يأمل المسؤولون في
ليبيا أن يتعافى إنتاج
النفط في البلاد التي لا تزال تمر باضطرابات سياسية وأمنية، حتى يتقلص عجز
الموازنة خاصة في ظل تحفظ البنك المركزي في تمويل الموازنة.
ورغم ارتفاع إنتاج النفط في البلاد بعد عودة العمل في
الموانئ النفطية شرق البلاد إلى نحو 750 ألف برميل حاليا، إلا أن صعوبات
تسويقه تبقي خزانات النفط ممتلئة تبحث عن زبائن لشرائها.
وفي منتصف العام 2013، استولى مسلحون على أربعة موانئ نفطية شرق البلاد، مطالبين بإنشاء إقليم في برقة (شرق ليبيا)، ليتراجع إنتاج النفط في البلاد إلى 150 ألف طن يوميا، قبل أن يتحسن الإنتاج بعد انتهاء حصار الموانئ منتصف العام الجاري.
وتصنف ليبيا كثاني منتج للنفط في أفريقيا بعد نيجيريا، و يبلغ الاحتياطي النفطي بـ47.1 مليار برميل، إلا أن الطاقة الإنتاجية الحالية تمثل 50% من الطاقة الإنتاجية الطبيعية للبلاد مقارنة بعام 2012، والتي بلغت وقتها 1.5 مليون برميل يوميا.
وتتوقع المؤسسة الوطنية للنفط زيادة إنتاجها إلى مليون برميل مع نهاية العام الجاري، ويكتسب الخام الليبي أهمية في السوق العالمي لجودته، حيث أنه يحتوى على نسب منخفضة من الكبريت، والذي يحتاج إلى عملية تنقية سهلة قياسا بالخام المشحون بالكبريت.
ومنذ نحو شهر، رفعت القوة القاهرة عن ميناء السدرة، ولم تسوق ليبيا سوى 1.8 مليون برميل من خزنات الميناء الذي يتواجد به ما يقرب 4.5 مليون برميل من خام البرنت، وفقا لتصريحات مدير ادارة التخطيط والمتابعة بوزارة النفط الليبية، إبراهيم العوامي.
وقال العوامي، إن عدم استقرار البلاد يعيق جهودنا في تسويق النفط في السوق العالمي، بالإضافة إلى تشبع السوق.
وأضاف أن عملاء ليبيا السابقين يبحثون عن بدائل أخرى الآن، بعد إغلاق موانئ تصدير النفط بما يقرب من عام، ما جعلهم يفقدون الثقة، ولكن هناك مساع للعودة، ولكنها تسير بشكل بطيء.
وعلى الرغم من إنهاء حصار المسلحين على موانئ النفط شرق ليبيا منذ حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن شهية الشركات النفطية العالمية لم تعود بعد، نتيجة الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار في البلاد.
وتمثل عائدات النفط في ليبيا نحو 95% من إيرادات الدولة، كما أنها المصدر الوحيد للعملة الصعبة في البلاد.
وأدى الانخفاض في صادرات النفط، العام الماضي إلى تراجع معدلات النمو، كما أثر على احتياطي مصرف ليبيا المركزي من النقد الأجنبي الذي وصل إلى 107 مليار دولار خلال آب/ أغسطس الماضي، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، والذي بلغ وقتها 132.5 مليار دولار.
وأنذر مصرف ليبيا المركزي مؤسستي التشريع (البرلمان) والتنفيذ (الحكومة) من عواقب إغلاق الحقول والمرافق النفطية، وعدم تحصيل الرسوم السيادية، كالضرائب، على الأنشطة الاقتصادية المختلفة والبضائع المستوردة، بعد انخفاض الناتج المحلي بنسبة 60% هذا العام مقارنة بعام 2013، ووصول نسب العجز إلى 80%.
ويصرف البنك المركزي حاليا على الميزانية العامة، فيما يتعلق بالباب الأول الخاص بالمرتبات، والرابع المتعلق بالدعم، أموالا يصل إجماليها إلى 35 مليار دينار فقط خلال العام الجاري، بينما جمد باقي الأبواب المتعلقة بالنفقات التشغيلية ومشروعات التنمية للمحافظة على العجز المالي.
وكان المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان المؤقت)، قد أقر في 22 حزيران/ يونيو الماضي، الموازنة العامة الليبية لعام 2014، التي أعدتها حكومة تسيير الأعمال برئاسة عبد الله الثني، بقيمة 56 مليار دينار ليبي (46.2 مليار دولار) وبعجز قدره 16 مليار دينار (13.2 مليار دولار).
وتعتزم الحكومة طرح أذونات خزانة عبر المصرف المركزي لسد عجز الموازنة.
وقال وزير المالية الليبي، مراجع غيث، إن هناك إمكانية تخفيض العجز المالي إلى أربعة مليارات دولار، في حالة تعافي إنتاج وتصدير النفط في البلاد، خاصة أن بلاده لم تنفق سوى 41% من حجم الإنفاق المقدر في الموازنة خلال ثمانية أشهر الأولى من العام الجاري.
وأوضح الوزير أن إنتاج النفط ارتفع من 200 ألف برميل إلى 750 ألف برميل حاليا، متوقعا تحسنه خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر بمليون برميل يوميا في حالة استقرار الأوضاع في موانئ تصدير النفط.
ومنذ الإطاحة بالرئيس الدكتاتوري الراحل معمر القذافي في عام 2011، تشهد ليبيا انقساما سياسيا بين التيار الليبرالي وتيار الإسلام السياسي، زادت حدته مؤخرا وسط عمليات مسلحة للسيطرة على المناطق والمؤسسات؛ ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته، الأول هو البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق (شرقا)، وحكومة عبدالله الثني (استقالت مؤخرا وجرى تكليف الثني بتشكيل حكومة جديدة)، ورئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري، والثاني هو المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته هذا الشهر) ومعه رئيس الحكومة المكلف من قبل المؤتمر عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش (المقال) جاد الله العبيدي.