قال الحبيب
الشوباني، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع
البرلمان والمجتمع المدني، إنه لا يمكن تجميل ممارسات فيها إخلال بالقانون، يقوم بها بعض المسؤولين بالإدارة في علاقتهم بجمعيات
المجتمع المدني.
واعتبر المسؤول الحكومي خلال حلوله ضيفا على منتدى وكالة
المغرب العربي للأنباء صباح الثلاثاء، لمناقشة موضوع "أي آفاق عملية للحوار حول المجتمع المدني"، أن سلوكات من قبيل عدم تسليم الوصلات المؤقتة والنهائية للجمعيات كما ينظم ذلك القانون أو طلب وثائق غير منصوص عليها تعد تصرفات غير مقبولة.
وأضاف الشوباني أن تلك الممارسات فردية ولا تعكس سياسة حكومية، وأن من مخرجات الحوار حول المجتمع المدني أن يتم تحديد المسؤولين المرتكبين لهذه التجاوزات، وكذلك
الجمعيات المتضررة بهدف تفعيل المبدأ الدستوري القاضي بضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأشار إلى أن هذه العناصر وغيرها ستكون موضوع تقرير حول حالة المجتمع المدني، عبارة عن ملحق بتقارير قانون المالية ليكون تحت أعين ونقاش البرلمانيين ابتداء من السنة المقبلة.
الشوباني قدم ذلك جوابا على سؤال الشكاوى المتعددة لجمعيات مختلفة بالمغرب، حول تجاوزات رجال الإدارة للقانون بعدم منحها الوصلات القانونية أو بطلب وثائق إضافية لا ينص عليها القانون.
في هذا الصدد، هدد رئيس جمعية "تمازيغت لكل المغاربة"، حسن بويخف في تصريح لـ "عربي21"، بأن جمعيته في حالة عدم الاستجابة لمطلبها القانوني ستعمد إلى مراسلة جميع الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية بهذا الشأن، مضيفا أنه "سوف نلجأ إلى كل الوسائل المشروعة لانتزاع حقنا الدستوري في هذا الصدد، بما فيها اللجوء إلى القضاء والاحتجاج".
في هذا الإطار أكدت جمعية "تمازيغت لكل المغاربة"، رفض السلطات تمكينها من الوصل النهائي للجمعية رغم إيداعها لملفها القانوني لقرابة السنتين.
وقال الفاعل المدني والحقوقي، للموقع: "استغربنا في مكتب الجمعية التسويف والمماطلة اللذين تتعامل بهما ولاية الرباط مع حقنا في التوصل بالوصل النهائي للجمعية"، موضحا أنه طيلة قرابة سنتين من التأسيس القانوني للجمعية ونفس التعليل تكرره على مسامعنا مصلحة التنظيم والحريات في قسم الشؤون الداخلية بولاية الرباط.
وأضاف أنه ضدا على الدستور والقانون فإن تلك المصلحة تربط بشكل تعسفي بين تمكيننا من الوصل النهائي، وبين رد المصالح الإدارية في ثلاث عمالات على مراسلات تتعلق بالبحث الذي تقوم به وزارة الداخلية بشأن أعضاء مكاتب الجمعيات.
وشدد على أنه بهذه الطريقة تحملنا تلك المصلحة مسؤولية عدم قيام مصالح الداخلية بعملها وفق القانون ومقتضيات دولة الحق والقانون.
من جهته، أصدر المكتب المسير لجمعية "الحرية الآن" بيانا شديد اللهجة يدين في رفض سلطات الرباط تسلم الملف القانوني للجمعية "حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب" لثلاث مرات متتالية، معتبرة ذلك مسا بالحقوق الأساسية التي يكفلها دستور 2011.
وفي ذات السياق، وجّه مجموعة من الحقوقيين والشخصيات السياسية بالمغرب، رسالة شديدة اللهجة إلى وزير داخلية بلدهم، محمد حصاد، مسجلين فيها "إصرار الوزارة على كونها مرجعا للعار في انتهاك الدستور واحتقار القانون".
