقراطية فقط، دون النظر إلى المشكلات والتحديات المحيطة بالمجتمع، يخلق حالة من الشك والإقلاق للمجتمع، وسيقودنا في النهاية إلى أن مصر ستتقطع".
الغطريفي علق بالقول: "نحتاج إلى تفسير أكثر تفصيلاً من المرشح الرئاسي عما يعنيه هذا الكلام، فالحرية المسؤولة لا يختلف عليها اثنان، فتحميل الإعلام ما لا يحتمل مسألة لا بد من إثارتها للنقاش، فإذا كانت السياسة في الفضائيات فقط، فهي حالة فرضها غياب الأحزاب، ومن ثم بدلاً من إلقاء اللوم على الإعلام، ينبغي أولاً الاجتهاد لبناء السياسة من جديد في مصر!".
وأضاف الغطريفي: "إذا كانت هذه هي رؤية المرشح، فإننا إزاء تسليم بأن الإعلام لا بد أن يلتزم وجهة واحدة، ونسقاً واحداً بالنظر إلى تحديات اللحظة الراهنة، والنسق له معانٍ عديدة، فنظرتنا كإعلاميين لعملنا تختلف بالتأكيد عن نظرة رجل الدولة الذي تعود على الكتمان، البحث عن الخبز لا يعني نسيان الحرية، والحرية لا تعني التظاهر، وتعطيل مصالح العباد فحسب، بل هي مكتسب لا بد أن يراعي المسؤولية الوطنية، ومن ثم فإنه لا بد من اجتهاد مرشح الضرورة للوصول إلى صيغة، وقبلها مراجعة أجندته للوصول إلى إجابات عن كيفية الجمع بين الخبز والحرية؟ كيف نجمع بين العدل والدولة القوية؟ كيف نجمع بين الإتاحة ومقتضيات الأمن القومي؟ كيف نجمع بين البناء وملاحقة الفاسدين؟ كيف نجمع بين الواجب والمسؤولية؟ كيف نجمع بين حق الاعتراض وفكرة الاستقرار؟".
وتابع حديثه: "الإعلام ليس سيدة فاضلة في زمن، وبعدما انتفت الحاجة إليها في زمن آخر تحولت إلى عاهرة، إما أن توأد أو تدخل الحظيرة، يا مرشح الضرورة، عليك آمال كبيرة فلا تخيب فيك رجانا، فالإشارات السلبية كثرت، ولا نريد للرصيد أن ينفد، فالزعامة غير الرئاسة، فللأولى أحكام مثل العشق والهوى، أما الثانية فلها التزامات ومسؤوليات!".
الأمن القومي وحرية الإعلام
في السياق نفسه، تساءل عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، في عموده الجمعة: "كيف يمكن المواءمة بين حماية الأمن القومي، وحماية حرية الصحافة والتعبير؟"، وقال، إنه طرح هذا السؤال خلال لقاء السيسي مع رؤساء التحرير.
وأضاف أن المشير رد بقوله إنه لا يوجد تناقض، وإن علينا أن نحمي الاثنين معا ونحافظ عليهما، أي الأمن القومي والصحافة، وأن نتنبه إلى محاولات هدم الدولة من قبل البعض حتى لو كانت نيتهم حسنة.
وقال: "شخصيا أثق في وطنية السيسي، ورغبته في أن تقف الدولة على قدميها، لكن الواجب يحتم علينا أن نقول له: يا سيادة المشير، إن حرية الصحافة أفضل ضمانة لكي تعرف الصالح من الفاسد، ومن يحب الوطن حقا ومن (يمثل) ذلك".
ثم إن هناك قواعد أساسية استقرت، فإذا تآمرت أي صحيفة أو وسيلة إعلامية ضد الأمن القومي، الذى يحتاج إلى تعريف محددا، وجب معاقبتها بالقانون، وما أكثر القوانين الموجودة لدينا لمعاقبة الصحف والصحفيين.
وأشار إلى أن وجود صحافة حرة أفضل ضمانة لنجاح أي مشروع وطني حقيقي، سواء فاز السيسي أم صباحي، هذه الصحافة الحرة هي التي ستتيح للرئيس ولكبار مساعديه أن يتعرفوا على مواطن الخلل أولا بأول.
تخيلوا أنه لو كانت هناك صحافة حرة في مشروع جمال عبدالناصر! لو حدث ذلك، لما نشأت مراكز القوى، وما حدثت نكسة 1967، وما بقي حول عبدالناصر بعض الانتهازيين والفاسدين والمنافقين، ولصارت مصر مثل اليابان، وكوريا الجنوبية.
واختتم حسين مقاله بقوله: "رغم كل أخطائها وزلاتها ومتاعبها، فإن الصحافة الحرة تظل أفضل داعم للحاكم العادل".
مأدبة الدم على شرف الصحافة
الإعلامي علي زلط لخص لقاء السيسي بالإعلاميين فقال: "مأدبة الدم على شرف الصحافة".
وأضاف: "قدم بضع وعشرون صحفيا وإعلاميا شرف المهنة على طبق من عفن ضمائرهم، ممزوجا بدماء زملائهم هدية للقاتل عبد الفتاح السيسي في مأدبة الدم التي دعاهم إليها".
وأضاف زلط: "شرب هؤلاء من أرواح شهداء الصحافة حتى الثمالة، أسدى حملة المباخر طعنة غادرة لزملائهم في اليوم العالمي لحرية الصحافة والإعلام الموافق 3 أيار/ مايو من كل عام، لقاء السيسي بوفد من إعلامييه صادف يوما يلعن فيه كل الصحفيين في العالم طاغوتا ولغ في دماء ميادة وأحمد عبد الجواد وحبيبة عبد العزيز ومصعب الشامي وأحمد السنوسي".
وتابع: "لم يخل اللقاء من وصايا ألقاها السيسي إلى أذرعه الإعلامية، كما سماها ذات ليلة، فراح أنصاف الرجال ومنجذبات "نوال" يهيمون عشقا في مشيرهم عشية اللقاء، كل في شاشته المسمومة، يحكون لحزب الكنبة عن ثبات الرجل وهمته، وكيف رقّ لحال الغلابة حتى فاضت عيناه، كأن الدم الذي سال ليلة الجمعة 2 أيار/ مايو في حلوان والإسكندرية بفعل رصاص مليشيات السيسي، ليس دما مصريا لغلابة ليسوا عبيدا، خرجوا ينشدون الحرية" .