يتعرض قيادي شهير بالإخوان المسلمين في
مصر لحملة انتقادات عنيفة من معارضي الانقلاب بشكل عام وأعضاء الجماعة بشكل خاص بعد نشره مقالا طالب فيه بالخضوع لعبد الفتاح السيسي أول رئيس لمصر بعد الانقلاب.
ودعا الدكتور "
راغب السرجاني" في المقال الذي نشره بموقعه الخاص "قصة الإسلام" بعنوان "والله أعلم بالظالمين" إلى طاعة ولي الأمر وعدم معاداته حتى ولو كان ظالما باعتباره حاكما مسلما، وحذر من خطورة تكفير السيسي أو إعلان الجهاد ضده أو حث الشباب على الشهادة وبذل النفس في مواجهة الانقلاب.
والسرجاني هو طبيب ومدرس بكلية الطب بجامعة القاهرة، وله مؤلفات ومحاضرات مصورة وبرامج تلفزيونية عديدة في مجال التاريخ الإسلامي، وكان من أبرز أعضاء الجماعة الذين روجوا للرئيس محمد مرسي خلال حملته الانتخابية وطاف معه معظم المحافظات.
وفي مقالة الأخير قال إن "أخطر المخالفات أن نخلط بين الظلم الواقع من كفار لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وبين الظلم الواقع من المسلمين أنفسهم، لأن هناك فروقا فقهية هائلة بين الحالتين"، موضحا أن "الرسول لم يعلن الجهاد إلا على الكفار فقط".
وانتقد ما أسماه الخطأ الفادح حيث يقوم بعض المسلمين "بشحن الشباب في قضية قتال وجهاد ونفير وشهادة في مواضع، بينما السنة تقتضي عكس ذلك"، مضيفا أن "نتيجة الشحن الخاطئ للشباب سيكون إما الجهاد في غير موضعه، بكل تبعاته على الأمة، وإما اللجوء إلى تكفير الحاكم والحكومة والأعوان، وكلا الأمرين خطأ.
واستدل السرجاني بحديث نبوي يدعو فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي "حذيفة بن اليمان" إلى طاعة الأمير، قائلا: " تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك".
شرعنة للخنوع؟
وقوبل هذا الطرح من الدكتور راغب السرجاني بعاصفة من الانتقادات من جانب مناهضي
الإنقلاب واعتبروه خذلانا للحق، واتهموه بمهادنة الظالمين والدعوة للخنوع في مواجهة الحاكم المستبد، في موقف مشابه لما ينادي به قيادات حزب النور السلفي.
واشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بالمناقشات الساخنة حول المقال الأخير للسرجاني، بين أغلبية رافضة وأقلية مدافعة عنه تلتمس له العذر وتذكر المنتقدين بتاريخه الطويل في الدعوة ومواقفه السابقة.
وكتب الناشط الحقوقي "هيثم أبو خليل" عبر "فيس بوك" يقول: "نصيحتي للدكتور راغب السرجاني: خليك يا دكتور أفضل في تخصصك في المسالك البولية، بلاش اجتهاداتك الفاشلة التي تنمّ عن قراءة سطحية مبتورة في أمور التعامل مع الظلم والظالمين، مهزلة تقسيمك لمقاومة الظالمين لطريقين لا ثالث لهما إما أن يكونوا كافرين فنجاهدهم أو مسلمين فنصبر عليهم، وتساءل "كيف يكون سيد الشهداء سيدنا حمزة ومعه رجل قام لحاكم ظالم فنهاه فقتله؟.
وكتب المؤرخ "محمد الجوادي" عبر "تويتر" قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله، راغب السرجاني كتب بئس المقال، دين الله أتى ليحرر عباد الله من عبادة العباد لعبادة رب العباد لا لتشريع الظلم".
وكتب الشيخ "عصام تليمة" الباحث الإسلامي ردا على "السرجاني" أكد فيه أن "كلامه ينطوي على مغالطات كبيرة وجهل صارخ بالقرآن الكريم والسنة، مشيرا إلى أن النصوص التي يستشهد بها تعرض إسلاما يقف بجانب الظالم، فيقوم هذا الحاكم باغتصاب النساء وسفك الدماء بدم بارد وسجن المواطنين وتشريدهم، ثم يطالب المظلومين بالصبر".
وعلق الدكتور"وصفي أبو زيد" الباحث في مقاصد الشريعة الإسلامية بقوله " تزداد قناعتي يوما بعد يوم بأن من لم يتخصص في العلوم الشرعية منذ بداية مشواره العلمي فإنه يأتي بالعجائب حين يتحدث في الفقه والفتوى على وجه التحديد، ومن تحدث في غير فنه أتى بالعجائب، وليس أعجب مما نسمعه اليوم ونقرؤه من غير المؤهلين للفقه والفتوى، الذين أنصحهم بأن يتركوا الفقه والفتوى لأهل الفقه والفتوى".
وذهب عدد من شباب
الإخوان إلى اعتبار مقال السرجاني يأتي في إطار عام يمهد لصفقة بين الدولة والجماعة تنهي حالة الإنقسام التي تعيشها مصر، قائلين إن المقال يتزامن مع إطلاق سراح بعد القيادات المعتدلة وطرح عدد من المبادرات للمصالحة كان آخرها مبادرة البرلماني السابق "محمد العمدة".
وهاجم الناشط "أحمد المغير" السرجاني قائلا: "المقالة دي في إطار التمهيد الإعلامي لصفقة الخيانة بين قيادات الإخوان والغرب".
واتهم عضو مجلس الشعب السابق "عمرو عبد الهادي" السرجاني بالطمع في تولي منصب جديد فكتب على "تويتر": "أظن كده بعد مقال راغب السرجاني أصبح كفؤا لمنصب وزير الأوقاف الجديد".
السرجاني يناقض نفسه
اللافت للانتباه أن السرجاني ناقض بهذا المقال، بشكل واضح، رأيا سابقا له حين كتب قبل تنحي مبارك بيومين مقالا في بعنوان "إنها ليست فتنة" قال فيه أن من يزعمون أن الثورة على مبارك فتنة يجب اجتنابها هم مخطئون، وحث الشباب على مقاومة نظام مبارك بكل السبل لدفع الظلم عنهم وعن بلدهم.
وتداول النشطاء مقال "إنها ليست فتنة"، واعتبروا أن هناك تناقضا صريحا في مواقف السرجاني بين عامي 2011 و2014 وأن المقالين متعارضين تماما.
وقال الدكتور "فاضل سليمان"، مدير مؤسسة "جسور" للتعريف بالإسلام: "أول ما تبادر لذهني هو سؤال للدكتور راغب نفسه: ممن نطلب العلم يا دكتور، من السرجاني نسخة 2011 أم من السرجاني نسخة 2014؟".
ولم يكن هذا أول تناقض للسرجاني، حيث نشر بعد أحداث الإتحادية في عام 2012 مباشرة محاضرة بعنوان ''هل الرئيس مرسي قوي أم ضعيف'' أكد فيها أن الرئيس قوي ويسيطر على مقاليد الحكم بالدولة، لكنه عاد وكتب منذ أسبوعين مقالا بعنوان "وأخذ برأس أخيه" أشار فيه إلى أن الرئيس مرسي كان ضعيفا ولم يحسن إدارة الدولة مبررا الانقلاب عليه.