وأدان الموقعون على الرسالة ما اعتبروه "انقلابا للوزارة على القانون"، وذلك بسبب رفض سلطات الرباط تسلم الملف القانوني لجمعية "الحرية الآن"، لثلاث مرات، وذلك أيام 9-12-14 أيار/ مايو الجاري، وهي التي جعلت من هدفها الرئيسي "حماية حرية الصحافة والتعبير" في المغرب.
وبالعودة للندوة الرئيسية فقد اعتبر الشوباني، أن الحوار حول المجتمع المدني يعد الأول والأطول من نوعه في صلة بالمقتضيات الدستورية الجديدة، وأن العمق الفلسفي للحوار هو جعل الموطن باستمرار شريكا في السياسات العمومية، وهو أحد صمامات الآمان لعلاقة الدولة بالمجتمع المدني لتفادي المفاجآ غير السارة، بأن يتم الترافع والاحتجاج بالقانون وفي إطار دولة المؤسسات.
وشدد الشوباني على أن الحوار الوطني يعد منتوجا مغربيا خالصا، وأنه نضج على نار هادئة وتفادى الضغط الخارجي وأعمل المقاربة التشاركية، وذكر أن الحوار توج بتوصيات مهمة وبموقف ملكي يجعل من 13 آذار/ مارس من كل سنة موعدا للاحتفاء بالمجتمع المدني "وهذا موقف تاريخي ووسام على صدر المجتمع المدني واللجنة التي أنجزت الحوار، كما أنه تكريم للجنة التي اشتغلت في استقلالية تام".
وعن القانون الجديد الذي يحمله الحوار وبعد أن أشار الشوباني إلى أن القوانين الحالية محدودة ومبعثرة، قال إن اللجنة سلمت الحكومة مدونة شاملة للحياة الجمعوية بعشرة أبواب وما يقارب الـ 100 مادة، إلى جانب مشاريع قوانين العرائض والملتمسات وقانون إطار للتشاور، وهي كلها مشاريع قوانين قال إنها ستحال على البرلمان خلال هذه الدورة.
وبخصوص مجموعة من اختلالات المجتمع المدني في صلته بالدولة، قال الشوباني إن استعمال المال العام في السياسة والانتخابات نقطة سوداء لدى المجتمع المدني سيوضع لها حد، مؤكدا أنه لا مصداقية للمجتمع المدني إن لم يكن مستقلا وشفافا وديمقراطيا، وأردف: "نريد مجتمعا مدنيا مؤثرا في صناعة القرار وخادم لوطنه".
وفيما يهم المبالغ المالية التي تتلقاها الجمعيات من الدولة، أكد الشوباني أنه ليس هناك مبلغ مضبوط ولا معروف، معتبرا أن مبلغ 3 مليارات درهم سنويا هو الحد الأدني الذي تم التمكن من تجميعه من خلال طلب معطيات من المؤسسات الحكومية، معتبرا أن الواقعة تشكل ثغرة كبيرة بين الدولة المجتمع المدني، محيلا في هذا الصدد على تقرير للمندوبية السامية للتخطيط أنجز سنة 2009، والذي أكد أن 95 بالمائة من الجمعيات لا تصرح بتمويلاتها، وقال معلقا إن الأمر لا يعني وجود تواطؤ بالضرورة، وإنه يعكس غياب ثقافة تقديم الحساب لدى الدولة والمجتمع المدني.
وعن تمويل الحوار حول المجتمع المدني الذي انطلق شهر آذار/ مارس 2013 واختتم في 21 آذار/ مارس 2014، قال الشوباني إن التكلفة الإجمالية بلغت 17 مليون درهم، 7 ملايين منها دفعتها الحكومة و7 ملايين أخرى دفعها البنك الدولي والبنك الإفريقي خصه بـ 3 ملايين درهم، وذلك ردا على بعض الأرقام الكاذبة والمغلوطة على حد تعبير الشوباني.