قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" في افتتاحيتها أن عبدالفتاح
السيسي، وزير الدفاع
المصري السابق استولى على السلطة من خلال انقلاب عسكري قبل سنة تقريبا. "وسار بمصر بلا هوادة نحو الإستبداد وأدار نظاما بسجل حقوق إنسان يضاهي في وحشيته سجل نظام حسني مبارك، رئيسه السابق"، مضيفة إنه يجب على أمريكا وحلفائها التعامل بحزم أكبر معه.
وقالت "لكون معظم الشرق الأوسط في حالة اضطراب، لم يلاحظ الكثيرون في الغرب الظلم الذي يمارسه نظام السيسي ولو على الأقل أحكام الإعدام لمئات من معارضيه. ولكن سجن ثلاثة صحفيين يعملون لشبكة الجزيرة القطرية سلطت الأضواء مرة ثانية على مخالفات النظام".
فقد حكم يوم الإثنين على الصحفي الاسترالي الحائز على جوائز، بيتر غرست، وزميليه المصريين بالسجن سبع سنوات من محكمة بالقاهرة لنشرهم أخبارا كاذبة ولدعمهم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. ويقول محللون كثر بأن سجنهم كان بمثابة انتقام من نظام السيسي ضد حكام قطر لتأييدهم لمرسي، القيادي في الإخوان والذي أطيح به في انقلاب العام الماضي.
وتقول الصحيفة "ليس هناك أي دليل على أن الرجال الثلاثة ارتكبوا أي جنحة. فمثلا السيد غرست ليس مسلما وقضى وقتا قصيرا في العالم العربي قبل أن يعتقل. وكانت المحكمة عبارة عن تمثيلية هزلية أمام محكمة صورية، فذنب هؤلاء الرجال الوحيد هو أنهم صحفيون ليس إلا".
وتضيف أن "معاناتهم هي مثال آخر على قسوة النظام. وذلك لأن جنرالات النظام يخشون الإخوان المسلمين ويرفضون أي تصالح مع الإسلام السياسي وقتلوا أكثر من 1000 إسلامي بعد استيلائهم على الحكم واعتقلوا 16000 شخص".
و "يستدعي السؤال عن أسلوب تعامل الغرب مع السيسي. فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري كان في مصر نهاية الأسبوع الماضي يعيد "العلاقات التاريخية" بين واشنطن والقاهرة. وقال إن أمريكا ستعيد المساعدات العسكرية التي أوقفتها بسبب الإنقلاب. ويبدو أن السياسة الواقعية التي تنتهجها أمريكا في المنطقة تغلبت على أي التزام تجاه حقوق الإنسان".
و"تواجه سياسات أمريكا في الشرق الأوسط تحديات كبيرة. فمخاطر انتشار الجهاديين تعم المنطقة وتعبر أمريكا السيسي حليفا يعتمد عليه في الحرب ضد التطرف الإسلامي. وتحتاج أمريكا من مصر أن تحافظ على الأمن في شبه جزيرة سيناء الهائجة التي تعتبر أرضا خصبة لمتطرفي القاعدة".
وتدعو الصحيفة الولايات المتحدة وحلفاءها أن يعيدوا النظر في أسلوب تعاطيهم مع مصر وأن يحثوا السيسي على إنهاء تعصبه الشديد ضد المعارضة سواء كانت من الإخوان المسلمين أو من العلمانيين اللبراليين الذين وصلهم سخط حكمه. والنتيجة الوحيدة لسياساته ستكون الدفع بالإخوان المسلمين إلى العمل السري، وهذا بحد ذاته سيقوي حجة المتطرفين الذين يقولون إن الرد المنطقي الوحيد لقمع النظام لهم هو العنف ولذلك فإن أعمال العنف الجهادية ستكون هي الطريق الوحيدة للرد.
كما تقول إنه على الغرب أن يتعامل مع السيسي ورعاته الخليجيين بصرامة أكبر. ويجب على الولايات المتحدة أن تربط أي مساعدات عسكرية مستقبلية لمصر يعتمد على إشراك النظام لمعارضيه. وعلى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن يعيد النظر في قراره التحقيق في إمكانية تشكيل الإخوان المسلمين خطرا لأمن بريطانيا. فهذه لم تكن سوى لعبة علاقات عامة لإرضاء دول الخليج ولكنها قد تعطي السيسي الانطباع بأن الغرب راض عن قمعه.
وكانت مصر مضطربة منذ ثورة 2011. ولكن على الغرب أن يتخلص من فكرة أن الأوضاع في مصر ستكون على ما يرام إن استقرت تحت حكم رجل قوي. فمصر ستستقر فقط إن استوعبت كل مكونات المجتمع وتجاوبت مع مطالب مواطنيها. وأول خطوة على الطريق هي إطلاق سراح كل من اعتقلتهم الدولة التي تتمادى في استبدادها بتهم مفبركة.